بعيدا عن التصفيق والتهليل وإعطاء الولاءات لهذا وذاك وبعيدا عن أسلوب المبايعة التي تجاوزها الزمن كسلوك كان يمارس في القرن العشرين وبقدر ما نحتاج لوقفة هامة وجاده في هذه الذكرى المجيدة في حياة الشعب الفلسطيني وحياة الأمة العربية وكما قال أبو عمار أحد المؤسسين الرئيسيين لحركة النضال الوطني الفلسطيني بل أحد أعمدتها الأساسية ونقطة الإرتكاز المحورية وقائدها عندما قال هذا الحجر الذي يرمى في نهر الأردن سيغير مجرى التاريخ في المنطقة وهذا هو حال حركة فتح التي غيرت فعلا مجريات التاريخ في منطقة الشرق الأوسط ، فتح التي أحدثت تراجعات هامة في المشروع الصهيوني على الارض العربية حين أخفقت الجيوش الكلاسيكية في مواجهة هذا المشروع وهذا المخطط ، فتح التي أحدثت انقلابا ايديولوجيا على نظرية الصراع العربي الصهيوني ، فتح التي كان لها الإرادة والقدرة والاقتدار على توفير الاجماع الوطني الفلسطيني عليها بما تحمله في ادبياتها من اخلاق سامية وبرنامج نضالي كان نقطة الإرتكاز والإلتفاف حولها من قبل كل الجماهير الفلسطينية صاحبة المصلحة الحقيقية في الثورة وتحرير فلسطين . ولكن الحر الذي رماه ابو عمار اين اتجه بعد ذلك .....
هذه هي حركة فتح التي عرفتها الجماهير الفلسطينية هذه هي حركة فتح الانطلاقة الاهداف والمبادئ والمنطلقات ولنجعل هذه العناصر نقطة التقييم لما تم إنجازه وما لا يتم إنجازه في الذكرى 53 لانطلاقتها .
وبرغم وجود فئة تهوى النعيق وتهوى ممارسة ما اسقطه الزمن من الصاق التهم وتهوى استخدام التلفيق في الطرح قاصدة التعتيم على كل محاولة اصلاح او تغيير أو تقييم لنهج الحركة الا انني سانطلق في تقييم حركة فتح مرتكزا على أهم ما دار من أحداث على المستوى الحركي عام 2006 .
1-شهدت حركة فتح خسارة فادحة باعتبارها ورقة آولى ومفجرة الثورة وطليعة الشعب الفلسطيني في عام 2006 بسقوط ممثليها في الإنتخابات التشريعية وكان هذا السقوط مدويا مزلزلا هز أركان كل القواعد والكوادر والأطر الحركية ومثل هذا السقوط نتيجة لمقدمات نصح فيها الكثيرون بالمخاطر والسلبيات التي تهدد الايقونة الحركية التي اصيبت بعدة مظاهر سلبية أولها ابتعادها عن الجماهير وظهور طبقة بيروقراطية في أطرها هذه البيروقراطية التي تنامت واستفحلت في عهد السلطة الوطنية والتي شبهها كثير من المواطنين والحركيين طبقة البيروقراطية الفتحاوية التي لها كل المميزات والامتيازات مماجعلها تبتعد أكثر عن الجماهير بل تجاوزت سلوكيا لحالة الاقطاع السياسي الحاكم والمتحكم .
