لا يعني من خلال عنوان المقال انه لم يتحقق شئ يمكن الحديث عنه ... او الكتابة حوله ... او نتائج يمكن استخلاصها ... بل هناك الكثير من العناوين والاحداث والمواقف التي ستبقى محفورة بالذاكرة ... ويتعين تسليط الضوء عليها .. باعتبارها انجازات ومكتسبات .. وهناك عناوين واحداث تعبر عن ازمات واخفاقات .
بامكاننا ان نتحدث عن حصاد العام من خلال كتاب الرأي وجهودهم كبداية .... والتي بذلت من الجهود والطاقات ما امكنها ... وما توفر لها من مساحة حرية ... ووسائل اعلامية قادرة ومؤثرة ... لاحداث تغيرا بمستوى الرأي العام ... والمحافظة على تصويب توجهاته ومعنوياته ... كما المحافظة على عدم انزلاقه الى مربعات الاحباط واليأس ... والابقاء على الحد الادني من المعنويات التي تعزز من مقومات الصمود ... وتجعل بالامكان ان يتحرك الشارع للدفاع عن قضاياه الوطنية ... دون اهتمام يذكر بالقضايا الحياتية وازماتها الطاحنة ... وحالة الانقسام الاسود التي لا زالت تعصف به وتأكل من راحته ومقومات قوته وصموده كتاب الرأي بذلوا ما يستطيعون ومما توفر لهم على المستوى الشخصي وعلى المستوى المهني والاعلامي .... ولكنه بالمجمل جهد يشكل جزءا من حالة عامة لا زالت بحاجة الى جهود اكبر ... والى فعل اكثر تأثيرا ... والى حالة سياسية داخلية يمكن ان توفر مناخا ديمقراطيا ... وفي ذات الوقت مناخا سياسيا يمكن البناء عليه في ظل انجازات ومكتسبات يمكن تلمسها ... ولكن وللاسف الشديد لم يتحقق المطلوب ... وبالتالي كانت النتائج أقل من المراد ... وعلى عكس الاهداف ... لكنها بمجملها محاولات يجب الاستمرار فيها وعدم النتازل عنها ... باعتبارها أحد الحقوق والمكتسبات التي يجب التمسك بها لابداء الاراء ومخاطبة الرأي العام .... وتشكيل حالة من الضغط السياسي على صناع القرار .. وعلى من هم داخل الساحة السياسية الداخلية ... وحتى على الساحة السياسية العربية والدولية ... على اعتبار ان صوت الرأي من خلال الكتاب له فعله وتأثيره ... حتى وان كان بالقدر الضئيل ...لكنه صوت لا بد ان يسمع ويؤخذ به بما يتناسب ويتلائم مع طبيعة القضايا واهميتها واولوياتها .... ومدى صحة وصوابية الرأي حولها .
كما بالامكان الكتابة عن حصاد العام وانجازات الحكومة بطرفيها حكومة حماس او اللجنة الادارية التي تم الغاءها .. او حتى حكومة التوافق التي لا زالت على قيد الحياة والنتائج الصفرية التي تحققت ... والتي لم يشعر فيها المواطن ... واخص بالذات بقطاع غزة حيث لم يتم تلمس أي انجازات او امتيازات او معالجات يمكن ان تلاحظ على صعيد الحياة اليومية...او على صعيد الاسرة او المجتمع... او مجمل الخدمات المقدمة له في ظل تدني الخدمات وتاكل البنية التحتية ... وعدم المتابعة لملفات وازمات مستمرة منذ 11 عام من الانقسام الاسود ... ازدادت فيها الازمات ضراوة وحدة ... وانتشرت الامراض وزادت معدلات الفقر والبطالة الى الحد الذي لا يحتمل في ظل اجواء نفسية يعيشها سكان القطاع الذين يشعرون من خلالها بانه ليس هناك حاكم لهم ... او سلطة تقودهم ... او مسئولين يهتمون بامورهم وشؤونهم ... لكن يعيشون داخل هذه المنطقة الجغرافيه بما قسم وبما توفر لهم في ظل حالة استياء عام ... من الحكومتين او من الحكومة واللجنة التي تم حلها والتي لا زالت تسير بعض الامور بصورة فعلية ... ولا زالت الامال متفاوته بامكانية ان يحدث أي تغيير في ظل حالة الجدل القائم وغياب روح المسئولية .
