كارثة قضائية : محكمة النقض الفلسطينية تحرم العمال من مكافاة نهاية الخدمة .

بقلم: حسام عرفات

اصدرت محكمة النقض الفلسطينية مؤخرا قرارا في القضية الحقوقية رقم 660/2014م بتاريخ 7/2/2017م اعتبرت فيه ان العامل لايستحق مكافاة نهاية الخدمة اذا لم يكن قد امضى سنة كاملة في عمله في مخالفة صريحة لما استقرت عليه المحكمة في قراراتها السابقة ، وفي تفسير جديد وخاطيء لنص المادة 45 من قانون العمل الفلسطيني التي جاء فيها :

(للعامل الذي أمضى سنة من العمل الحق في مكافأة نهاية خدمة مقدارها أجر شهر عن كل سنة قضاها في العمل على أساس آخر أجر تقاضاه دون احتساب ساعات العمل الإضافية، وتحتسب لهذا الغرض كسور السنة).

وفي قرارها المشار اليه اعلاه فان محكمة النقض الموقرة اعتبرت – وفي تفسيرها لنص المادة 45 انفة الذكر-  ان  " المشرع قصد من عبارة " الذي أمضى سنة في العمل" الواردة في نص المادة 45 من قانون العمل الفلسطينيي أن على العامل ان يمضي سنة كاملة في العمل حتى يستحق مكافأة نهاية الخدمة ، أما بالنسبة لعبارة "كسور السنة" الواردة في ختام المادة (45) من قانون العمل فان الثابت مما هدف اليه المشرع من النص على هذه العبارة يفيد ان يتم احتساب كسور السنة لغايات مكافاة نهاية الخدمة وذلك عن الفترة التي تلي السنة الاولى من العمل و/أو أي كسر لاحق لتلك السنة" .

والحقيقة ان مايلفت الانتباه في هذين القرارالخطير هو خروجه على مااستقرعليه الفقه وقضاء المحكمة نفسها من ان العامل يستحق مكافاة نهاية الخدمة بقدر المدة التي امضاها في العمل حتى لو كانت اقل من سنة ، وقد حسمت محكمة النقض هذه المسالة حيث حكمت في احدى قراراتها وبشكل لايحتمل اللبس بان :  (المشرع الفلسطيني لم يشترط أن يمضي العامل سنة كاملة في العمل حتى يستحق مكافأة نهاية الخدمة، فإذا كانت مدة العمل أقل من سنة فإنه يستحق نسبة من أجرة الشهر تعادل المدة التي قضاها في العمل، وذلك استنادا إلى نص المادة (45) من قانون العمل رقم 7 لسنة 2000م)".(انظرحكم محكمة النقض  المنعقدة في  رام الله  في الدعوى الحقوقية رقم 623 لسنة 2011 ، الصادر بتاريخ 4/12/2012).

 واستقرت محكمة النقض الفلسطينية على هذه الاحكام ، حتى ان بعض الفقه يعتبر ان العامل يستحق مكافاة نهاية الخدمة في فترة التجربة ، على اعتبار ان مكافاة نهاية الخدمة هي بالاساس بدل تعويض عن الفترة الزمنية التي يمضيها العامل من عمره لدى صاحب العمل .

ان هذا القرار يشكل ضربة كبيرة للطبقة العمالية ولحقوق العمال لانها فسرت النصوص القانونية لصالح اصحاب العمل في حين ان القاعدة العامة في تفسير النصوص القانونية في المسائل العمالية ان تفسر النصوص لمصلحة العامل .

وفوق كل هذا فان المحكمة الموقرة بقراراتها تلك وقعت في تناقض كبير مع قرارات سابقة ، وهي بحاجة لازالة هذا التناقض بان تعقد هيئتها العامة وتفصل نهائيا بهذا الامر-كما فعلت بشان اعفاء اجر ساعات العمل الاضافي من الرسوم -  لما يمكن ان يسببه هذا التناقض من اشكالات اقتصادية وقانونية واجتماعية تهدد الاستقرار بكامله .

وبرايي فان مكافاة نهاية الخدمة تستحق للعامل بقدر الفترة التي قضاها في العمل دون الحاجة الى مرور سنة على عمله ، لان القول بغير هذا يحرم كل العمال الذين يعملون بعقود مؤقتة او عقود محددة المدة لمدة تقل عن سنة من مكافاة نهاية الخدمة ، وهذا لاينسجم ابدا مع فلسفة المشرع .

وقد كنت قد اشرت في كتابي "شرح قانون العمل الفلسطيني" الى هذه المسالة بالتفصيل واعتبرت ان المكافاة تستحق للعامل في كل الحالات بما فيها فترة التجربة وبغض النظر عن مدة العمل .
بقلم المحامي حسام عرفات