2-حركة فتح التي فشل برنامجها السياسي من خلال السلطة ومن خلال منظمة التحرير من تحقيق اي انجاز سياسي بعد أن سقطت الحجة والذرائع بأن أبو عمار كان هو المعطل للعملية السياسية وابو عمار هو الذي أجهظ اتفاقيات كامب ديفيد وابو عمار هو من لا يريد للعملية السياسية أن تقطف ثمارها ، ذهب ابو عمار ومضى ومعه الإرادة والصمود وعدم الركوع للإملاءات التي كان يريد الأخرون أن ينصاع لها وللأسف الأن يتمسحون في أبوعمار فكما كانو يعيشون في عبائته في حياته متنكرين له في أعماقهم متظاهرين بحبه مستغلين طيبته وحسن أخلاقه وريادته وقيادته اذا ماذا فعلت حركة فتح منذ ذهاب قائدها الى ربه ظهرت فكرة البرايمرز التي اودت بالقرار الحركي الى شبه الهلاك ظهرت مراكز القوى والفلتان الأمني كقوى محورية تفرض نفسها على الإداء الحركي وعلى أطره ولا اريد أن اطيل في هذا الموضوع الذي يعرفه الجميع .
3-كل المحاولات المطروحة من قبل المجلس الثوري واللجنة المركزية لإصلاح أطر حركة فتح ما كانت الا أطروحات نظرية تجتر الماضي لتعيش الحاضر ولم تدخل الى ا واقع التنفيذ الفعلي للإصلاح .
أ -المؤتمر السابع اخر مؤتمرات فتح
للأن لم تفلح حركة فتح من خلال مؤتمرها السابع والذي سمي من منتقدي سياسة الرئيس والمركزية بحفلة المقاطعة والمبايعة و لأسباب كثيرة ومختلفة دعت لانعقاده وربما اولها يدخل في دائرة المصالح والمصالح الشخصية لفئة تمترست في الصف الاول ولا تريد أن تغادره اما السبب الثاني فهو سبب سياسي ايضا فأصبح المؤتمر الحركي السابع مرهون انعقاده بمدى توافقية نتائج هذا المؤتمر مع الرؤية الإقليمية والدولية للبرنامج السياسي الفلسطيني والخوف من حدوث نتائج لا تعتمد البرنامج السياسي القائم وهو السلام خيار استراتيجي – التشكيك في جدوى الكفاح المسلح – التمسك باتفاقيات اوسلو التي اسرائيل أول من أجهظها في هذا العام وهذه السنة علما ومداخلة بسيطة في نفس السياق أن الأخ ابو عمار عندما اصبحت اوسلو لم تحقق له ما يحلم به سياسيا للشعب الفلسطيني وهو اقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة على غزة والضفة والقدس واللاجئين هو اول من شطب اوسلو وكان هذا سببا في عملية اغتياله بالسم .
ب - فشلت حركة فتح سواء داخل الوطن او خارجه في تفعيل المناطق والاقاليم بما يستند الى النظام فها هي الاحتجاجات في غزة وأقاليم خارجية مثل اقليم ليبيا والجزائر اوروبا على نتائج التفعيل المبرمج لصالح هذا ولصالح ذاك في القيادة الفلسطينية .
4-شهد هذا العام زيادة التناقض والتنافر بين كينونة الجسم القيادي في حركة فتح وفشلت في عقد اجتماعات متكاملة لها وشهدت في الأونة الأخيرة ومنذ خمس سنوات تطاولا غير لائق من قياديي الصف الأول لحركة فتح ومن هو على رأسها بحق المناضل وعضو اللجنة المركزية محمد دحلان حينما أطلق هذا القائد خيار الاصلاح والمحاسبة ووضع املاك حركة فتح وعقاراتها تحت الرقابة
5/ شهد عام قرارت المجلس الثوري على الصعيد السياسي المتمسك والمتشبث بما رفضته المرحلة وهو التمسك باتفاقيات اوسلو وتفاهماتها والخيار الامريكي وكذلك تجاوزا للنظام بتنصيب رئيس لحركة فتح متجاوزا أمين سرها .
