من شدة الصبا أخذت أخط لك رسائل الشوق
حتى أسمعت بصرير أقلامي
من أصمه البعد وقهرته المسافات
وراحت تتبعثر في فيافي الأرض
كلماتي التي تحملها الريح على أكفها
وغَسَلتْ عبراتي حبر القرطاس
حتى ظنوا أنها رسائل فارغة
وضاعت ما بين أشتاق وأحن كلمات كُثُر
كنت قد رتبتها أبجدياً تبعاً لمواقيت رحيلك
في خريف العام الماضي
سقطت جميع أوراق الشجر نحيباً وألماً
ومع كل خطوة لك هوت ورقة معلنةً موتها
ومع بدايات الشتاء زخت سمائي بدمعها مطراً
منهمراً على وجنة الأرض لتغسل حزن قلبي المكلوم
ومع بدايات شمس الصيف أخذت تجف مدامعي
وتيبس فؤادي تفطراً .. ألماً .. سقماً .. وهناً وخذلان
فلم تعد خطانا تلتقي في المفارق
ومع بدايات ربيع العام المنصرم
رأيت اليراعات تزحف نحو الأغصان
معلنة ثورة ميلاد حياة
وارتدت حلتها الخضراء اليانعة
فوقفت ممشوقة فوق الجذوع
كأنها في استقبال ضيف شرف لحفل مهيب
وتفتحت براعم قلبي وأزهرت
حين حَملَتْ لي نسائم الصبح
عطر قميصك الأبيض الجذاب
يحتضنه معطفك ذو الياقة السوداء
ودقت أجراس الماضي معلنةً
وقع خطاك على أطراف الطريق
وراح ضباب سيجارتك يتنحى شيئاً فشيئاً
حتى رأيتك يا ربيع قلبي ماثلاً أمامي
وحين هممت بمعانقتك ارتجف جسدي
لأستفيق من هواجس أحلامي
على رشقات المطر تضرب شباك نافذتي
ويبدأ يوم جديد يشبه سابقيه
بقلم/ هاني مصبح