مقاومة الضعفاء... لا يستهان بها

بقلم: وفيق زنداح

لمن لا يعرفون ... وربما لا يعلمون ... لانهم لم يقرأون ... نؤكد لهم ان مقاومة الضعفاء... وبلورة مواقفهم ... تتشكل بحالة رفض تفرضه ظروفهم وارادتهم ... حتى على أكبر قوة في هذا العالم .

أمريكا الدولة العظمي التي تعزل دوليا ... وتقف امام العالم بوقاحتها ... ومن خلال مندوبتها بالامم المتحدة ما بعد استخدامها لحق النقض الفيتو.... بأنها (لا تشعر بالخجل) .

الوقاحة الامريكية ... يقابلها وقاحة وغطرسة اسرائيلية عبر عنها نتنياهو .... بشكره لمندوبة الولايات المتحدة ... ويقول لها

(لقد اشعلتي شمعة من الحقيقة وبددتي الظلام) .

هل هناك أكثر من مثل هذه الوقاحة الامريكية الاسرائيلية ... بكل الاحوال ليس موقفا غريبا ومستهجننا مثل هذه المواقف ومثل هذه الاحاديث .

أمريكا الدولة العظمى تعزل دوليا ... وتقف امام العالم لتدافع بوقاحة نادرة ... ولتبرر موقفها بصورة غير مألوفة ... بأن استخدامها لحق النقض الفيتو خدمة للسلام ... وتعطي الذرائع والمبررات حول قرارها الظالم والمتناقض مع القانون الدولي .

لم تنجح امريكا في استعطاف العالم ... كما لم تستطع ان تستعطف اعضاء مجلس الامن ... لكنها بالتأكيد تمكنت من استعطاف نفسها ومحاولة تبرير اكاذيبها ونفاقها ووقاحتها على نفسها وذاتها باستخدامها لحق النقض الفيتو ضد المشروع المصري بشأن القدس .

وكما امريكا تستمر بعزل نفسها ووضع مصالحها بمواجهة العالم بأسره ... تستمر بوضع نفسها بحالة تناقض وتجاوز للقانون الدولي وقرارات الشرعيه الدولية التي وافقت عليها سابقا .

أمريكا المعزولة والمتناقضة مع ذاتها بحكم ادارة غير متوازنة التقت مع دولة معزولة ومتناقضة وخارجة عن سياق التاريخ بحكم وجودها على انقاض شعب اخر ... وعلى حساب حقوق شعب اخر ... وتتعامل وكأنها صاحبة الحق والتاريخ ... وهي ليست ذات علاقة لا بالحقوق ... ولا بالتاريخ الا بجانب ظلمها وجرائمها وعنصريتها وارهابها .

ان يدافع الرئيس الامريكي ترامب عن دولة الكيان وأن لا يعتبرها مهددة للسلام بالمنطقة ... وان يحاول خداعنا وتضليلنا وصناعة اعداء لنا ... ومحاولة الخلط والازدواج والانفصام بوضع ايران وداعش امامنا باعتبارهم الاعداء ... وان اسرائيل هي الصديق والمساعد على أمن واستقرار المنطقة ... فنحن نقول لا اسرائيل .. ولا حتى ايران ولا حتى الارهاب الداعشي والتكفيري يساهمون باستقرار وأمن المنطقة ... لكن هذا الخلط المقصود .... انما يؤكد على ان داعش وامثالها هم صناعة امريكية استخبراتية تم الدفع بهم لاثارة القلاقل وعدم الاستقرار ... وحتى تمرر امريكا مشاريعها ومؤامراتها بما يخدم مصالحها .. وبطبيعة الحال بما يخدم المصالح الاسرائيلية لدولة الكيان .

اما بخصوص ايران والاختلاف معها بالرؤية والسياسة وما تطمع به ... وما تحاول تمريره من بعض الفتن المذهبية والتهديد لدول المنطقة ... وما ترتكب من اخطاء سياسية فهذا لا يضع ايران موضع العداء ... لكنه يضعها بموضع الاختلاف الفكري والسياسي وهذا ما يمكن ايجاد الحلول له بالطرق السياسية وعبر القنوات الدبلوماسية وبما يخدم جميع الاطراف .

أما داعش وامثالها فهى قوى ارهابية تكفيرية تعمل على التخريب والتدمير والقتل بالعديد من المناطق العربية وحتى على مستوى العالم خدمة لمصالح امريكية صهيونية .

امريكا وقد عزلت نفسها ... وانعزلت بقوة الرفض لقرار رئيسها ... تقف اليوم بمواجهة العالم بأسره ... وتعيش حالة تناقض مع القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ... هذه العزلة الامريكية التي يشكر فيها نتنياهو المجتمع الدولي قائلا

( شكرا ترامب ... فالحقيقة هزمت الاكاذيب ).

هل هناك اكثر وقاحة واكاذيب وعنصرية تمارسها امريكا كما دولة الكيان المعزولة ايضا عن واقعها المحيط بها ... والمتناقضة من داخلها ... والى درجة ان التاريخ سيكتب عن انهاءها بفعل عوامل تضاربها ... وصراعها الداخلي ... بما يخدم اصحاب الحق التاريخي بهذا الوطن المسلوب .

