خلال أقل من شهر واحد تصاعد الهجوم السياسي الأمريكي الصهيوني على قضيتنا الفلسطينية، بدءا من توقيع الرئيس الأمريكي ترامب على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس باعتبارها عاصمة الاحتلال الصهيوني، واتبعها بعد أسبوع واحد باعترافه بيهودية الكيان الصهيوني وذلك خلال احتفاله بعيد حانوكا اليهودي، وفي الأيام القليلة الماضية وافق مركز حزب الليكود الصهيوني على ضم الضفة الغربية إلى الكيان الصهيوني، وطالبت وزيرة القضاء الصهيونية بشمل المستوطنات في كافة القرارات التي تتخذها الحكومة وفي كل المجالات، كما أن الكنيست الصهيوني وبالقراءتين الثانية والثالية أقر قانون عدم شمول القدس في أية مفاوضات ما تتم الموافقة على ذلك بأغلبية /80/ عضوا أي بأغلبية الثلثين.
ماذا يعني ذلك، يعني بأن أراضي الضفة الغربية والتي احتلت في حزيران 1967 لم تعد أراض محتلة أو أراض متنازع عليها لأنها أصبحت في القانون جزءا من دولة الاحتلال، حيث يأتي قرار ضم الضفة الغربية بعد التسريبات عن صفقة القرن والتي كان محورها مساحة الأرض التي تشغلها المستوطنات الصهيونية في الضفة الغربية، فمساحتها تشكل 12% من مساحة الضفة الغربية حيث تبلغ 720 كم٢، هذه المساحة التي تخضع لتبادل متداخل بين الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 والأراضي المصرية في سيناء والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، بحيث تشكل ال 720كم٢ من أراضي سيناء مع أراضي قطاع غزة دولة للفلسطينيين بمساحة تصل إلى 1065 كم٢، حيث يقام على المساحة الممنوحة من سيناء مطارا دوليا وميناء بحريا وتستوعب أكثر من مليون نسمة يمكن أن يكونوا من لاجئي المخيمات في لبنان وسورية والأردن ولمن يرغب من الفلسطينيين.
أما بالنسبة للقدس، فلم تعد القدس محل تفاوض مع الفلسطينيين لأن القدس الموحدة أصبحت عاصمة الاحتلال، ولا تستطيع أية حكومة صهيونية التفاوض بشأن عاصمة الاحتلال، رغم كل القرارات الدولية الرافضة تغيير وضع ومعالم مدينة القدس، فالتفاوض حول القدس يحتاج إلى موافقة 80 عضوا في الكنيست أو الذهاب إلى استفتاء عام بأغلبية 61 عضوا من الكنيست.
إزاء القرارات الأمريكة الصهيونية نجد أنفسنا أمام معادلة قديمة جديدة للصراع العربي الصهيوني، فلم يعد الصراع نزاع حدود بين دولتين أحدهما قائمة وهي دولة الاحتلال والأخرى ليس لها وجود على الأرض وهي الدولة الفلسطينية، وإنما عاد هذا الصراع إلى جوهره وطبيعته بأنه صراع وجود ، بين غزو صهيوني خارجي وبين الشعب العربي الفلسطيني صاحب الأرض، هذا الشعب الذي لا يعترف الصهاينة بوجوده ، لذلك يرفض نفتالي بينت رئيس حزب البيت اليهودي إقامة دولة فلسطينية على أراضي " اسرائيل " حسب زعمه.
لقد فعلها حزب الليكود معلنا اسرائيلية أرض الضفة الغربية، رافضا وجود دولة فلسطينية إلى جانب دولة الكيان الصهيونى، ناسفا بذلك ما يسمى بحل الدولتين ، هذا الحل الذي لم يعد ما يبرر وجوده فلسطينيا وعربيا ودوليا، حيث لم يعد أمام الوقائع التي يفرضها العدو الصهيوني إلا نعيد حساباتنا كفلسطينيين وكعرب، وذلك بعد قراءة الواقع الفلسطيني والعربي والدولي قراءة جادة ومسؤولة.