6-على الصعيد المسلكي لم تستطع حركة فتح التقييم بشكل جاد وفاعل تجربتها في السلطة الوطنية وملاحقة ملفات الفساد التي تصيب شخصيات كبيرة في قيادة الصف الاول . وبرغم تشكيل المحكمة الحركية برئاسة رفيق النتشة التي اوجزت صلاحياتها واصبح حالها حال الاطر الحركية الاخرى
7- منظمة التحرير الفلسطينية لم تستطع حركة فتح وهي المقررة في منظمة التحرير الفلسطينية تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية في حين ان حركة فتح تسند كل آليات العمل السياسي الى منظمة التحرير الفلسطينية التي لجنتها التنفيذية تفتقد الثلثين ومجلسها الوطني الذي لم ينعقد منذ زمن واعتقد ان تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية مرهون ليس بارادة فلسطينية فقط بل بارادة اقليمية ودولية ومن العبث المطالبة باصلاحها مادامت لم تكتمل حلقات التفاوض على الحل النهائي فإن أي مجلس وطني ينعقد في الغالب سينبثق عنه قيادات جديدة مناقضة لشخصيات أصبحت قدرا في منظمة التحرير برمزيتها ياسر عبد ربه وغيره .
8- عجزت قيادة حركة فتح عن لملمة الحركة وابنائها بل شهدت الاعوام القليلة الماضية اجراءات الفصل وقطع الراتب والملاحقات الامنية لكثير من اعضائها وقياداتها في الضفة الغربية والذي وصل الحال الى حالة التنسيق الامني لملاحقة نشطاء الحركة الوطنية بموجب قواعد دايتون
9-ما زالت حركة فتح وبعد فشل مسيرتها في خيار السلام من تهويد طال غالبية الضفة الغربية وقرار ترامب الاخير بخصوص القدس ما زالت عاجزة عن وضع ردود مناسبة على نطاق الاطر التنظيمية والشعبية لمواجهة هذا القرار .
10-تفتقر حركة فتح لقوتها الفعالة بتنكرها للجناح المسلح كتائب شهداء الاقصى بل قامت بتشتيت كوادرها بين الملاحقة والاحتقال والترغيب وبعضهم وقع تحت طائلة التنسيق الامني
11- فتح ام الجماهير التي بعد اوسلو ارست ثقافة الراتب والرتبة والمصالح والمواقع بديلا عن الثقافة الوطنية والحركية مما انعكس على الحالة الشعبية والوطنية من فقدان الثقة لدى التنظيم بسلوك قيادتها فاحشة الثراء وحيث اصبح التنظيم فاشل بابجديات صياغة معادلات نضالية تحتم تغيير في السلوك والبرنامج
12-فشلت حركة فتح لتكون قوة ضاغطة على النهج الذي يقودها لتعديل مساراته السياسية والامنية وان تكون قوة في مواجهة قرارات العزل والاقصاء والحصار لقطاع غزة وتحقيق المصالحة الوطنية
13- بعد قرار ترامب ما زالت قيادة فتح لم تغير من بياناتها وصيغها السياسية وما زالت تأمل بالعودة للخط الامريكي تحت ذرائع او اي مبرر سياسي
من خلال ما تم تقديمه باقتضاب عن أهم الظواهر والاحداث التي مرت على حركة فتح منذ عام 2006 نستطيع القول أن حركة فتح مازالت غير قادرة على النهوض حماية لتاريخها ومنجزاتها وطليعتها للشعب الفلسطيني وما الت غير قادرة للملمة جراحها وانقسامها الداخلي اما ظواهر شحن العواطف واثارة العصبوية التنظيمية والقيادية الجغرافية وتستخدم الماضي والتاريخ للحركة فقط من اجل التسويق لوجودها وما زال التيار الاصلاحي في فتح وبرغم ما حققته قيادته من خطاب وحدوي متجاوب مع كل المبادرات التي انطلقت من اجل اعادة وحدتها والغاء للقرارات التعسفية التي اتخذها الرئيس عباس بحق تلك الكوادر بدعوى التجنح الا ان هذا التيار امام معادلات اقليمية وذاتية صعبة وما زال يحتاج الكثير وبرغم ما حققه في السنوات القليلة الماضية من اتساع رقعته وفعله ووجوده في غزة واوروبا ودول الاقليم .
بقلم سميح خلف