العرب بين القرن الأمريكي والتركي !!!

بقلم: وفيق زنداح

ليس من باب الصدفه هذا التحرك التركي الاردوغاني الاخواني ... صوب السودان الاخوانية وجزيرة سواكن على البحر الاحمر ... كما ليس من عوامل الصدفة هذا الوجود العسكري التركي بقطر كما ليس ضربة حظ هذا الوجود الايراني لدعم الحوثيين باليمن ... وبالتأكيد ليس صدفة هذا الوجود المشترك الايراني التركي بمنافذ البحر الاحمر ... باب المندب وخليج عدن .

اذا ماذا وراء هذا التحرك ؟! ما بعد تسريب بنود صفقة القرن الامريكية ... وكأن المنطقة ما بين قرن امريكي وقرن افريقي .. هل هذا في اطار الصدفة البحتة ... ام في اطار المخطط المدبر ... الايام والاشهر القادمه ستؤكد حقيقة التوجهات والنوايا والاهداف .

تركيا تحاول تبسيط الامور باتفاقيات اقتصادية مع السودان المقسم بشماله ... والذي سمح بعهد البشير ان يقسم السودان ما بين الشمال والجنوب ... كما بعهده الميمون تمنح جزيرة سواكن على البحر الاحمر للتواجد التركي ... وكأنها محاولة تركية سودانية لترميم مجد تاريخي مضى منذ العام 1821 – 1825 ... بمحاولة اعادة مجد امبراطورية عثمانية ... زالت ولن تعود ... ولم يعد لها قائمة ووجود ... فلا يعقل لهذا الاردوغاني الذي يحاول التلاعب على اوتار الخلافة الاسلامية... وكأنه المدافع الاول عن القدس وهو الاكثر علاقة استيراتيجية مع دولة الكيان ... كما الاكثر علاقة استيراتيجية مع الولايات المتحدة .... كما الاكثر عداء للمنطقة العربية ... والتي يدخلها عبر جزيرة سواكن السودانية على البحر الاحمر ... ومن خلال تواجده العسكري بقطر ... بعد ان تدخل وتوغل وسيطر على بعض شمال العراق وشمال سوريا ... وبعد ان سمح وفتح حدوده لقوى الارهاب التكفيري بالتحرك وتنفيذ مخططات ارهابية سادت المنطقة العربية ... وحتى تجاوزتها الى القارة الاوروبية .

تركيا التي تحاول تضليلنا بأن القدس قبلتها ... كما تحاول طهران ان تضللنا ايضا بأن القدس قبلتها ... ومسعاهم المشترك لتحريرها واعادتها الى خلافة المسلمين .... وهم بالحقيقة ابعد ما يكونوا عن القدس وقبلتها والسعي لحريتها ... ولا يغرنا عقد المؤتمر الاسلامي بتركيا ... كما لا يغرنا مجمل الشعارات والاقوال والتصريحات والتي زلزلت الارض والسماء .... ولم تصل الى حد الاستماع اليها ... ولا التحرك نحوها ... بل كان الشعار القدس ... ولكن الحقيقة كان التوجه الى البحر الاحمر الى حيث جزيرة سواكن .... والى حيث المصالح الاستيراتيجية ومحاولة تطويق بعض الدول العربية وخاصة السعودية ودول الخليج ومصر وبطبيعة الحال باستثناء قطر التي فتحت قواعدها للقوات التركية وللحماية التركية وما قبلها الحماية الايرانية .

مخطط مكشوف اطرافه ايران ,تركيا , قطر , التنظيم الدولي للاخوان , هناك لاعبين اساسيين وهناك اوراق تستخدم ... بمحاولة العمل على توتير الامور ... واحداث القلاقل ... وايجاد المخارج لحالة قائمة ضاع فيها الاخوان ... ومحاولة اعادتهم ... الى حيث كانوا ... بمحاولة تعزيز التواجد التركي الاخواني ... كما التواجد والنفوذ الايراني الشيعي ... في ظل اللاعب القطري الصغير الذي يريد ويسعى لان يحرز هدفا بمرمى الخليج والسعودية على وجه الخصوص ... حتى تصلهم الرسالة حول امكانية قطر ان تتلاعب بالورقة الاسرائيلية الامريكية .... كما الورقة الايرانية التركية الاخوانية ... وما وراء كل ذلك من ضغوط واهداف يمكن ان يصفق لها جمهور المشاهدين بكأس العالم .

لعبة كبرى لا تقل بخطورتها عن صفقة القرن .. من خلال عنوانها القرن الافريقي ... وما بينهما من ابواب ومنافذ استيراتيجية على البحر الاحمر ... تهدد مصالح أمنية قومية لدول كبرى مثل مصر والسعودية والامارات .

المسعى التركي لتطويق الدول العربية من كل اتجاه ... كما المسعى الايراني لتعزيز الاطماع واستمرار التهديد عبر اليمن الحوثيين ... وان اختلفت المنطلقات لكن الاهداف تصب بمجملها لصالح امريكا واسرائيل .

كل هذا التحرك التركي صوب السودان الشمالي المنقسم عن جنوبه ... لاجل دعم سد النهضة وسرقة مياه النيل ... ومحاولة ابتزاز مصر وتهديد أمنها القومي .... من خلال دولة اسمها السودان التي كانت جزءا من مصر عبر التاريخ ... ولم تكن تركيا جزءا من تاريخنا او من منطقتنا ... الا من خلال امبراطوريتها القديمة البائدة ... وخلافتها الزائلة الى غير رجعه .