كما يمكن الحديث عن الانقسام الاسود الذي لا زالت فصوله بكل سوادها القاتم ... وطول ليلها الحالك الظلام ... وفي ظل فقر متزايد .. وبطالة متصاعده وحالة اجتماعيه واسرية تتأثر بصورة كبيرة ... كما الحالة السياسية وما فيها من مزايدات وجدل وعدم مسئولية .. وعدم اهتمام بشؤون الناس وقضاياهم الملحة وعدم الاستجابة لتساؤلاتهم بصورة واضحة وصريحة ... وكأن الانقسام قدر كتب علينا ويجب ان نشرب من مرارته .. وان نعيش ظروفه وازماته وكوارثه ... وان يضاف الى ما هو قائم في ظل شعب يعاني الاحتلال والحصار والتهديد المستمر .
كما يمكن ان نكتب عن حصاد العام وحالة الارهاب الاسود والتكفيري التي سادت بالعديد من المناطق العربية والتي بدأت بالتقلص ... وبداية انهيارها ونهايتها الحتمية .... لفشل فكرهم وخطيئة اسلوبهم ورفض الجماهير لهم ... وعدم الاقتناع بأقوالهم ... وما يحيطهم من شكوك واتهامات ... تفوق كل ما يدعون به .... وما يحاولون تسريبه وقوله .... وبعد ان كشف زيفهم وتم تعريتهم واصبحوا بالعراء ... ويختبئون كالفئران ... ويقتلون ويهربون ... فلا حاضر لهم .... ولا مستقبل لهم .... ولمشروعهم المريض ... (ورحم الله كافة الشهداء) الذين سقطوا على ايديهم في مسجد الروضة وحتى الامس بمدينة العريش من جنود مصر البواسل ... وحتى امام الكنيسة بحلوان المصرية ... وكافة الشهداء الذين سقطوا على ايدي الارهاب الاسود والتكفيري داخل مصر ... وداخل كافة الساحات الوطنية ... والذين سيبقون شهداء الواجب الوطني المقدس .
كما يمكن الكتابة عن حصاد العام 2017 وما ظهر من بطولات لطفلة فلسطين (عهد التميمي) ... وللشهيد (إبراهيم أبو ثريا) الشاب دون الساقين ... وعن عظمة شعب يقاوم في ظل حالة سياسية داخلية وعربية ودولية ... ليست على المستوى المطلوب ولا حتى بالقدر الذي يوفر حالة مقاومة فاعله ومؤثرة ... في ظل اجرام وعدوان قائم لا زال يشتد ويهدد الوطن والشعب والمقدسات وعلى رأسها القدس .
كما يمكن الحديث عن حصاد العام عن جهود اعلام فلسطيني لا زال يتحدث عن نفسه ولنفسه ... ويحاول بقدر امكانياته وما تسمح به ظروفه وما تتوفر له من مساحة الحرية المتاحة له لابراز المواقف واعطاء الحسابات الدقيقه ... في ظل معلومات غير متدفقة ... وفي واقع تصريحات متناقضة .... وغياب واضح للمعلومة الدقيقة التي يمكن البناء عليها وتحريرها وتحليلها كما غياب الاحصائيات الرقمية... والمؤشرات الواضحة التي توفر امكانية التحليل والبناء عليه .... وتحديد المواقف ورسم الخارطة السياسية بصورة واضحة ومعلومة ... الا ان هذا لا يعني ان جهود الاعلام غير ملموسة بل هناك انجازات يمكن الحديث عنها كما هناك من الاخفاقات التي أحدثت تشوهات فكرية وحالة انفصام وانفصال بالرأي العام ... نتيجة التناقض وحالة التنافر ... والتي لا زالت فصولها قائمة وشخوصها الذين يتحدثون دون وعي وادراك لمخاطر ما يتحدثون به وما يمكن ان ينعكس بالسلب على الرأي العام وتماسك المجتمع وتحقيق مشروع الوطن .... كما الحديث والاجلال والاكبار لكافة شهداء الاعلام الذين سقطوا على طريق كلمة الحق ... واداء الواحب الوطني .
