ربما جاء تصريح ليبرمان يوم الخميس الماضي ليعبر عما يدور في داخل المؤسسة العسكرية والامنية الاسرائيلية وادارة ترامب ايضا سواء بخصوص الضفة الغربية او قطاع غزة ، فليبرمان كوزير حرب اسرائيلي لا يتحدث من فراغ او عاشقا لوضع الجمل في غير مكانها ولكن اببجدياته السياسية دائما تترجم الاطروحات السياسية التي يضعها الاسرائيليون لحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وبعمقها تكاد تكون ما روج عن صفقة القرن .
منذ عام تحدث ليبرمان عن سياسة العصا والجزرة بخصوص الضفة الغربية وتوسيع صلاحيات الادارة المدنية بحيث تتوسع في نشاطاتها بالتعامل المباشر مع البلديات والوجهاء والعشائر ورجال الاعمال والعمال وتصاريح العمل متجاوزا النظام السياسي الفلسطيني والسلطة ، اي بالبعد الامني والاداري هو نموذج روابط المدن المطور عن روابط القرى ، وان كان الجانب الفلسطيني يعتمد على ردود الفعل الغير مدروسة في ظل اضمحلال الخيارات ومع استبعاد الخيارات الفاعلة بالتوجه للشعب وتعبئته وتنظيم صفوفه ، تخرج القيادة الفلسطينية عن السياق الطبيعي للتعامل مع القرارات والممارسات الاسرائيلية وكما هو معروف واصبح دارجا ان الرد سيكون من خلال الامم المتحدة والانضمام لمزيد من المنظمات الدولية وهي خيارات لا يمكن ان نتنتج فعلا مالم يرافقها وبالتوازي والتناغم حشد قوى الشعب الفلسطيني وصولا للعصياان المدني ... ومن هنا جاءات ردود الفعل للسلطة وقيادتها فردية وبدون الرجوع للمؤسسات ردا وتعاملا مع قرار ترامب ، فللان لم يلتئم اي اجتماع قيادي سواء للسلطة او منظمة التحرير بعد 40يوم من قرار ترامب ، اما الجانب الاسرائيلي فهو يستثمر كل وقت وزمان ومكان من خلال برامج وخطط مرتبه للتعامل مع واقع الضفة الغربية ، العجز الفلسطيني رافقه قراريين متتالين من خلال الكنيست الاسرائيلي ، القرار الاول ضم الضفة الغربية وهذا يحققرؤية ليبرمان والقرار الثاني هو موافقة الكنيست الاولية على مشروع اعدام منفذي العمليات .... وما زالت السلطة تدرس في اجتماعها من خلال المجلس المركزي يوم 14يناير الخيارات المتاحة والتي يمكن ان تتركز على اعادة التفكير في الحالة الوظيفية للسلطة وعلاقتها مع اسرائيل في ظل اوسلو والتنسيق الامني وهو خيار تفاوضي اخر بجانب التوجه للمنظمات الدولية .
اما غزة فلم تخلو من توجهات ليبرمان بعد فشل المصالحة لاسباب متعددة ودور السلطة في افشالها ، تلك المصالحة التي ابرمت في القاهرة في اوائل اكتوبر الماضي برعاية مصرية ويبدو ان مصر سحبت رعايتها بعد الاعلان على ان الرئيس السيسي سيتابع خطواتها ، وزيارة عزام الاحمد الاخيرة للقاهرة لم تضيف جديد في تحول سلوك السلطة تجاه غزة .... ويبدو ان السلطة تريد غزة بمقاييسها السياسية والامنية لا تنتظر ما يقرره الشعب عبر انتخابات تشريعية ورئاسية مع استبعاد فكرة عقد مجلس وطني ... او الاطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير ... ومن هنا قد نستقريء التباطؤ في رفع العقوبات وان بررها البعض بضغوطات من بعض دول الاقليم بالاضافة لامريكا ، فان مطالب السلطة تصب بشكل غير مباشر في مطالب السلطة مع استخدم سياسة "العصا والجزرة " وفي كل الاحوال لن تنجو غزة من سياسة العصا مهما كانت التنازلات الا في حالة واحدة ان تعلن جميع القوى الوطنية والاسلامة في غزة عن رفع خرائط فلسطين من المدارس والمرافق الرسمية وان تمحى من عقول الاطفال والشباب وان يحصر السلاح في غزة الخفيف ويأخذ ارقام اسرائيلية كما في الضفة وان تدمر ترسانة الصورايخ والاسلحة المتوسطة ، هذا العرض سبق ان طرحته الادارة الامريكية على حسن نصر الله بان يكون سلاح حزب الله للضرورات الامنية الداخلية في الساحة اللبنانية مقابل الجزرة وهي عدة مليارات من الدولارات .
