من الواضح للقاصي والداني أن الاستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط ، تقوم على الهيمنة والسيطرة على الثروات الطبيعية ( النفط والغاز ) ، ونشر القواعد العسكرية للاطاحة بالانظمة السياسية الوطنية ، وضرب قوى المعارضة والمقاومة ، التي لا تروق لها ، كسوريا مثلاً وحزب الله ، ومشاركة الكيان الاسرائيلي في حروبه العدوانية ضد الشعب الفلسطيني ، وحركات المقاومة العربية ، واعادة رسم خريطة الشرق الاوسط الجديد .
وكان اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة قد أقنع ودفع الرئيس الامريكي بوش في حينه ، بشن الحرب على العراق وشعبه بهدف تدمير جيشه ومنجزاته الحضارية وتراثه واسقاط نظامه السياسي بقيادة صدام حسين ، ورسخوا القناعات لديه أن العراق أهم من افغانستان .
وتشكل المصالح والمخططات الامريكية أهم أسس استراتيجية الولايات المتحدة ، وتبني المواقف الاسرائيلية مهما كانت وحشية وهمجية ، وتتنافى مع المواثيق والعهود الدولية .
وما يميز سياسة أمريكا الخارجية هي الغطرسة ، وشن الحروب العدوانية ، واذلال الشعوب وتدمير منجزاتها ، ونهب ثرواتها ، وكل هذا تحت يافطة وباسم الدفاع عن الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان والحفاظ على السلم العالمي ..!
لقد شنت الولايات المتحدة مع قوى التحالف حربها العدوانية الشرسة على العراق ، ودمرت حضارته ومنجزاتة وبناه التحتية ، ونهبت أمواله ، ومارست حرب الابادة الجماعية بحق شعبه في الفلوجة وغيرها من المدن والمحافظات العراقية ، واطاحت بالنظام السياسي ، واعدمت الرئيس العراقي صدام حسين في ليلة العيد ، وكل ذلك بذريعة امتلاك العراق لاسلحة الدمار الشامل ، وعلاقته بتنظيم القاعدة ، وتخليص العراق وتحريره من نظامه الديكتاتوري المستبد ، وأيضاً فعلت بليبيا ما قامت به في العراق بناء على طلب وتوجه مما يسمى الجامعة العربية ، وبمشاركة قطر والامارات وبدعم من آل سعود .
وتسعى الولايات المتحدة القضاء على ما تبقى من حركات تحرر وطني ، وقوى وطنية وتقدمية ، وأنظمة عربية مقاومة وممانعة لا تسير في الركب الامريكي ، وذلك بالحجة الواهية مكافحة الارهاب ودول محور الشر سوريا وايران وتنظيم حزب الله في لبنان ، فضلاً عن تهويد القدس ، والاعتراف بها عاصمة لاسرائيل ، ودعم الاستيطان الكوولوينالي في الضفة الغربية .
ولذلك فان الولايات المتحدة تحاول جاهدة التخلص من الورقة الفلسطينية ، بعد فشلها القضاء والاطاحة بالنظام السوري ، وتصفية القضية الفلسطينية ، وتكريس الاحتلال الاسرائيلي للمناطق الفلسطينية ، ضمن السياسة التي ينتهجها ترامب ، وفي صلبها اعترافه بالقدس كعاصمة لاسرائيل ونقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس ، اضافة الى تشكيل حلف دنس مع السعودية واسرائيل ودول الخليج العربي لمواجهة ايران وحزب الله في المرحلة القادمة القريبة ، وهذا ما كشفت عنه الزيارة السرية التي قام بها الامير بندر بن سلطان قبل فترة وجيزة لتل أبيب ، وحمل معه ملفات سرية وحساسة تتعلق بالأمن القومي السعودي والخليجي .
وعليه فان الاستراتيجية الامريكية في الشرق الاوسط لا تكترث لاهمية احتياجات دول المنطقة ، ولا تهتم بشعوبها وقضاياهم واحتياجاتهم ، وانما وفقاً ما يحمي المصالح الامريكية والاسرائيلية فقط ، ولذلك فان سياسات امريكا تتغير وتتلون كالحرباء مع كل الدول ، ولكنها تظل وتبقى ثبتة وراسخة تجاه ما يحقق مصالح وأهداف واشنطن وتل أبيب ، والمطلوب من دول المنطقة بناء استراتيجياتها وسياساتها وتحالفاتها وفقاً لظروف ومتطلبات المرحلة ، وطبقاً لمصالحها واحتياجاتها والمخاطر والتحديات المقبلة والمحتملة ، دون أن تعول على دور راعي البقر الامريكي .
بقلم/ شاكر فريد حسن