صحيفة الحياة اللندنية تحدثت قبل يومين حول خبر مفاده ان حماس قد ابلغت السلطة الوطنية استعدادها لوضع سلاحها تحت أمرة منظمة التحرير في حال انضمت اليها ... كما أكدت على موقفها على المصالحه الوطنية وانه لا رجعة عنها ... كما أكدت على المشاركة باجتماع المجلس المركزي ... هذا ما جاء بصحيفة الحياة اللندنية ... وانتظرنا يومين للاستماع الي رد حركة حماس حتى جاء الرد من عضو المكتب السياسي رئيس ملف العلاقات الوطنية بالحركة حسام بدران .
ان حركة حماس قد ابلغت السلطة الفلسطينية استعدادها لوضع سلاحها تحت أمرة منظمة التحرير في حال انضمت اليها ... على أن السلاح في قطاع غزة يدار عبر قياده حكيمة وواعيه تدرك كيف ومتى تستخدمه ... وهي تعلم قيمته وقدره ... وحجم الجهد والدماء التي بذلت لتوفيره دفاعا عن شعبنا وقضيتنا .
واضاف السيد بدران ان وجود حماس ضمن منظمة التحرير حق طبيعي ... حين تصبح المنظمة معبرة عمليا عن مختلف القوى والفصائل الفاعلة على الساحة الفلسطينية ... بحيث تعبر عن طموحات شعبنا وأماله ... ضمن مشروع متكامل للتحرير .. حينها يصبح الحديث منطقيا عن شراكة في القرار السياسي ... او في اليات واشكال المقاومة عموما .
وأنا هنا لست بموقف الرد ... او التناقض ... مع تصريحات السيد حسام بدران ... لكنني ومن خلال متابعتي وتحليلي بحكم المهنة الاعلامية أرى التالي :-
- انني استمع الي الشئ ونقيضه ... الشئ وعكسه ... برنامج وبرنامج متناقض ... لا شئ يجمع... الا اننا كوننا فلسطينيون ..... لكل منا برنامجه ... ورؤيته ... وخياراته ولا اعرف حقيقة الاسباب التي لا تجعل حماس عضوا بمنظمة التحرير كباقي الاعضاء ؟!!!! ... الا اذا كان لديها برنامج اخر .. ومشروع اخر ... وتطلع أخر ... وخيارات اخرى .
اود ان اختصر ما اقول بالتالي :-
اولا :- لا أحد يطمع بسلاح حماس اذا كانت تعتقد ان هذا السلاح ملكا فصائليا لها ... لان اعتقادنا ان السلاح ملك الشعب الفلسطيني المالك الحقيقي والدافع لتمن هذا السلاح ومنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ... وبالتالي فان وجود السلاح تحت أمرة منظمة التحرير مسألة طبيعية وفي سياقها السياسي والوطني
ثانيا :- الحقيقة اننا لا نريد السلاح ... بل نريد حماس ... بكافة قياداتها واعضاءها ومناصريها داخل اطار المنظمة نريد فكرا وعملا وارادة ... ولا نريد قطعا من الحديد ... نريد ايمان وعقيده بالمشروع الوطني التحرري .
ثالثا :- طالما بقيت التوجهات والافكار والبرامج والوسائل على هذا النحو ... وبهذه المنطلقات فاننا وللاسف نبتعد عن تحقيق وحدتنا وما نصبوا اليه .
رابعا :- لا زلنا نفكر بعقلية الفصائلية التنظيمية ومصالحها الذاتية ... ولم نستطع الخروج الى الفكر الوطني الاشمل والاوسع ... والاكثر قدرة على رؤية حالنا ... ومن حولنا والقادم الاخطر الينا .
خامسا :- لا بد من استمرار طرح السؤال وبصورة دائمة وحتى بحساباتنا السياسية والوطنية ... من يكسب أكثر منظمة التحرير بدخول حماس فيها ... وهذا حق طبيعي لها ... ام ما سوف تحققه حماس من مكاسب من خلال دخولها ؟!!!!!
وحتى تتم الاجابة على هذا السؤال الكبير ... بكافة تفرعاته وتشعباته ... سيبقى يراودنا السؤال من خلال حقائق سياسية ... ومكاسب وطنية ... واعتبارات لا يستطيع أحد التنكر لها او تجاوزها .... حول مكانة منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني بكافة اماكن تواجده وباعتراف الجميع فلسطينيا ... عربيا .... اقليميا ... دوليا ... وبعضويتها الدائمة بكافة المنظمات العربية والاسلامية والدولية ... أي انها الحاضرة والمتحدثة والمعبرة عن ارادة شعب فلسطين سواء من اتفق معها او من اختلف عليها .
أي ان منظمة التحرير الفلسطينية بصفتها الاعتبارية وبحضورها السياسي والدبلوماسي ... تتواجد من خلال ممثليات وقنصليات وسفارات اضافة الى كل ما سبق ذكره من مؤسسات اقليمية عربية اسلامية دولية وحتى الامم المتحده والعشرات من المؤسسات الدولية ... ومجمل العلاقات السياسية والدبلوماسية مع كافة عواصم العالم التي تفتح أبوابها لاستقبال الشرعيه الفلسطينية والتي اساسها منظمة التحرير .... والسلطة الوطنية ... ودولة فلسطين .
