صفقات ورشاوى ... وبضاعة فاسدة !!!

بقلم: وفيق زنداح

يبدو اننا دخلنا بمرحلة جديدة قديمه ... مرحلة الرشاوي وطرح الصفقات ... بسوق المناقصات والمزايدات والبورصات ... ليبرمان يتحدث عن غزة التي سيجعلها سنغافورة اذا ما توقفت المقاومة عن تسليح نفسها وتطوير قدراتها ومصانعها... وكأنه يحاول ان يبعث برسالة للعالم ... وبخطاب مخادع ومضلل ان غزة تمتلك العديد من المصانع الصاروخية وترسانات الاسلحة ذات الرؤوس المتفجرة والقادرة على احداث زلزال مدمر لاسرائيل .

وكأن التاريخ يعيد نفسه وفصوله المأساوية ... كما بطولاته النادرة والتاريخية ... عندما تم تهديد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بالتخلص من اسلحته الصاروخية والكيماوية مقابل عدم قيام امريكا بشن حرب عليه ... وتواصلت الوفود من الوكالة الذرية عبر مبعوثها محمد البرادعي وعبر العديد من اللجان الدولية والتي أكدت بتقاريرها حول عدم وجود ما يشكل خطرا كيماويا او صاروخيا على أمن المنطقة والعالم .

رغم كل ذلك تم ضرب العراق واحتلاله والسيطرة على مقدراته ومدخراته ... ودخلت العراق بحرب طويلة ومواجهات عنيفة مع الجماعات التكفيرية والارهابية واستعانت العراق بجارتها ايران التي ساعدتها وعملت على القضاء على بؤر الارهاب ... لتتمكن ايران من مفاصل الدولة العراقيه بصورة مرضية لطائفة كبرى وغير مرضية ومرفوضة لطوائف اخرى .

ليبرمان وزير الحرب الاسرائيلي وذات جذور المافيا والمال والاعمال والعصابات ... وما يتميز به من ثقافة الصفقات أراد ان يطرح صفقته ليستكمل صفقة الرئيس الامريكي ترامب .

هناك من اساليب الرشاوي والصفقات السياسية والمالية ... تحت اطار ابقاء المساعدات الاقتصادية والمالية للسلطة الوطنية للعودة الى طاولة المفاوضات ... والقبول بالقرار الامريكي ترامب حول القدس ... حيث سيناقش البيت الابيض اليوم الجمعه تقليص المساعدات المقدمه للسلطة الوطنية الفلسطينية على اعتبار من وجهة نظرهم انهم يقدمون الملايين ... ولا يحظون بالاحترام .. كما يتسائلون ... لماذا تقدم امريكا دعمها للسلطة في ظل غياب عملية سياسية بينها وبين اسرائيل .

ابتزاز سياسي ... وخداع وتضليل اعلامي .. ومحاولة امريكية مكشوفة لا رصيد لها ... ولا الية صرف لها ... ولا مشتري لها ... رغم تعدد البائعين لها.

فالقدس كما قالت الرئاسة الفلسطينية لا تباع بالمليارات ولا بالذهب وان الحديث عن المساعدات الامريكية بجزءها الاكبر لوكالة الغوث والتي تقدر بمائة مليون دولار ... اضافة الى مساعدات فنية .

أي ان المساعدات الامريكية لا تساهم بصورة او بأخرى في أي عملية انتاجية ... او تشييد مصنع ... او بناء طرق او تعزيز مقومات الاقتصاد الفلسطيني ... وهذا حال كافة المساعدات والاتفاقيات الاقتصادية ... التي لا توفر امكانية بناء مصنع واحد .

ويبدو اننا بعصر جديد حديث رؤساء وزعماء اتوا من مدارس المقاولات ... وثقافة العطاءات والمناقصات ... رجال اعمال ومال وصفقات تجارية ... لا يفهمون الا لغة المال .. واجراء الصفقة بلحظة واحدة ... وبقول فاصل ... وبحسب مفهومهم وثقافتهم لا يفهمون صعوبة في شراء ما يريدون ... كما لا يجيدون صعوبة في بيع ما يرغبون ببيعه ... وليس هناك شئ مستحيل بحسب وجهة نظرهم بعالم المال والاعمال والمقاولات ... كما ليس هناك صعوبة من وجهة نظرهم بشراء الذمم والبشر وحتى بعض الحكام ومن خلال امور اخرى لها علاقة بأساليب استخباراتية للايقاع بأشخاص تحت تأثير النساء والمخدرات والابتزاز ... كل هذا ممكن في هذا العالم ... المنفتح بكافة اتجاهاته والذي لا تحكمه ضوابط واحكام ... تقاليد واعراف وقيم ... ولا حتى اديان سماوية تمنع التجاوز والانحراف .

