نقول لأبناء شعبنا الأبي في فلسطين المحتلة وفي القدس العاصمة, إصبروا, وصابروا ورابطوا إن الله مع الصابرين, وهو خير القائلين في محكم كتابه العزيز : وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنّ اللَّهَ بمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ [آل عمران: 120] فإحتلال المدينة المقدسة لن يدوم طويلا, فهذا عهد, ووعد ممن خلق السموات والأرض وهو الوعد الحق, وليس وعد المأفون ( ترمب ), فكم من إمبرطورية إحتلت هذه الارض المباركة أقامت وسادت ثم بادت, وأقول لهم ما قالته الشاعرة شريفة السيد : أخي في القدس لا ترحل= تَشَبَّثْ، أمسِك الأرضَا
وكُنْ لو قيَّدوكَ مُـدًى = تجزُّ القيدَ لا تـرضَـى
ونسرًا في سـماء الحق = فوق القهر مُنقضَّـا
بأســــنانٍ مُدَّببـةٍ = تعضُّ قلوبهم عضَّــا
وكُنْ في ظلمة الأيـامِ = ومضًا عانقَ الومضـا
***
وخُضْ بحرًا إذا زجُّوكَ = فيه واصل الخوضَـا
وكُنْ سيلاً من النيرانِ = كمْ جاء الرَّدى فيضـا
وبركــانًا يُشــتِّتُهُمْ = وينشُرُ فيهم الفوضـى
ترابُ الأرض صاحَ الآنَ = كيف نبدِّدُ العِرضـا
أخي في القدس لا ترحلْ= تشَّبثْ وامسِك الأرضا.
* * *
ليعلم الرئيس الامريكي " ترمب" وإدارته, ونتنياهو" وحكومته الفاشية, وبعض الصهاينة العرب بأن القدس سرها يكمن بأنها كانت وما زالت وستبقى شرارة الثورات والهبات في وجه الغزاة على مدار التاريخ, فهي تمتلك سرّ إشعال الثورات, وإيقاظ الضمائر, واستنهاض الهمم, وتوحيد الجهود لنصرتها بما تكتنزه من رمزية ومكانة وهبَها إياها ربّ السموات والأرض منذ فجر الخليقة,حيث تعد المكان الأقدس للمسلمين بعد مكّة المكرمة والمدينة المنورة؛ فهي أوّل وجهة توجّه لها المسلمون في صلاتهم لقرابة العام حتى فتح وتطهير الكعبة من الأصنام والتوجّه لها, وهي مسرى النبي العربي الأمين صلوات الله عليه وسلم , منها عرج إلى السماء, ليحظى بشرف اللقاء, ويدنو من سدرة المنتهى, بين يدي رب الأرباب, وبعدها ليعقد قمة مع الأنبياء والملائكة, قمة ربانية نصب فيها رسولنا الكريم عميدا وزعيما لكامل الأنبياء والبشر. أما بالنسبة للمسحيين فيها كنيسة القيامة,بالإضافة الا أنها تضم عددا من المعالم الأخرى منها طريق الألآم الذي له قدسية كونه سار عليه سيدنا عيسى ابن مَرْيَم عليه السلام.
إن وعد ترمب ونقل السفارة الامريكية الى مدينة القدس هو إعتداء همجي على الشعب العربي الفلسطيني والأمة العربية وعلى الإسلام والمسيحية، ومكانة القدس في هذين الدينين, وانتهاك صارخ للقانون الدولي, ومبادئه ومقاصده, وحق الشعوب في تحرير أراضيها, و تقرير مصيرها, وإطلاق الرصاص على ما يسمي بعملية السلام برمتها, وقيادة العالم الى جحيم يسود فيه الاٍرهاب الدولي، ويسود فيه قانون الغاب بإسم الدفاع عن قانون الفوضى وتزييف الحقائق والتاريخ الذي تحاول هذه الدولة المارقة التي تدعى "إسرائيل" فرضه.
وهو كذلك انتهاك لقرارات الجمعية العمومية للأمم المتحدة ومجلس الأمن ذات الصلة، خاصة عدم جواز إحتلال الأراضي بالقوة، وعدم جواز تغيير البنية الجغرافية والديموغرافية والثقافية والسياسية للمناطق المحتلة.
حقا ان ترامب فقد المصداقية, هذا إذا كانت موجودة من قبل .. وأمريكا صارت لعبة بيد مجرم حرب اسمه نتنياهو .. فهل ستبقى هذه المهزلة سيدة الموقف, أم أن السيد ترمب سيرفع رأسه قليلا ليرى العالم بعينين حقيقيتين ويتوقف عن الكيل بمكيالين ( طبعا هذا مستحيل ) ؟؟.. شكرًا لكل الدول التي صوتت في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح الحق الفلسطيني, ووقفت الى جانب حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه ومقدساته رغم التهديد والوعيد الترامبي, وبهذا التصويت يعتبر القرار الأمريكي لاغي وليس له قيمة ومجرد حبر على ورق ليس إلا ، وشكرا للدبلوماسية الفلسطينية وعلى رأسها السيد الرئيس محمود عباس" أبا مازن الذي سجل هدفا في مرمى نتياهو وحكومة الأبرتهايد.
ختاما : القدس كانت ومازالت و ستبقى عاصمة أبدية لفلسطين, والإحتلال مهما طال فهو زائل لا محال, وحتما سيرفع علمنا الفلسطيني فوق القيامة والمسجد الأقصى المبارك وتقام الصلوات فيه وتفتح ابوابه للعاكفين والقائمين والركع السجود!. إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا.
بقلم/ فراس الطيراوي