إن العدو الأمريكي الصهيوني يدفع بنا بتقزيم قضيتنا الفلسطينية من قضية وطن يشمل كل أرض فلسطين التاريخية إلى قضية مدينة القدس فقط، فعلى مدى سبعين عاما استطاع العدو الأمريكي الصهيوني أن يجعلنا نقبل بتقزيم قضيتنا من القضية الفلسطينية التي كانت تعني الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1948 إلى ما سمي بقضية الشرق الأوسط والتي اهتمت بالأراضي العربية التي احتلت عام 1967، وجعلت محور اهتمامنا كفلسطينيين بإقامة الدولة الفلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967، معترفين بوجود دولة الاحتلال الصهيوني على أرضنا الفلسطينية المحتلة عام 1948، ولم نستطع مقابل ذلك الاعتراف إقامة دولتنا الفلسطينية في الضفة والقطاع، وأخضعنا ذلك لمفاوضات طويلة لم تسمن أو تغني من جوع، استطاع العدو الصهيوني خلالها أن يقلل من كلفة احتلاله للضفة والقطاع لتصل نحو الصفر ، محملا إيانا كلفة احتلاله لأرضنا، كما أنه استطاع أن يقزم قضية الدولة الفلسطينية إلى قضية المستوطنات التي أخذت منا ومن العالم وقتا طويلا، دون أن يتوقف الاستيطان رغم العديد من قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة التي أكدت على عدم شرعيته لأنه يغير من معالم الأراضي المحتلة مخالفا بذلك ميثاق هيئة الأمم المتحدة.
وانتقل العدو الأمريكي الصهيوني بتقزيم القضية الفلسطينية ليجعلها اليوم قضية مدينة القدس فقط، وقد استطاع أن يجرنا إلى هذا المربع الذي جعلنا نعتبر أن القدس هي جوهر النزاع والصراع معه، وهو سيعمل الآن على إطالة مدة الصراع حول القدس، وذلك من خلال قيام العديد من الدول بنقل سفاراتها إلى مدينة القدس والتي ابتدأت غواتيمالا بعد الولايات المتحدة الأمريكية بنقل سفارتها واعتبرته قرارا سياديا لا يحق للدول الأخرى الاعتراض عليه.
لقد استطاع عدونا الأمريكي الصهيوني أسرألة أرضنا الفلسطينية، مدركا عدم قدرتنا مواجهته على الأرض بسبب ما نعيشه من انقسام فلسطيني فلسطيني، حيث لم تأخذ المصالحة مجراها الصحيح بعد، وما زال الاختلاف واضحا بيننا في اختيار نهج وأسلوب العدوان السياسي الأمريكي الصهيوني علينا.
إن دعوة المجلس المركزي الفلسطيني للانعقاد يوم 2018/1/14 يجب أن يكون بحضور الكل الفلسطيني وذلك لأهمية ما سيناقشه المجلس، والذي يجب أن تكون هوية أرضنا على رأس جدول أعمال المجلس، فالتأكيد على فلسطينية أرضنا لا يكون إلا بانتقالنا من مرحلة السلطة إلى مرحلة الدولة تحت الاحتلال، فهل نحن قادرون على فعل ذلك، أم أننا سنصدر بيان رفض وشجب واستنكار لكل ممارسات العدو الأمريكي الصهيوني ضد حقوقنا فوق أرضنا الفلسطينية، نحن أمام عدو لا يريد سلاما لنا فوق أرضنا ، فهو يعمل بشكل جاد لنكون أداة احتلاله لأرضنا، فعلينا أن نبحث في المجلس المركزي عن أسلوب يوحد شعبنا لمقاومة عدونا بالوسائل التي تجعل العالم يقف معنا ضد من يحتل أرضنا، فهل نفعلها اليوم لمواجهة ما فعله الليكود؟
2018/1/3. صلاح صبحية