يمكن للدول ان تشتري وتبيع .. وان تعقد الصفقات ... وان تحلل وتحرم ... وان تسهل وتعقد ... وان تجري الاتصالات وتقطعها مع فرد هنا او هناك .

لكننا لم نسمع عبر التاريخ عن شعب قد تم شراءه ... او عن شعب قد باع وطنه ... وعن شعب قد تنازل عن مقدساته ... او عن ديانه وشعب قبلت برهن مقدساتها وبيعها مقابل حفنة من المال ... او حتى مقابل مساحة من الارض .. او جزءا من دولة ,

ترامب الذي يهدد بقطع المساعدات ... فليقطعها ولا نريدها ... هذا اذا ما كان بيده ان يقطعها ... او يستقطع منها ... او يمتلك شجاعة القرار حولها ... لاعتبارات سياسية ودولية ... وحتى لاعتبارات عربية لها علاقة بعلاقة الولايات المتحدة الاقتصادية مع العديد من الدول العربية .

اما ليبرمان وزير الحرب الاسرائيلي .. كما ترامب الرئيس الامريكي ... يراهنون على حقوقنا ... ارادتنا ... مقدساتنا ... حريتنا ... ووسائل نضالنا ... وكلها لا تخضع لللبيع والشراء ... ولا تخضع للمساومة والمزايدة ... ولا تخضع لقاعدة التنازل عنها تحت أي مبرر او سبب .

يبدو ان الرئيس الامريكي ترامب .. وحتى ليبرمان المهاجر القادم من روسيا من عالم المافيا ... والرجلين يبدو انهم لا يعرفون عن القيم ... ولا يدركون المثل ... وليسوا على اطلاع بمفهوم الانتماء كما ليسوا على قراءة للتاريخ والثقافة والحضارة ... أي ان الرجلين يجهلون ... وربما يتجاهلون .. ولكنهم بالاغلب يجهلون الشعب الفلسطيني وقيادته ومؤسساته ... صحيح اننا فقراء ... والصحيح اننا لا نمتلك من الموارد .. والصحيح ايضا اننا نعتمد على المنح والمساعدات والقروض ... وان لدينا شعب يزداد بتعداده واحتياجاته ... ويعيش ظروفا قاهرة ... وليس أبلغ من التقرير الصادر عن المرصد الاورو متوسطي لحقوق الانسان والذي تحدث بتقرير سابق ان غزة غير قابلة للعيش فيها بحلول العام 2020 ... ولكنهم اضافوا بتقريرهم الجديد وبعبارة واضحة يقولون فيها ان الحقيقة المرة على حد تعبيرهم فان غزة ليست صالحة للعيش اليوم ... وان البطالة فيها وصلت الى 60% وان انقطاع الكهرباء وصل الى 20 ساعه قطع ... وان 97% من المياه غير صالحة للشرب الادمي ... وان البنية التحتية على وشك الانهيار ... وان المياه العادمه يتم تحويلها للبحر ... وان الاوضاع الصحية سيئة للغاية ... وان الحصار يقتل غزة واهلها .

رغم مرارة التقرير والمأساي التي يتحدث عنها والتي يعتمد عليها اصحاب الصفقات والرشاوي ... حتى يجدون ما يسوقون به بضاعتهم الفاسده ... فان اهل غزة .... ولمن لا يعرفهم ... ولمن لم يعيش معهم .. ولمن لم يقرأ تاريخهم ... ولمن لم يتعرف على تضحياتهم وعطاءهم وصمودهم ... سيدرك تماما ان غزة لا تباع ولا تشترى ... وان غزة لا تهان بكرامه اهلها ... وان غزة حتى لو تم تجويعها ستأكل من لحمها ...وستشرب من دمها ... ولن تتنازل او تقبل بالانكسار او الهزيمة ... هذا حال غزة التي عاشت 11 عام في ظل انقسام اسود ولا زالت تعيش مرارته وكوارثه وازماته ... لكنها على صمودها وصبرها وشموخها ... لا زالت على ايمانها وتمسكها بفلسطينيتها ... كما تمسكها بسلطتها وبقيادتها الشرعيه ... غزة لا زالت على الوفاء تعيش ... وعلى الحرمان تعاني... وعلى قلة ما باليد صابرة محتسبة ... ولن تنال منها كافة الصفقات ولا حتى الرشاوي ... ولن تجد البضاعه الفاسده طريقها باسواق غزة... ولا حتى باسواق رام الله واسواق القدس والخيليل ونابلس وكافة المناطق الفلسطينية .

البضاعه الفاسده لن تجد من يشتريها ... من كافة قصائل العمل الوطني والاسلامي ولانها فاسده ... ومصادرها فاسده ... ستكون نتائجها كارثة .

بقلم/ وفيق زنداح