بينما حركة حماس كحركة سياسية وهي خارج منظمة التحرير ... اين تتواجد ؟!!!!
ليس بالسؤال تقليل من حركة حماس .... بل العكس تماما ... حماس لها وجودها وجماهيرها .. لها اسمها وعلاقاتها ... لها تحالفاتها ... ولكن للاسف الشديد اذا ما تمت المراجعه الصادقة والامينة ستجد حماس نفسها بحالة تراجع ... وليس بحالة تقدم ... وعلى كافة المستويات السابق ذكرها .
بينما حركة حماس وعضويتها بمنظمة التحرير الفلسطينية سيكون لها مصلحة كبرى ... بل مصلحة لا تعوض ... لزيادة قوتها وحضورها ... وشرعية وجودها ... بل أكثر من ذلك منع الكثير من المخاطر المحدقة بها .
مشروع حماس لا نحكم عليه مسبقا ... لكن كافة المعطيات والظروف الداخلية والاقليمية والدولية ... لا توفر له عوامل النجاح ... لكن قادم الزمن السياسي يشكل خطرا حقيقيا على حركة حماس ... لذا فان دخولها وعضويتها بمنظمة التحرير سيوفر لها عوامل البقاء والقوة والقدرة على استمرار العطاء ... وحتى ايصالها الى مرحلة الشرعيه ... وفتح الابواب لها في اطار شراكتها وعضويتها بمنظمة التحرير بكافة مؤسساتها المجلس الوطني والمركزي واللجنة التنفيذية ... وحتى السلطة الوطنية الفلسطينية .
حركة حماس لا يمكن ان نطلق عليها أنها حركة معارضة ... ولا يمكن ان نطلق عليها انها تمثل الحكم او السلطة التنفيذية ... لماذا ؟؟؟ لان المعارضة ليست واضحة المعالم باعتبار حماس جزء من السلطة الوطنية وممثلة بالمجلس التشريعي ... كما ان حماس قد اتخذت طريقها بالدخول بالانتخابات على ارضيه اتفاقيه اوسلو وفي اطار السلطة الوطنية الفلسطينية ... وبالتالي فان حماس جزء من السلطة ولا نستطيع ان نقول عنها انها معارضة ... وبالتالي فان دخولها بمنظمة التحرير ليس أمرا صعبا بل أمر طبيعيا لكنه في ذات الوقت ليس أمرا سهلا لماذا ؟!!!!! حماس ودخولها لمنظمة التحرير حق طبيعي ... لكنه حق له شروطه وواجباته واستحقاقاته ... كما له حساباته السياسية .
الحسابات السياسية لحماس بحالة تراجع .. وليس بحالة تقدم لماذا ؟!!!!! تتراجع لان تحالفاتها خاسرة .. وحلفاءها يتساقطون ... ويتراجعون ... كما ان الاتهامات الدولية لها تزداد ولا تنقص ... أي ان حماس بحسابات السياسة العربية والدولية لا تحقق ارباحا بل يتولد لديها خسارة ... هذه الخسارة التي لا نتمناها لحماس .... ولا نريدها لها ... وهذا بعكس قرار دخولها لمنظمة التحرير وعضويتها ... ولكن على أسس ووقائع سياسية واضحة تؤكد فيها حماس على التزامها وقبولها ببرنامج منظمة التحرير السياسي ... والا فان ابقاء حماس على برنامجها لا يوفر لها امكانية الشراكة والعضوية بمنظمة التحرير .
ربما في هذا القول ما لا يعجب البعض ... لكنها الحقيقة السياسية التي لا يمكن لاحد ان يتجاوزها ... او يقفز عنها ... او يحاول الالتفاف عليها .
فالحقائق السياسية والمتغيرات العربية والدولية ... وقادم الزمن السياسي ... بكل ما يحمله ويتداخله ... كفيل باثبات صحة القول ... او خطأ التحليل .
لكنني أرى ضرورة ان تأخذ حماس قرارا شجاعا وحاسما ولكن بتوقيت مناسب ... لان القرار المناسب بتوقيته الملائم قد يحقق نتائجه الايجابية ... لكن ربما يكون القرار بقادم الزمن ليس ذو جدوى او فائدة ....كما هو الحال اليوم .
نحن اليوم جميعا بمأزق شديد ... وبخطر داهم ... وبتحديات تزداد بصعوبتها وضراوتها ... وليس فينا من أحد خارج الخطر.... لكن الفارق ما بين ان نكون فرادا ... يختلف كليا على ان نكون مجتمعين ... بمعنى ان الفصيل السياسي يختلف بقوته المنفردة عن اطار جامع يجمع الجميع داخل اطار منظمة التحرير الفلسطينية بكل ما حققته من مكاسب سياسية واعترافات عربية ودولية .
نحن نحرص على حماس ... كما نحرص على الجهاد الاسلامي باعتبارهم حركات وطنية فلسطينية ... ندعوهم دائما للمشاركة والعضوية بمنظمة التحرير لانها البيت الفلسطيني الجامع ... والذي يحقق الشراكة وصناعة القرار الوطني ... الذي يخدم ويحقق مشروعنا الوطني التحرري .
وعلى الجميع ان لا يتأخر بقراره ... لانه مصلحة للجميع .
بقلم/ وفيق زنداح