عملية الحصار والعقوبات هو اضعاف للقوى الوطنية والاسلامية باضعاف الحاضنة الشعبية ولكي تطالب تلك الحاضنة بان تتخلى فصائل المقاومة عن سلاحها والتعليم لتعديل مناهجه مع عروض كيف تقدم الجزرة لغزة ، في تصريحات للرئيس عباس وبعض مسؤلي السلطة تحدثو ان العقوبات قائمة مالم يكون في غزة سلاح واحد وقانون واحد وعندما نتحدث عن هذين الشرطين الاول يعني ان تتحول كل قوى السلاح لاجهزة امنية تحت رؤية دايتون ومراقبة امريكية اسرائيلية اما الثاني يعني ان تلتزم القوى الوطنية والاسلامية ببرنامج منظمة التحرير واتفاق اوسلو وخارطة الطريق البند الاول والثاني فيها وبجميع الاتفاقيات مع الجانب الاسرائيلي ، اما ليبرمان فقد طالب بنفس المطالب للتحول غزة الى سنغافورة على حد قوله .
شروط ليبرمان :-
خطورة طرح ليبرمان بانه يمكن التعامل مع حماس لتحديد مستقبل قطاع غزة وبحكم ان الضفة مفرغ من امرها ، وهذا يأخذنا لمشروع الدولة في غزة والتوسعات التي تطرحها امريكا كصفقة القرن او الحاقها بشكل ما بمصر اما الضفة كبلديات ومدن الحاقها بالاردن امنيا واداريا حكم ذاتي لكل بلدية كبرى وضم الباقي لاسرائيل .
1-"حان الوقت لأن تتوصل حركة حماس إلى استنتاج أنه من المحبذ التوصل إلى تسوية معنا فيما يخص قضية الأسرى والمفقودين".
2- حان الوقت للتوقف عن حفر الأنفاق وإنتاج الصواريخ، وعندما تتوقف عن عمليات التعاظم سنكون شركاء لتحويل غزة إلى سنغافورة الشرق الأوسط"، على حد تعبيره.
3- إعادة الإعمار مقابل التجرد من السلاح، هذا هو مستقبل غزة".
4- عندما تتخلى حماس عن المقاومة والنشاطات الهدامة والتحريض سنبني فورًا منطقتين صناعيتين على الأقل كما سنكون "شركاء" في بناء مطار وفي تنمية اقتصادية حقيقية.
5-"نقترح على من يحكم قطاع غزة أن يتريثوا ويعودوا إلى رشدهم وأن يقوموا بتنظيم أمورهم، ففي نظرنا هناك عنوان واحد فقط".
6- من يزعم أنه هو صاحب السيادة في قطاع غزة هو الذي سوف يتحمل المسؤولية".
وسؤال اخير : اي الخيارات امام غزة في ظل اطروحات ليبرمان وعقوبات السلطة والفقر والجوع والبطالة واتعدام الخدمات في مناخات من اخطر ما تواجهه الشعوب لحالة هلامية تضيع فيها المسؤليات واتخاذ القرار في منتصف الطريق بين المصالحة والانقسام ، وما هي الخيارات امام غزة وكلاهما مر .... ومن يتحمل اتخاذ قرار الحرب ومواجهة الاحتلال في ظل خسائر فادحة كما هو متوقع .... وهل السكوت والصمت على الوضع القائم لن يكون اخطر من قرار الحرب..... وهل هناك خيار ثالث بالتعامل المباشر مع اطروحات ليبرمان في تصور اخر لطبيعة الصراع مدة من الزمن سنيين او عقود
سميح خلف