يمثل تصويت حزب (الليكود الحاكم في الكيان الصهيوني) على قرار يدعو إلى بسط (السيادة الإسرائيلية) على المستوطنات في الضفة الفلسطينية بما فيها القدس والأغوار، تعدياً صارخاً على حقوق الشعب الفلسطيني، ومخالفاً لكافة القوانين والقرارات الدولية، التي تعتبر الإستيطان بحدِ ذاته جريمة حرب كاملة الأركان، تستوجب إزالة كافة أشكال التوسع والإستيطان في أراضي الغير، ويقضي مشروع هذا القرار إذا ما أقره (الكنيست الصهيوني) المزمع عرضه عليه على إتفاق أوسلو قضاء مبرماً، وسيشعل ناراً يصعبُ إطفاؤها دون إزالة كافة أشكال الإستيطان على الأراضي الفلسطينية المحتلة سواء في القدس أو في الأغوار أو بقية أنحاء الضفة الفلسطينية، وقد إعتبر الإستيطان من قضايا الوضع النهائي الذي يجب التفاوض بشأنه، فإن إقدام الكيان الصهيوني على هذه الخطوة وما سبقها من خطوات بشأن القدس وبدعم إدارة الولايات المتحدة برئاسة ترامب، فإن ذلك يفضي إلى إنهاء أية إمكانية لعودة التفاوض بشأنها وشأن مختلف قضايا الوضع النهائي بما فيها الحدود تحت رعاية الولايات المتحدة، وبالتالي فإن الشعب الفلسطيني وقواه المختلفة وقيادته الوطنية عليها التصدي بمختلف الوسائل القانونية وعلى كافة المستويات الرسمية والشعبية، وأولها إطلاق المقاومة الشعبية وتفعيل كافة أطرها ودعمها بكل أشكال الدعم التي تضمن تواصلها وإستمراريتها حتى يسقط مشروع الضم والتوسع الإستيطاني ويقتلع من جذوره، وثانيها التحرك الجاد والفعال على المستوى الدولي والقضاء الدولي وفي مقدمته محكمة العدل الدولية والتي سبق لها أن أصدرت حكمها بشأن جدار الفصل العنصري المقام على الأراضي الفلسطينية المحتلة حيث حكمت بعدم مشروعيته وطالبت بإزالته، ومن هنا ضرورة التقدم بالطلب إلى الجمعية العامة بإصدار قرار يطلب من محكمة العدل الدولية النظر في مسألة الإستيطان والتعديات الصهيونية على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني والإجراءات الصهيونية المزمع إتخاذها بشأنه والتي ستحكم بلا أدنى شك بعدم جوازها وستطالب بإزالتها أسوة بقرارها القضائي السابق بشأن جدار الفصل العنصري، بل وإعتبار الإستيطان أيضاً جريمة حرب، يجب محاكمة المسؤولين عنها والمتورطين فيها، إعداداً وإنشاءً وإستعمالاً، أي إعتبار كل مستوطن في الأراضي الفلسطينية مجرم حرب، وعدم التعامل معه بأية صفة سياسية أو مدنية، بل شأنه شأن القوات الغازية والمعتدية، وثالثاً على القيادة الوطنية الفلسطينية أن تعلن إنتهاء فترة الحكم الذاتي التي نص عليها إتفاق أوسلو منذ مايو 1999م، ونظراً للإجراءات الصهيونية المتلاحقة بشأن تقرير مصير قضايا الوضع النهائي بشكل أحادي، وإفشالها كافة الجهود التي بذلت من أجل التفاوض بشأنها على مدى عقدين ونيف، وما أدى إليه من قتل أي أملٍ للتفاوض بشأنها أن يتم من الجانب الفلسطيني وبشكل أحادي مدروس أيضاً أن جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة في عدوان 1967م باتت أراضي الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وأن أي وجود لقوات الإحتلال ومستوطنيه عليها هو وجود غير شرعي ويحول دون ممارسة دولة فلسطين لسيادتها على أراضيها طبقاً لقرار الجمعية العامة 19 / 67 لسنة 2012م والذي قُبِلَتْ بموجبه دولة فلسطين وعلى أساسه عضواً مراقباً في الأمم المتحدة، والسعي لتأكيد هذا الإعتراف بقبول دولة فلسطين عضواً كامل العضوية في الأمم المتحدة، وإتخاذ القرارات والإجراءات والتدابير التي تمكن دولة فلسطين من ممارسة وبسط سيادتها على كامل أراضي دولة فلسطين طبقاً للقرار المشار إليه، ومواصلة الإنضمام إلى كافة المنظمات والهيئات والإتفاقيات الدولية التي تؤكد حقيقة قيام دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس وفق الحدود التي حددها القرار، كما يجب أن ينتقل الموقف الفلسطيني، من مرحلة رَدِّ الفعل إلى مرحلة المواجهة والإشتباك والفعل لتجسيد السيادة الفلسطينية، ورفض إستمرار الإحتلال والإستيطان دون كلفة تذكر، وهذا يحتاج إلى تأكيد الوحدة الوطنية والمصالحة الفلسطينية، وتوفير شبكات الأمان والدعم الفلسطينية والعربية والدولية للموقف الفلسطيني، وتأكيد النية بما لا يدع مجالاً للشك في إستخدام كافة أشكال المواجهة والمقاومة المشروعة لهذا العدوان المتواصل والمستمر على الحقوق الوطنية الفلسطينية، والتي يكفلها ميثاق الأمم المتحدة وقراراتها وأخص القرار 1515 بشأن حق الشعوب المستعمرة بإستخدام كافة أشكال المقاومة حت يرضخ المستعمر لمطالبها المشروعة.
هكذا يلعب حزب الليكود بنار المستوطنات ليشعل الموقف على كافة المستويات، ويفتح آفاق المواجهة المختلفة، متحدياً الشعب الفلسطيني وقواه المختلفة، ومتحدياً للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية، ومتحدياً للعالم أجمع الذي يؤيد ويؤكد على حق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس وحل مشكلة اللاجئين وفق القرار 194 لسنة 1948م، وبالتالي بات الواقع والمستقبل مفتوحاً على إحتمالات كبرى قد يصعبُ السيطرة عليها وعلى نتائجها.
بقلم/ د. عبد الرحيم جاموس