السنوار ... تجديد للامال ... وتصويب للطريق

بقلم: وفيق زنداح

حماس لن تعود الى حكم غزة او ادارتها ... ولن تكون طرفا بالانقسام بعد الان ... هذا ما جاء بحديث فائد حركة حماس بالقطاع يحيى السنوار أمام مؤسسات المجتمع المدني بمدينة غزة ... مؤكدا ان قرارا حماس استيراتيجي ولا عودة عنه ... وستنسحب من المشهد نهائيا ... على حد تعبيره .. معتبرا ان الانقسام اضر بحماس كحركة مقاومة ... واضر بالشعب الفلسطيني ومشروع التحرر الوطني ... أبلغ الضرر .

لذا يجب ... كما يقول القائد السنوار ... ان ينتهي الانقسام للابد ... والى غير رجعه ... مهما كانت الظروف والاثمان التي يجب دفعها حسب قوله .

مؤكدا ان حماس قدمت كافة التسهيلات والتنازلات ... ومستعده للمضي قدما في هذا الطريق وبطبيعة الحال يقصد طريق المصالحة حتى النهاية ... مؤكدا ان ما صدر من ترامب من قرار مشؤوم يتطلب الاسراع بخطوات المصالحة ... وانهاء هذا الفصل المأساوي من تاريخ شعبنا .. ويشكل فرصة لتجاوز الضغوط لعرقلتها ... مبديا خشيته من ان فشل المصالحة الحالية سيكرس الانقسام لسنوات عديده ... مما سيكون له نتائج كارثية ... لذلك لن تكون حماس جزءا من هذا المشهد المدمر .

بداية فانني على ثقة بكل ما يقوله هذا الرجل القائد الوطني يحيى السنوار ... ليس لمعرفة شخصية ... وليس بناءا على معلومات مؤكدة .. كما ليس بناء على تجربة طويلة مع رجل قائد ظهر بالاونة الاخيرة ... وامتلك من شجاعه القول ... ما لفت فيها الانتباه ... مما جعل لنفسه مكانة مرموقة ... وثقة قلما نجدها ... مما تجعل بأقواله ما يثير فينا ... ومن داخلنا شغف الكتابة والتعليق ... والتأكيد بما يصرح به ... لاننا نشعر بصدق توجهاته من خلال عباراته المحدده ... والتي لا تقبل التأويل والتحويل والتحوير ... وبالتأكيد لا تسير على قاعدة التضليل والخداع ... بما يتميز به الرجل من صدق اقواله ... منذ بدايات تصريحاته وصدق نواياه ... وصوابيه توجهاته .

الرجل يقول بصريح العبارة ... ان حماس لن تعود لحكم غزة او ادرارتها ... ولن تكون طرفا بالانقسام ... كلام واضح وصريح .. ولنا عليه تعليق ... ليس من باب التشكيك ... لكن من باب التاريخ ومجريات الاحداث ... وما قيل بالسابق من قبل حماس انها ستترك الحكومة .. ولن تترك الحكم .... والواقع قد شهد عدم ترك الحكومة ... وحتى عدم ترك الحكم .. فماذا كانت النتيجة ؟!

خسارة حماس لبعض شعبيتها ... واهتزاز صورتها ... وزيادة الاعباء علينا ... بل زيادة الكوارث والازمات ... التي لا زلنا نعيشها بكافة فصولها وتفاصيلها التي يعرفها الجميع .

ان يقول القائد الوطني يحيى السنوار بكل هذا الوضوح ... وبكل المكاشفة والشفافيه والصراحة ... كلاما يؤكد على شجاعته وصدق نواياه ... كما يؤكد على صدق توجهاته .. وصوابية الطريق التي يسلكه ... بحرصه على شعبه وحتى بحرصه على حركته ... في ظل اخطار ومخاطر تزداد ولا تقل ... وفي ظل ازمة وازمات يعيشها الاسلام السياسي كما باقي الافكار والايدلوجيات في ظل واقع اقليمي متقلب ... وفيه من المحاور المتضاربة ... والتي لا تخدم ... ولا تساعد ... على حسم قضيتنا وتحقيق مشروعنا الوطني .

تأكيد القائد يحيى السنوار ان القرار استيراتيجي بعدم العودة للحكم ... والخروج نهائيا ... وعدم اعتبار نفسها طرفا بالانقسام .... يعبر عن قراءة سياسية عاقلة ومتأنية ومتوازنة بحكم مجريات احداث جارية ... ولا زالت تجري ... كما تعبر عن حرص مسبق لحركة سياسية فلسطينية اسمها حماس لا نريد لها الا الاستمرار كحركة وطنية ... ولا يتمنى احد منا لهذه الحركة بتضحياتها وقوافل شهداءها ... ان تشطب او تغيب عن المشهد في ظل ظروف حالكة الظلام ... لكننا نريد لهذه الحركة ان تعزز من طريق مستقبلها ... من خلال احكام واقعها ... ومدى قدرتها على تحديد اولوياتها السياسية ... من خلال الفعل الملموس وعدم الاستمرار بخلط الخيارات والوسائل ... مع الاهداف السياسية وان تحدث من خطابها السياسي والاعلامي ... وان لا تخرج بخطاب سياسي يمكن ان يحسب عليها .... وان يضعف من وجودها ... وان يغيبها من المشهد رغم ارادتها ... وليس بفعل قرارها ... في ظل وافع لا نحسد عليه ... وتهديدات متواصلة ... واقليم ليس بأحسن احواله ... وعالم متقلب .... لا عدل يحكمه ولا قانون يلزمه .