كما يمكن الحديث عن السياسسة والدبلوماسية وما تحقق من قرارات اممية لصالح القضية والقدس ودعما للحقوق ... لكنها قرارات تضاف لمجمل القرارات التي لا زالت قيد الاعلان ... وليس قيد التنفيذ والالتزام بها ... لكنها بالمجمل مكتسبات سياسية ودبلوماسية ... وعضوية العديد من المنظمات الدولية ... كما الحديث عن مواجهة سياسية ودبلوماسية فلسطينية عربية اسلامية دولية ... زادت من عزلة امريكا ودولة الكيان .... واثبتت ان الحقوق ... والقانون الدولي ... والشرعيه الدولية ... لا يستهان بها حتى امام غطرسة القوة .
كما يمكن الحديث عن شخصيات وقيادات بذلت من الجهود الكثير في اطار تنظيمها الذي تنتمي اليه ... كما في اطار تنظيرها بافكارها ومواقفها للدفاع والتبرير الى أقصى درجاته ومحاولة اقناع الرأي العام بها ... هناك من اصابوا بطرح اراءهم وهناك من اخطأوا وانعكست عليهم اراءهم بالسلب .
كما يمكن الحديث عن حالة مزايدات لا تتوقف ... وسياسة افشال مستمرة ... وحالة دعاء دائم... بعدم تحقيق المصالحة وتحقيق الوحدة .... لاجل مصالح حزبية وشخصية ... ولا نعرف حقيقة اسبابها ... ومنطلقاتها ... وما يمكن ان تحققه من نتائج على اصحابها .
كما يمكن الحديث عن الكثير من المواقف والاحداث الجارية والتي بمجملها تزيد من الهموم وحالة الغضب ... والى درجة الشكوك حول كيفية الاضرار بالنفس ...والتخريب على الذات ... كما التخريب على الوطن والاوطان .... وهذا ما يحتاج الى اعادة صياغة الثقافة والتعبئة واستيراتيجية الاعلام ... وجذور ومبادئ الانتماء الوطني ... القومي .... والديني .
هذه الصورة ... وبهذا المشهد ... وبكافة تفاصيله وعناوينه ... والتي تعبر عن مأسي وازمات ... تزداد بضراوتها وتزداد بمهاتراتها... دون ادنى معالجة او حلول ... لا يعني بالمطلق اننا قد وصلنا لمرحلة النهاية والهبوط ... لمستنقع ووحل الهزيمة بل لا زلنا نصارع لاجل البقاء ... والحياة ... وامكانية تحقيق تقدم وتعزيز مقومات القدرة على الصمود والمقاومة ... لما يحاك ضد شعبنا وحقوقنا في ظل مخططات مدبرة ومتعددة الرؤوس والعناوين والمنطلقات ... والتي تصب بنهاية المطاف .... الى عدم انجاز مشروع تحررنا واستقلالنا الوطني .
كل هذا يجعل الكره ترتد الى ملعبنا ... والي حيث يجب ان نتوقف وان نعيد حساباتنا ... وان نتعلم من دروسنا وان نستخلص العبر ... وان لا نعمل وفق ثقافة تحميل الاخر ... بل يجب ان نعمل وفق ثقافة المسؤولية الكاملة التي يتحملها الجميع دون استثناء... وان نتحمل النتائج بكل شجاعة وقبول ... وان لا نحاول المجادلة بالحقيقة والنتائج التي افرزتها التجربة ... وان لا نبقي على حالة الشعارات المفرغة ... والاحاديث الفضفاضة ... والخطابات التي تتحدث عن الوجود ليس اكثر او اقل .
علينا ان نتوقف امام العام الذي على وشك الانتهاء ... بكل اصفاره وعدم انجازه ... وعدم اضافته الا للمزيد من الهموم والفقر والتراجع ... لاسباب لها علاقة بحالتنا الداخلية ... كما حالتنا العربية وتراجعها ... كما الحالة الدولية وعدم انصافها ..وحتى يمكن ان نصنع الامل ... بأن نجعل من العام القادم عام مختلف بفكرنا وتوجهاتنا واساليب عملنا ... ووحدتنا ... وان لا نستمر بخداع انفسنا ... ومحاولة تمرير المواقف على ارضية المجاملة والمناكفة ... لاننا بالنهاية مع نهاية كل عام ... ومع بداية كل عام جديد ... نحن من ندفع فاتورة العام ... وليس غيرنا .
الكاتب : وفيق زنداح