قال السنوار في تصريحات له أن حركته لن تعود لحكم غزة . وبعد أيام قال أحد نواب حركة حماس أن حركته تفكر بالعودة إلى اللجنة الإدارية . ومن ثم طالب بعض القيادات في حماس بتشكيل حكومة إنقاذ . وكل هذه التصريحات تتزامن مع تمكين حكومة الوفاق في غزة . إذن فمن حق المحكوم أن يسأل . من الذي سيحكم غزة ؟
يحيى السنوار قائد حركة حماس في قطاع غزة . إن تصريحاته الأخيرة حول فشل المصالحة بين حركتي فتح وحماس ليس غريبة عن المشهد الفلسطيني . لأن الشعب الفلسطيني لا يزال قلق من هذا الموضوع ويتوقع الفشل في كل لحظة . ولكن الأغرب في تصريحات السنوار هي حالة التناقض الواضحة والضعف على قدرة السيطرة . ولهجة اليأس الذي كان يتحدث بها . السنوار وفي سياق الحديث كان يناشد المنظمات الشعبية ومؤسسات المجتمع المدني . والإتحادات والنقابات . والهيئات المستقلة والقوى الفاعلة في الداخل والخارج للتدخل في إنقاذ المصالحة . والسؤال ؟ ماذا ستفعل هذه المؤسسات لإنقاذ المصالحة ؟ هل ستجلس معكم في الحوارات القادمة وتشارك في إتخاذ القرارات؟ أم ستتدخل عن طريق الفعاليات والتظاهرات . فإذا كانت هذه المؤسسات مهمشة من الأصل . ولا تملك أي قرار سوا الفعاليات الداعمة للمصالحة التي كنا نراها في العشر سنوات الماضية ولا من أحد يستجيب لها .
وما لفت نظري أيضا في التصريحات أنها جاءت بعد يومين من تصريحات سبقتها في إحدى الندوات . عندما أكد السنوار بأن حركة حماس قررت أن لا رجعة للإنقسام وأنها لم ولن تعود إلى حكم غزة .
وأيضا بالأمس كان تصريحا لأحد نواب حركة حماس بأن حركته قد تعود لخيار اللجنة الإدارية في حال فشل المصالحة . السؤال هنا . إذا فشلت المصالحة من سيحكم غزة طالما أن حماس لن تعود إلى الحكم .
ما نسمعه في وسائل الإعلام كل يوم . فهذا دليل على حالة التناقضات الواضحة في مواقف حماس في كتابة السيناريوهات القادمة .
وما يلفت نظري في الموضوع أيضا . أن حركة حماس ربطت تسليم المواقع الأمنية وعودة ما تبقى من موظفين السلطة المدنيين إلى وزاراتهم برواتب موظفين غزة . والتي من المفترض أن يتم صرفها من صندوق حكومة الوفاق حسب ما تم الإتفاق عليه في القاهرة . مع أننا كنا نسمع طوال العشر سنوات حماس تقول أن موظفين السلطة لا يستحقون الرواتب لأنهم جالسين في البيوت . والأن نرى عدم رغبة حماس بعودة موظفين السلطة إلى مؤسساتهم . ما هذا التناقض الغريب .
ومن باب الإنصاف . إن دوامة التناقضات في ملف المصالحة . لا تقتصر على حركة حماس فقط . فهناك تناقضات واضحة في مواقف حركة فتح أيضا . وخاصة بما يخص رفع ما يسمى بالعقوبات . فكل يوم نسمع تصريحات تختلف عن ما سبقها . بالأمس القريب إنتشرت تصريحات على لسان القيادي في حركة فتح أحمد حلس . بعودة رواتب موظفين السلطة كاملة مع باقي الحقوق والمستحقات . وبعدها بيوم نفى وكيل وزارة المالية هذا التصريح . وأيضا هناك تصريحات كثيرة في ملف المصالحة نسمعها ونسمع نقيضها في نفس اليوم .
إننا بالفعل نعيش في حالة دوامة من التصريحات المتناقضة من الطرفين .
وهذا دليل واضح أن العقلية السياسية الفلسطينية غير ناضجة لإدارة ملف المصالحة . وأن المخابرات المصرية هي من تدير ملف المصالحة . وعدم وجود المخابرات المصرية تحت أي ظرف سيفشل المصالحة .
إن الأيام القادمة ستشهد تطورات مهمة في ملف المصالحة . والسبب ليس الإرادة الحقيقية . إنما الإدارة الحقيقية وخاصة بعد تحذيرات السنوار من إنهيار المصالحة . وايضا الشهور الماضية كشفت بعض الثغرات ونقاط الضعف لدى الطرفين . وحركة حماس وصلت رسالة واضحة للجميع . أن المصالحة لن تتم إلا بدفع كامل رواتب وحقوق موظفيها . ومن هنا وضعوا النقاط على الحروف .
بقلم/ أشرف صالح