ليس المطلوب وضع الولايات المتحدة في عزلة فهذا ليس سهلا وليس أيضا المقاومة مطلوب منها أن تنتصر على إسرائيل لإن هذا ليس سهلا أيضا وخاصة في هذه الظروف ولكن المطلوب أن نتصدى بكل الأدوات رغم الثمن الذي سندفعه كشعب وقيادات بشرط أن يوازي عملية التصدي بكل الأدوات تطهير النظام السياسي الفلسطيني من حالة الضعف والفساد والفئوية والإنقسام بسرعة وهذا يحتاج ثورة حقيقية لتصحيح المسار رغم أيضا الثمن المطلوب لذلك والعيش على وهم الانتصار في الجمعية العامة التي لن تحرر فلسطين ولن تنشيء دولة ولن ترجع حقوقا سلبت تحمي سببها قوة وإمكانيات وتماهي مع دولة إسرائيل مثل الولايات المتحدة ولأن هذا التصحيح في مسار بالثورة ولن يأتي بالديمقراطية فهو يتطلب أن تتشكل قوة منظمة من الشعب الفلسطيني تحمل على عاتقها عملية التطهير المطلوبة فالقيادات الفاشلة بتلاوينها لم تعد تحكم كما السابق رغم صلافتها ودمويتها والشعب الفلسطيني لم يعد يرضى بما يفعله المتنفذون بتلاوينهم كما السابق والمطلوب أن جماعة ثورية حقيقية تعد نفسها للإنقاذ ولذلك فإن صعوبة الحالة الفلسطينية تكمن في غياب قوة حديدية منظمة تنظيما عاليا تستقطب رضي الجمهور الفلسطيني وتبدأ العمل للإنقاذ وهذا يتطلب شرطا ليس مستحيلا تحققه وهو أن تكون هذه القوة المنظمة لها قيادة حكيمة نظيفة مدركة لمهامها القاسية والناعمة وعلى إستعداد لدفع ثمن النهوض بالواقع الفلسطيني على الصعيد الشخصي والجماعي فليس من قوة أخذت على عاتقها النهوض بمجتمع وقضية لم تعلق لها المشانق ولكنها حررت شعوبها وأوطانها .. هذا هو الطريق المطلوب وإن قل ساليكيه في هذه الأيام فهل من قوة منظمة وقادة عظماء جاهزون لخوض معركة النهوض؟ هذا هو وضعنا وإلا فخطط ب وج وأمم متحدة لن تنهض بقضيتنا ... هذه هي الثورة الثانية أو الثورة الدائمة التي تصحح المسار الذي نحن فيه ودون ذلك ستمر الأيام ويصبح المفروض واقعا وسيندم الشعب الفلسطيني على وقت ثمين ذهب أدراج الرياح وأضاع الوطن والقضية والأجيال.
أنا لا أتصور أن إدارة ترامب سوف تسامح الدول التي صوتت بجانب القرار وهي حذرت وهذه الإدارة خارجة عن العرف السياسي وهي حالة فريدة في النظام السياسي الأمريكي وسوف تأخذ خطوات نحو هذه الدول وتمنع عنها المساعدات وخاصة الدول النامية ... أما ما قالته المندوبة الأمريكية فهو في فهمهم وسيطرتهم على كثير من مفاصل السياسة وخاصة المنظمات الأممية فهي تعبر عن الصلف وستعيق كل إمكانية لتنفيذ أي قرارات ونحن في عصر جديد وهذا لا يعني أنه ليس في إمكان العالم التصدي للمواقف الأمريكية لهذه الإدارة ولكن هناك ثمن سيدفعه العالم كله من حروب جديد على منطقتنا وعلى كوريا الشمالية وفي النهاية ستدفع أمريكا ثمن تصرفات هذه الإدارة المتوحشة والعالم سيدخل مرحلة قد تؤدي لحرب عالمية ثالثة
وبإختصار شديد جدا الولايات المتحدة مستمرة في خطتها ولا تتصرف عشوائيا وستضاعف من قوة موقفها مع إسرائيل ولذلك التصدي للخطة الأمريكية لا يجب أن يشوبها التردد الذي يظهره البعض بإمكانية طرحها لما تدعيه من صفقة القرن وإن كانت صفقة حقيقية ولكن المؤشرات تدل على أن حتى الصفقة يشارك بها بعض العرب وقد يتجاوب معها بعض الفلسطينيين بحجة إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
عملية التصدي التي بدأت منذ الإعلان عن القدس عاصمة لإسرائيل لا تكفي والتردد يجب ألا يعيق المسيرة مطلوب تصعيد الانتفاضة واستخدام كل أدوات النضال هذا على المستوى الفلسطيني ولكن كما تحدثت ليس بهذه القيادات التي أوصلتنا لحالة الضعف بل بقيادة جديدة تأخذ على عاتقها تطهير النظام السياسي الفلسطيني وليس كما هو شائع تطوير النظام السياسي كذبا حيث كلمة تطوير هذه كلمة لن تحقق نهوض وتصدى في وجه المخطط الأمريكي ومطلوب من العرب المؤيدين للحق الفلسطيني تصعيد الموقف في كثير من المجالات للضغط بقوة حقيقية على موقف الولايات المتحدة وهذا له مجالات عدة تبدأ من المقاطعة الاقتصادية والعلمية والسياسية مرورا بإغلاق السفارات وانتهاء بمنع تفريغ السفن والطائرات التجارية الأمريكية في الموانئ والمطارات العربية واستمرار العمل على تطوير مواقف الدول الأوروبية والآسيوية والأفريقية واللاتينية لمقاطعة أمريكا فيما تستطي
الرد والتصدي ليس مطلوبا في يوم تظاهري أو احتكاكي بل هو يحتاج خطة يضعها أي خبير فلسطيني والخطة تتضمن التالي تصحيح الوضع الفلسطيني وهذا يحتاج قوة ثورية منظمة جاهزة لقيادة العمل الفلسطيني بعيدا عن النظام الفصائلي والسلطة وهو ثورة ثانية تأخذ على عاتقها قيادة هذا الشعب من الغد وإلتفاف الجماهير حولها ممكن بتقديم شخصيات جديدة مغرية لشعبنا لتقود العمل بشكل مختلف يتضمن الاشتباك السياسي والشعبي والعسكري مع الاحتلال وتتجاوز النظام السياسي كله أي ثورة جديدة بعيدة عن نمط الفصائل والسلطة وخطوة خطوة ستجد مقاومة من النظام البائد نعم لكن الشعب سيقف خلفها بعد كل هذه السنين من الفشل والمعاناة وهذه القيادة الجديدة تجدد نفسسها تلقائيا في الميدان وتقود حركة الشعب الفلسطيني من الآن فصاعدا.
بقلم/ د. طلال الشريف