واضح من اللقاء الذي اجراه الصحفي سامي كليب مع سماحة السيد حسن نصر الله على قناة الميادين قبل يومين،انه يبعث على الطمانينة ويشيع الأمل،بان هذه الأمة ما زالت حية وتنجب القادة المؤمنين بالمقاومة وحتمية النصر على الرغم من قلتهم،وهناك من يؤمن ويعمل من اجل تحقيق الإنتصار،ولا يعتبر امريكا رب هذا العالم وقدره ولا ان 99% من اوراق الحل واللعبة بيد امريكا،فتلك ثقافة ونهج الخانعين والمستسلمين والأذلاء من العرب،المستدخلين لثقافة " الإستنعاج" والهزيمة،والمعتبرين أنها الطريق الصحيح لتحقيق الحقوق العربية،والتي ثبت في أرض الواقع،انها ليست سوى نهجاً للتفريط وإضاعة الحقوق العربية واستباحة امنهم والإستيلاء والسيطرة على ثرواتهم،حيث صدعوا رؤوسنا بان امريكا حليفتهم ومعشوقتهم حد الثمالة وسيط نزيه وستعمل على إيجاد حل للقضية الفلسطينية،عبر ما يسمى بصفقة القرن،لكي يتمخض الجبل ليس عن فأراً،بل جرذاً كبيراً،وصفعة كبيرة على طول وجوه الحكام العرب والقائلين بهذه الصفقة،والتي بدأت بصفعة كبيرة،بإعتراف الرئيس الأمريكي المتطرف ترامب بان القدس عاصمة لدولة الإحتلال وصفقة القرن الأمريكية والإعتراف بالقدس عاصمة لدولة الإحتلال،هي رب ضارة نافعة،وكذلك فالخير قد يأتي من الشر،فهذا القرار الأمريكي قدم ذخيرة معنوية وتعبوية لمحور المقاومة،وربما يحدث صحوة عند اللاهثين خلف امريكا وقوى الإستعمار الغربي،فأمريكا التي اتخذت 44 فيتو ضد حقوق شعبنا وحقنا في دولة مستقلة،وعاصمتها القدس،وقفت الى جانب كل الإنتهاكات والإجراءات القمعية الإسرائيلية ضد شعبنا الفلسطيني،وكذلك دعمتها للبقاء دولة فوق القانون الدولي والمحاسبة وبالخروج السافر والوقح على قرارات الشرعية الدولية وفي المقدمة منها قرارات مجلس الأمن الدولي.
أمريكا لا يمكن لها ان تكون وسيطاً نزيهاً في أي عملية تفاوضية مع الإحتلال،فهي جزء من العدوان على شعبنا،وإدارتها الحالية اكثر تطرفاً وعداءً لحقوق شعبنا من قادة دولة الإحتلال انفسهم.
السيد نصر الله مصدر ثقة كل المظلومين والمؤمنين بخيار حق الشعوب في المقاومة والتحرر والإنعتاق من المحتل،والجميع يعرف جيداً انه لم يحجز لا شواطىء الريفيرا الفرنسية كاملة ويمنعها عن الخاصة،ولم يبذر مليارات الدولارات على شطحاته ونزواته،ولم يشتر لا اليخوت المذهبة ولا السيارات المصفحة ولا العبي المرصعة بالماس ولا اللوحات الفنية لمن لا يعرف في الفن شيئاً،كمجرد طفل يشترى لعبة اعجبته دون معرفة انها تناسبه ام لاء،فسماحة السيد حسن نصرالله،لو ركب اللموزين في الضاحية الجنوبية التي هي من أفقر احياء بيروت للفظته الضاحية،ولم يجد من يقف الى جانبه او يؤمن بشعاراته وخطاباته،ولكن عندما يقدم ابنه شهيداً،ويعيش حياة البساطة والتواضع على راتب حزبي لا يزيد عن 1300 دولار،كما كان غيره من القادة العظام عبد الناصر وبومدين وابا عمار وحبش وابا علي مصطفى،فالجماهير لن تخذله وتجد فيه القدوة والنموذج والمثال.
سماحة السيد حسن نصر الله في لقاءه رسم معالم خارطة طريق لمحور المقاومة،واكد على ان هذا الحلف لديه الجاهزية العالية،ليس فقط لصد اي عدوان عليه،بل سيحاول ان يحول الحرب التي ستشن عليه الى نصر يتجاوز تحرير الجليل الى فرصة تحرير القدس،والمحور والحزب يسعيان الى إمتلاك كل الأسلحة التي تمكن من ردع العدوان وتحقيق النصر،وقال بان سوريا ما كان لها ان تصمد وتنتصر لولا صمود قيادتها وعلى رأسها الرئيس بشار الأسد وجيشها وشعبها،وسوريا المثخنة بالجراح ستنتج دولة مقاومة،والحرب عليها لم تنته ،وهي في طريقها للنهاية،وعلى الرغم من هزيمة "داعش" عسكريا،ولكن الفكر والبيئة ما زالت موجودة في أكثر من بلد عربي،وكذلك خلاياها النائمة،والسيد فيما يتعلق بلبنان،قال بأن السعودية كانت ستاخذ لبنان الى حرب اهلية وما هو مرعب،ولكن وعي اللبنانيين والقوى والأحزاب هناك أفشل هذا المخطط الجهنمي.
