الرد على هجوم ترامب - نتنياهو لا يكون بعقد المجلس المركزي الفلسطيني

بقلم: رامز مصطفى

الهجوم الأمريكي – " الإسرائيلي " المنسق الخطى والخطوات بهدف تصفية القضية الفلسطينية وعناوينها الوطنية ، وإن كان هو الأشرس والأخطر بالمعنى السياسي والثقافي والتاريخي والجغرافي وحتى الديني ، إلاّ أنه لم يدع لرئيس السلطة السيد محمود عباس أياً من الخيارات السياسية أمامه ، وهو الذي راهن ولعقود على الرعاية الحصرية للإدارة الأمريكية ، مسقطاً من كل أمامه كل الخيارات الأخرى ، بما فيها اللجوء للاستقواء بالفصائل والقوى الفلسطينية ، من خلال تنفيذ ما اتفق عليه غير مرة بهدف إنهاء المصالحة ، وإعادة تطوير وتفعيل المنظمة بالاستناد إلى إعادة الاعتبار لمؤسساتها الوطنية ، وأولها دعوة الإطار القيادي الموقت لمنظمة التحرير ، وثانياً تنظيم انتخابات المجلس الوطني ، والعمل على إعادة الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني أساسه المقاومة وبكل أشكالها ووسائلها المتفق عليها . ومن ثم التحرك جدياً نحو محاكم الجنايات الدولية ، والتوقيع على دخول كل المؤسسات والمنظمات والوكالات الدولية من دون الأخذ بالضغوط الأمريكية .
شكل الهجوم الأمريكي – " الإسرائيلي " ، أولاً عبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان " الإسرائيلي " ، وإعطاء الإذن بالعمل على نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى مدينة القدس المحتلة . وثانياً من خلال التصويت الذي نظمه حزب الليكود بزعامة الإرهابي " نتنياهو " على ضم كل المستوطنات في الضفة الغربية للكيان " الإسرائيلي " ، حيث جاء في نص القرار : " في الذكرى الخمسين لتحرير يهودا والسامرة ، بما فيها القدس ، عاصمتنا الأبدية ، تدعو اللجنة المركزية لليكود القيادات المنتخبة للعمل من أجل السماح بالبناء الحر ، وتطبيق قوانين إسرائيل وسيادتها على مجمل المجال الاستيطاني المحرر في يهودا والسامرة " . وإن شكل هذا الهجوم القمة في العدوانية على الشعب الفلسطيني ، إلاّ أنه شكل الصفعة لرهانات السلطة البائسة على مدار 24 عاماً من عمر اتفاقات " أوسلو " ، في إمكانية تحقيق اختراق سياسي ما تستطيع من خلاله السلطة الفلسطينية الإدعاء أن رهاناتها على مفاوضات برعاية الإدارة الأمريكية قد أفضى إلى تسوية حسب توصيفهم أنها " عادلة " .
ما هي خطوات السلطة ورئيسها بعد هذا الهجوم الأوضح على القضية الفلسطينية من قبل ترامب – نتنياهو ، هل ستبقى على المراوحة في المكان ؟ ، واستخدام الخطاب والخطوات التي لا تقدم شيء على طريق الرد العملي على هذا الهجوم الذي بدأ منذ حوالي الشهر على يد ترامب ، ومن ثم استكمل على يد نتنياهو وحزبه الليكودي . وهل تأتي خطوة الدعوة إلى عقد اجتماع المجلس المركزي في الرابع عشر من الشهر الجاري ، ذروة الرد . ونحن نراها خطوة في غير مكانها ، على اعتبار أن جزء مؤثر من الفصائل لا يوافق على حضور هذا الاجتماع ، من خلفية أن موضوعية الرد ووضع إستراتيجية المواجهة للتحديات التي فرضها الهجوم الأمريكي – " الإسرائيلي " على القضية وشعبها وعناوينها ، تفترض برئيس السلطة الدعوة ومن دون إبطاء إلى عقد اجتماع للإطار القيادي الموقت لاتخاذ الخطوات الكفيلة بالرد على خطوات ترامب – نتنياهو وإسقاطها . ورفض الفصائل لعقد المجلس المركزي سببه أن رئيس السلطة رفض عقده إما في بيروت أو في القاهرة ، وأصرّ على عقده في رام الله ، ضارباً بعرض الحائط مواقف مكونات هامة من الفصائل في الساحة الفلسطينية .
إن عقد اجتماع المجلس المركزي من خارج الإجماع الفلسطيني ، إنما يدلل على ، أولاً ، استمرار العقلية القائمة على رفض تحقيق الشراكة الوطنية ، وثانياً ، إبقاء الرهان على ما سميت ب" عملية السلام " ، وهذا ما عبر عنه أكثر من مسؤول في السلطة ومن في فلكها : " أننا متمسكون بالعملية السياسية ، ولكن سنبحث عن راعٍ جديد لهذه العملية " .
رامز مصطفى
كاتب وباحث سياسي