ان يصل الحال بامريكا الى الغاء زيارة نائب الرئيس الامريكي للمنطقة ليس أمرا سهلا على دولة عظمى ... وان يكون من حقيقة اسباب التأجيل او الالغاء عدم الترحيب به .... وعدم قبول استقباله لا في فلسطين ولا بأي منطقة اخرى فلا شيخ الازهر يريد استقباله .... ولا البابا تواضروس يريد استقباله ... ولا حتى بيت لحم وكنيسة المهد تقبل باستقباله والصلاة فيها ... ولا حتى حائط البراق الفلسطيني المقدسي يريد ان يقف امامه نائب الرئيس الامريكي الذي يجب ان يتأكد ان الارض فلسطينية عربية كما حائط البراق جزء من الاقصى والقدس العربية ... وهو ليس كما يدعي ويكذب المزورين للتاريخ والكاذبين على انفسهم وعلى غيرهم بانه (حائط المبكى) كما يزعمون وبكذبون .

الزمن والتاريخ كاشف للمواقف ... وللحقيقة ... وليس بالقوة المادية العسكرية والاقتصادية يمكن ان تفرض الوقائع ...وان يسجل بالتاريخ ما ليس صحيحا .. لان محاولة الابتزاز السياسي والاقتصادي وممارسة الضغوط على الدول الشقيقة لا يمكن ان يمرر الرواية الامريكية الصهيونية .

لقد استمرت المواقف الامريكية على حالها منذ عقود مضت ولم يحدث عليها ادنى تغير يذكر منذ وقوفها ضد مصر لبناء السد العالي ... وحتى مشاركتها غير المباشرة وتغطيتها للعدوان الثلاثي بالعام 56 ... وحتى مشاركتها المباشرة ودعمها لعدوان 67 ... وحتى مشاركتها المباشرة لانقاذ دولة الكيان بحرب اكتوبر 73 وما بينهما من سياسات مكوكية ومبادرات سياسية قام بها روجرز وزير الخارجية الامريكي الاسبق ... وهنري كيسنجر وزير الخارجية الامريكي الاسبق ... والتاريخ حافل بالعدوان الامريكي على العراق وعلى العديد من الدول العربية الشقيقة

مسلسل الدعم والانحياز الامريكي لصالح دولة الكيان ضد مصالح العرب والفلسطينيين سياسة مستمرة ومتواصلة حتى وصلنا للمحطة الاخيرة ... والتي لها ما بعدها ... بعد ان تعرفنا على ما قبلها ... من تاريخ طويل وحافل من الانحياز والعداء الامريكي باستخدام حق النقض الفيتو ضد المشروع المصري بخصوص القدس .

فهل امريكا تريد معاداة العرب للابد ؟! ام تريد الابقاء على حالة الخداع والتضليل ؟! أم تريد الابقاء على حالة الانحياز المطلق لدولة الكيان تحت شعار (السلام والامن) ؟! أم تريد الابقاء على سياسة القوة والابتزاز وممارسة الضغوط لتركيع الضعفاء وتفتيتهم وتخويفهم من خلال ارهاب مصنع بمصانعهم ومن خلال اجهزتهم ومن لف بلفيفهم .... عبر القاعده وداعش وامثالهم .

بكل الاحوال امريكا تعرف جيدا انها غير مرغوب بها بالمنطقة ... وان الشعوب ترفضها وتلفظها ... كما تعرف امريكا ان العرب يعرفون جيدا انها تختلق الازمات والصراعات والفتن وتغذي الارهاب وتعمل على اشعال الحرائق ... حتى تقوم بالمساعدة على اطفاء جزء منها .

سياسة امريكية قديمة جديدة ومكشوفة ... اكتشفها الضعفاء بمراحل متعدده ... لكن الضعفاء لن يستمروا على ضعفهم ... كما الاقوياء لن يستمروا بقوتهم ... فالتاريخ والزمن كفيل بأن يجعل من الضعيف قويا ... ومن القوي ضعيفا .

ونحن اذ نقدم نموذجا لشعب محتل ... يقاوم بالحجر وباشارة النصر والعلم .. حتى اننا نقاوم ونقدم على مذبح الحرية والاستقلال الشهيد ابراهيم ابو ثريا شابا دون ساقين ويجلس على كرسي مقعد ويرفع شارة نصره وعلم وطنه ... رافضا لقرار ترامب كما رافضا لقرار استمرار الاحتلال .

هذا الايمان ومن خلال هذا الشاب المقعد دون ساقين ... ارادوا ان يقتلوه بسلاح امريكي وبقناص اسرائيلي ... ارادوا ان يفتتو ما بداخل عقله ... من سجل تاريخي لعداء امريكي ولاجرام اسرائيلي ... انهم استهانوا بالضعفاء ... لكن الضعفاء لن يستمروا على ضعفهم ... كما الاعداء الاقوياء لن يستمروا على قوتهم ... والتاريخ بيننا .

بقلم/ وفيق زنداح