وشد على ان محور المقاومة في حالة تنسيق مستمر،وبأنه عقد لقاءات مع كل القوى الفلسطينية،بما فيها حركة فتح،والتي كحركة حسمت خياراتها بإتجاه المشاركة الفعلية والجادة في الإنتفاضة الشعبية،وفعلها ووجودها مشاهد وملموس في الميدان،وعملية الحسم والقطع مع المرحلة السابقة،ستعطي زخماً وثقلاً للإنتفاضة الشعبية.
وركز سماحته على ان قواعد الإشتباك مع المحتل خاضعة للمراجعة وفقاً للظروف والأحداث،وان اهم عناصر المعركة مع العدو،هي المفاجاة،وان المقاومة تحتفظ لنفسها بحق المفاجأة،وتلك المفاجأة شاهدناها في تدمير البارجة الحربية الإسرائيلية في عرض البحر قبالة السواحل اللبنانية في عدوان تموز /2006 ،وشدد على أن من يستطيع هزيمة تنظيم "داعش" الذي يفجر مقاتيله انفسهم،قادر على إلحاق الهزيمة بجيش الإحتلال.
الإحتلال يدرك تماماً،بان نصر الله لا يقول الكلام جزافاً،وبدون معاني او قصد،بل كل كلمة وحرف مما يقوله يعنيه،وهنا نشير الى ما قاله قائد سِلاح البَحريّة الإسرائيليّة إيلي شلابيت في مَقالةٍ كَتبها في مَجلّةٍ عَسكريّةٍ من أن “حزب الله” نَجح في تصنيع سفينة هي الأفضل في العالم،وتَحمل صواريخ مُتعدّدة ومُؤمّنة من الغَرق،وأن سِلاح البَحريّة الإسرائيلي ثَبّت نظام “القُبّة الحديديّة” على سَفينة “ساعر5″ التي تحمي مِنصّات الغاز في البحر المتوسط، لمُواجهة تهديدات “حزب الله”، بينما قال قائد سلاح البحريّة في ميناء “أسدود” أن الصّواريخ ليست الخَطر الوحيد،وعَلينا تَوقّع تهديدات تحت الماء أيضًا مثل السّباحين الانتحاريين، والقوارِب المُتفجّرة والغوّاصين المُتخصّصين بالغَوص، وزِراعة الألغام في أعماقِ.
نحن ندرك تماماً بان قرار ترامب بإعتبار القدس عاصمة لدولة الإحتلال،واتخاذ خطوات عملية لنقل السفارة الأمريكية من تل ابيب الى القدس،وما تبعها من قرارات وقوانين اسرائيل للضم والتهويد سواء للقدس او الضفة الغربية،لا تكشف عن إنتصارات اسرائيلية- امريكية،بل تكشف عن عمق ازمة دولة الإحتلال وما يسمى بالمحور السني العربي،ومحور المقاومة لم يهزم،بل خرج من معاركه وحروبه في العراق وسوريا واليمن منتصراً،وأصبح اكثر قوة وصلابة،ويمتلك القدرات والطاقات والإمكانيات للمواجهة والمجابهة،ولن تهزمه المشاغبات وفتح الجبهة على طهران،من خلال تحريك جماعات استغلت ووظفت تحركات شعبية لقضايا اقتصادية ومطلبية،لكي تمارس العبث والتخريب والتدمير.
انا اجزم وادعي بان القرار الأمريكي،على الرغم من كل ما حمله من عدوان سافر على شعبنا الفلسطيني وحقوقه وقدسه،فهو أزال الأقنعة عن وجوه من يصفقون لأمريكا ليل نهار،وبانها ستاتي لهم ب" الزير من البير" وبالتالي يستطعون نقل علاقاتهم التطبيعية مع دولة الإحتلال الى مرحلة العلنية والشرعنة،ولكن هذه الصفعة جعلتهم يفرملون خطواتهم،ونحن نقول بأن مرحلة الذل والهوان العربي في طريقها الى الأفول،وبان مرحلة جديدة سترسم في المنطقة،مرحلة إستعادة العرب لعزتهم وكرامتهم،وكما قال سماحة السيد نصر الله" عهد الهزائم قد ولى،وهذا عهد الإنتصارات" .
بقلم/ راسم عبيدات