نحن لا نقبل بالمجازفة بمرحلة حاسمة وخطيرة ... كما لا نتحمل الاخطار والمخاطر التي يمكن ان تشطب أي حركة سياسية فلسطينية ... رغم ما يجري من شطب دول بأكملها وحركات سياسية كبرى عمرها بعمر قضيتنا .

القائد يحيى السنوار اتخذ قرار الانسحاب الاستيراتيجي بما يخدم المستقبل الاستيراتيجي ... وهذا ذكاء وطني محمود ... وفعل جيد ومطلوب ... وادراك عقلي متوازن ... لقائد شجاع يتجاوز خطاب المرحلة ... لمرتكزات خطاب المستقبل .

حماس وقد اخطأت ... واوقعت نفسها بضرر كبير وخسائر جسيمه كان بامكانها تجاوزها ... وعدم دفع ثمنها ... لكنها بفعل قرار خاطئ وخطيئة سياسية وقانونية قامت بفعلها بيونيو 2007 ... وما سبقه من احداث كانت تؤكد على ان القادم خطير ... وانا احد الكتاب الذين تحدثت ما قبل يونيو ... كما ما بعد يوم من يونيو بأن( حماس قد وقعت بالفخ ) او على(الاصح قد تم ايقاعها بالفخ) والفارق واضح ... والنتائج وقد اصبحت على مسمع ومرأى الجميع .

لان الضرر الذي وقع بحماس ليس كحركة مقاومة فقط ولكن كحركة سياسية لها مستقبلها السياسي ... الذي كان أقرب للحكم بحكم قرار شعبي ديمقراطي ... والذي أبعدها ما بعد انقسامها وتجربة حكمها ... التي فشلت فيها ... وما بعد بعض ممارساتها التي تجاوزت فيها .

حركة حماس حركة وطنية فلسطينية ومشروع سياسي له قاعدته الجماهيرية ... كما انها مشروع مقاوم ... الا انها يجب ان تحذر من حالة الخلط ما بين المقاومة باعتبارها وسيلة نضالية ... وما بين الاهداف السياسية ومدى وضوحها وتناغمها مع الحالة الدولية والقرارات الاممية .... وحتى المواقف العربية والاسلامية اذا ما اضفنا قرارات مؤسسات الشرعيه الفلسطينية .

لكن السؤال سيبقى ملحا وضروريا وهاما حول مدى قدرة حماس على احداث متغيرات جوهرية بمواقفها بما يعزز من وجودها ... وبما يحقق ويساعد على انجاز المشروع الوطني التحرري ؟! ... وهل حماس تمتلك القدرة على عدم تكرار اخطاءها السياسية واستيعاب تجربتها واستخلاصات الدروس المستفادة من تجربتها .

اعتقادي الجازم ... انه طالما هناك قادة بحركة حماس مثال القائد الوطني يحيى السنوار فأن بأمكان حماس ان تعزز من وجودها ... لا ان تغيب نفسها عن المشهد ... ان تعزز من قوتها بأولويات السياسة قبل غيرها ... وبتحديث المواقف وشراكتها وعضويتها بالمؤسسات الوطنية والشرعية الفلسطينية ... وان لا تترك نفسها لرياح عاتية وعواصف لا نعرف مداها وتأثيرها على حماس وعلى المشروع الوطني بأسره .

انهاء الانقسام والى غير رجعه ... كما انهاء الخلاف الى غير رجعه كما انهاء المناكفات والمزايدات وسياسة التصيد والافشال ومحاولات تعزيز ثقافة منح شهادات الوطنية لمن يقف معنا ... وشهادة التخوين لمن يختلف معنا ... ثقافة تحتاج الى اعادة تصويب وتجديد بمفرداتها والية فكرها ... فالجميع وطني وحريص ولكل منا فكره واجتهاداته واسلوب عمله ... وليس عيبا تعدد افكارنا واجتهاداتنا واساليب فعلنا ... الا ان لكل مرحلة متطلباتها ... واولوياتها .

نحن اليوم امام قادم اخطر ... وواقع خطير ونعرف ما نمتلك ... كما نعرف ما يمتلك غيرنا ... فالحسابات السياسية ومعادلاتها ليست عيبا او تراجعا ... كما انها ليست تنازلا او تخاذلا ... لكنها محاولة صريحة مع الذات ... ومع الواقع ومتطلباته لاجل مستقبل ننشده ... ونسعى للوصول اليه من خلال نقاط متراكمة لانجازات يتم اكتسابها ما بين مرحلة واخرى .

ما قاله الاخ يحيى السنوار بمجمل كلامه ومواقفه ... كلام يجدد الامال ... ويبدد المخاوف ... ويصوب الطريق... لكن هذا يحتاج الى اليات عمل من الكل الوطني... حتى لا يبقى احد متفرجا وشاهدا وليس فاعلا ومنجزا لمشروع وطني ... الجميع منا يتمنى تحقيقه .

بقلم/ وفيق زنداح