نسيم عاطف الأسدي شاعر رقيق وشفاف ، من بلدة دير الأسد الجليلية ، بلد وملهمة الشعراء والفنانين والمبدعين ، التي تجد في كل بيت فيها تقريبًا اما شاعراً أو كاتباً أو فناناً أو مطرباً أو عازفاً على آلة موسيقية .
ولد نسيم سنة ١٩٧٩ ، تخرج من دار المعلمين العرب في حيفا، ثم التحق بجامعة حيفا لنيل اللقب الثاني ، يعمل مدرساً للغة العربية في بلده .
شغف بالشعر منذ الصغر ، ونشر قصائده في الصحف والمجلات الأدبية والمواقع الالكترونية ، وشارك في عدة أمسيات شعرية .
صدر ديوانه الأول " عشق بين الأديان " العام ٢٠٠٤ ، وديوانه الثاني " الحب حصان وأنا فارس أزرق " العام ٢٠١٠ ، وديوانه الثالث " سفر الحرف بين النهد وبين السيف " العام ٢٠١٣ ، وديوانه الرابع " الأوراق لمواطن محكوم بالاعدام " العام ٢٠١٧ .
نسيم عاطف شاعر ذو خيال مجنح خلاق ، قادر على خلق الصور ، بعيداً عن الايحاء ، ويطغى على شعره الطابع الغزلي الوجداني العاطفي ، والرومانسية الراقية من خلال كلمات الحب والعشق الدافقة الدافئة ، ونستشف في نصوصه الروح الصوفية ، والحب عنده لهفة عارمة ، وشعور وجداني ، وكيانية جسدية ، وشفافية نادرة . وهو يسافر بحروفه بين النهد والسيف ، وبين قصائد الغزل والاجتماعية والوطنية .
يقول نسيم الأسدي : " لا يمكن أن أجزم أني عشت كل قصيدة كتبتها ، أو أن أجزم أني مررت بكل حالة وصفتها ، لكن لا يمكن أبدًا أن أنفي علاقتي بأي قصيدة مهما كانت غريبة عني ، فالقصيدة جزء مني وقطعة من قلبي وعقلي .
ويضيف قائلًا : " القصيدة مرآة تكشف الشاعر للآخرين ، لكنها قد تحرف الحقيقة قليلًا أو كثيرًا ، كما تحرف المرايا غير المستوية الصورة المنعكسة فيها ، لكن يظل في تلك الصورة امتداد للحقيقة . وهذه قصائدي فيها أنا الانسان ، أنا الشيطان ، أنا الغاضب الثائر ، أنا الناقد ، أنا المصيب ، أنا المخطىء ، أنا وأنا ، وفيها أيضًا أيها الآخر .. أنا أنت ".
قصيدة نسيم عاطف الأسدي سهلة واضحة ، ناصعة ومشرقة ، جميلة النبض ، مملوءة بشغف الجمال والحب الناعم الرقيق ، مشحونة بعاطفة قوية صادقة ، مغلفة بألفاظ وتراكيب تتسم بالقوة والجزالة والأناقة والنعومة والسلاسة ، ويسكب فيها ذوب عواطفه ، وعصارة مشاعره ، وعميق لواعجه الى حبيبته :
دعي للدمع أروقة العيون
وثوري اليوم في أرض السكون
يهب الشوق في عينيك برقًا
وفي عيني محصور جنوني
ويسطع جسمك الحراق نارًا
ويكوي حين ألمسه شجوني
أغض الطرف عن يدها تحاكي
أناملها مفاتيح السجون
لغته شفافة المعاني ، واسلوبه رشيق ، ونستشف الروح النزارية في شعره ، وهو يلجأ الى استخدام وتوظيف لغة الحب ومفردات العشق والغرام التي طالما عشناها باحاسيسنا وتفاعلنا معها واستمتعنا بها في قصائد ودواوين نزار قباني ، فلنسمعه في قصيدة " عتاب نهد " :
إني عتبت .. ولم يفدك عتابي
وصهيل نهديك ظل يقرع بابي
ورأيت نفسي في ربوعك تشتهي
هصر الجميل وغمسه برضابي
أمطرت عشقي فوق اأرضك عاصفًا
وعصرت نفسي من ضلوع سحابي
وفي ديوانه الأخير " الأوراق لمواطن محكوم بالاعدام " نجد نسيم عاطف الأسدي يرتقي بموضوعاته ، ومختلف عما لمسناه في دواوينه السابقة من موضوعاته ومضامينه ، حيث أنه تناول قضايا اجتماعية وفكرية معاصرة بجرأة وعمق ، وفكر منفتح متنور ، متحديًا كل قوى الجهل والتخلف وقوالب الجمود الفكري والرجعية .
عاطف نسيم الأسدي هو شاعر النسيب والغزل بحق وحقيق ، يدخل النفس بسلاسة التعبير ، ويغذي الروح بخصوبة المغزى والمعنى ، وتتراوح قصيدته من الناحية الفنية الهندسية الهيكلية بين الشعر العمودي الكلاسيكي ، وشعر التفعيلة ، وهو يجيد ذلك ويعجبنا أيما اعجاب .
انه شاعر مرهف الحس ، صادق البوح ، ينتظره مستقبل شعري مشرق واعد ، وأراهن على موهبته ، فهو سفير القصيدة الغزلية المتسمة بالشفافية بامتياز ، ويجذبنا ويسحرنا باللفظة الرقيقة العذبة والعبارة المموسقة الناعمة ، ويتوخى دائمًا جزالة العبارة ، وفخامة الجرس ، وكثيرًا ما يلجأ الى المحسنات البديعية البلاغية والاستعارات الجسدية .
تحياتي لعاطف نسيم الأسدي ، وأتمنى له مزيدًا من العطاء والنجاح ومواصلة المشوار ، والوصول الى قمة المجد والشهرة الحقة ، والى الأمام .
بقلم : شاكر فريد حسن