تركيا العثمانية ... كما ايران الفارسية ... وما بينهم ممن يقفون خلف المرمى مثال قطر والتنظيم الدولى للاخوان لعلهم يجدون فرصة متاحة ليدخلوا مع الفريق الاساسي بعد طول انتظار .

هذا التحرك التركي صوب البحر الاحمر من خلال السودان ... كما التحرك الايراني صوب اليمن من خلال الحوثيين والسعي للمنافذ الاستراتيجية بباب المندب وخليج عدن ...الا يهدد اسرائيل و يزعج امريكا ؟! .

بالتأكيد تركيا وايران لا يهددون الا العرب ... ولا يزعجون امريكا ... وطالما ان التحرك في سياق المخطط والمدبر ... لممارسة اعلى درجات الضغط السياسي والامني على السعودية ومصر ودول الخليج ... في اطار ما يبث ويسرب حول صفقة القرن والسلام الاقليمي ... واهمية الحماية الامنية لبعض الدول التي بحاجة اليها في ظل تركيا التي تقترب ... كما ايران التي تتواجد ... مما يزيد من الخناق ... ويعجل من أمر السلام الاقليمي الذي يحفظ أمن تلك الدول ... وبطبيعة الحال باستثناء مصر التي تعتمد على قوتها وارادة شعبها وسياستها وحكمة قيادتها القادرة على اختراق كافة الحواجز والموانع والمحافظة على امنها القومي والاستيراتيجي ... وحتى مساعدة الاشقاء العرب للحفاظ على امنهم وعدم تركهم لقمة سائغه لاطماع تركية ايرانية ولتلاعبات قطرية اخوانية .

هل حقا اردوغان وتركيا وقد قطعوا كل هذه المسافة وعملوا على الاستيلاء على جزيرة سواكن لاجل راحة المعتمرين والحجاج الاتراك ... الى هذا الحد الاستخفاف بالعقول ... والى هذا الحد الاستهتار بالامن القومي العربي ؟! .

تركية وايران يلعبون لعبة اليمن ... كما لعبة جزيرة سواكن وما بينهما قطر والاخوان ... هل من منطلق طائفي شيعي وسني ؟ ام من منطلق استيراتيجي يحقق اطماع ايرانية تركية داخل المنطقة العربية ؟! . احيانا تكون العناوين فيها من التضليل الى الحد الذي يخدع الى حد كبير ... فالمسألة ليست طوائف بقدر انها مطامع ومصالح استيراتيجية ... واغراض مدبرة ضمن استيراتيجية امريكية اسمها صفقة القرن والسلام الاقليمي ... والتي تصب بمصالحها النهائية لصالح دولة الكيان ... وما يمكن ان يتحقق من زيادة حالة الاشتعال داخل المنطقة من خلال بؤر التوتر... كما بؤر الارهاب التكفيري ... وما يمكن ان يزعزع من أمن واستقرار بعض الدول ... وزيادة مخاوفها ... وبالتالي سيكون الحل امريكي اسرائيلي ... امريكيا من خلال صفقة القرن والحل الاقليمي واسرائيليا من خلال تطبيع وتبادل تجاري وتنسيق امني مع بعض دول المنطقة ... من هنا تكون البداية حول صفقة القرن والسلام الاقليمي ... وحتى القرن الافريقي ... وما يجري اعداده وترتيبه من وجود تركي سيلحق به وجود ايراني هو موجود بالأصل .

اذا المشهد داخل الساحة العربية عناوينه بارزة والتي ستبقى متداولة بمنشتات الصحف ... وعلى رأس نشرات الاخبار هو الارهاب التكفيري الاسود ... الذي يزداد ويتنقل ما بين منطقة واخرى ... كما التواجد الايراني بالعراق وسوريا ومع اختلاف هذا التواجد ... كما التواجد التركي بشمال العراق وشمال سوريا والبحر الاحمر بجزيرة سواكن وبالمنافذ الاستيراتيجية بباب المندب وخليج عدن ... في ظل لعبة قطرية اخوانية صغيرة بصغرهم ... وكبيرة بكبر المؤامرة ... لعل وعسى ان تعود على قطر بفائدة فك حصارها وعودتها لخليجها ولدورها الداعم والمستمر للارهاب ... وللتنظيم الدولي للاخوان والذي وجد نفسه مبعثرا ومشتتا ما بين الدوحة واسطنبول ... ولعله يكون احد المستفيدين من تقلبات المنطقة وعودة عقارب الساعه للوراء وامكانية خلط الاوراق ... في ظل استحالة عودة عقارب الزمن للوراء ... بعد تجربة مريرة ... واستخلاصات لا زالت قائمة .

كل هذا وامريكا ترامب المستفيد الاقتصادي الاول ... كما نتنياهو الذي يأمل بالسلام الاقليمي ... وما يمكن احداثه من مخاوف تزيد من الشكوك والتأكيد على ان ما يجري داخل المنطقة لا يتعدى ان يكون مصلحة امريكية اسرائيلية ... فيها من اللاعبين الاقليميين بكبارهم وصغارهم ... لكنهم بالنهاية لاعبين احتياطيين ... وليسوا لاعبين اساسيين ... بما يمكن ان يتحقق من حصاد نهائي ... في ظل مركز الثقل الفلسطيني ... الذي تتجاذبه كافة الاطراف حتى يصب لصالح طرف دون الاخر .. في ظل التأكيد الفلسطيني ان مركزيتنا ... وقرارنا ... واستقلاليته ... صوب القدس وحقوقنا الوطنية الثابتة .

بقلم/ وفيق زنداح