مواجهة ... السقوط !!!!

بقلم: وفيق زنداح

لا حديث في السياسة ... ولا حول المصالحة ... ولا تعليقات على تصريحات ... كما لا حديث عن تسوية سياسية ... وعن فصائل واحزاب وحركات مواقفها ومسؤولياتها ... لا حديث عن غياب المسؤوليات .... وتراكم السلبيات والثغرات ... ولا أتحدث عن مؤامرات تزداد وتتشعب ... ولا عن ثقافة وفكر وتعبئة تنظيمية ... تزيد من حالة التشوهات ... ولا عن رأي عام يعيش حالة التخبط والتناقض حول اصغر القضايا ... لا اتحدث عن حالة فلسطينية منفردة وعجيبة ... وفيها من المصائب والكوارث والازمات ..ولا عن علاقات وطنية تسودها الفرقة والانقسام ... ولا عن علاقات اجتماعيه نشهد فيها ما لم نشاهده عبر عمرنا الطويل والقصير ... نتحدث عن جريمة وجرائم ... وما خفي كان اعظم ... نتحدث عن ادمان وحالة انهيار نفسي ... وانتحار شخصي ... وافلاس مادي ... لا نريد ان نتحدث عن البطالة المتفشية الظاهر منها والخفي ... ولا نتحدث عن زواج مبكر ... ولا عن عنوسة غابت فيها الامال بتأسيس أسر جديدة ... لا أتحدث عن مشاعر اليأس والاحباط ... بل نتحدث عن فقدان متطلبات الحياة ... وما نستخدم من مياه ملوثة غير صالحة للشرب ... ولا نتحدث عن فقر منتشر يطوف بكافة الارجاء ... ولا نتحدث عن خدمات ضئيلة ضعيفة .... وعن بنية منهارة ... لا نتحدث عن ثقافة وتعبئة فكرية وتنظيمية خارج السياق والمضمون بتناقضاتها وتخبطها ... لا أتحدث عن خطاب يسير بعكس الواقع .... وبما يخالف المصالح ... لا اتحدث عن شعارات متناقضة ... اوصلت الي التنافر والتناحر والصراع ... لن اتحدث عن سياسة الترقيع والمجاملة ... والى حد النفاق والتهويل وتغييب الصراحة .

لن أتحدث عن كيف يمكن انقاذ المجتمعات من السقوط ؟!!!!

ولن أتحدث عن المنظومات السياسية الاقتصادية الاجتماعيه والاخلاقيه والتي تسقط امبراطوريات ومجتمعات ... لن اتحدث عن قصص حقيقية لا نمتلك صراحة قولها ... والكتابة عنها ... وتحليل اسبابها .

هل باعتقادكم ... فهمتم ما أقول ؟!!!!!

ام انني لا زلت أتحدث بلغة غير مفهومة .. وبمواضيع غير معلومة ... وبسياقات خارج الاطار ... وكأنني اتحدث بكلمات متقاطعه متناثرة .... تحتاج للكثير من الذكاء لجمعها واكتمال صورتها .

فهل هناك شئ اسمه السقوط والمخاوف المترتبة عليه ؟!!!!

وهل هناك شئ اسمه مواجهة السقوط ؟!!!!

بصراحة لا أعرف من الاجابة الا القدر الضئيل .... والقليل ... ولا اعرف الا بقدر مسؤوليتي الصغيرة ... لكنني لا اعرف بقدر المسؤوليات الكبيرة ... والواجبات العظيمة ... والمتطلبات الملحة .

بصراحة أكثر ... لا أعرف ... ولا أمتلك قدرة تحديد المسؤولية ... ولا اعرف حقيقة المتطلبات ... وابعاد الاحتياجات ... لانني على قناعة ثابتة وراسخه أن المسؤولية ليست كلمة ... او بضعة كلمات ... او شعار و بضعة شعارات ... يتم ترديدها ... والاعلان عنها وتكرارها ... بكل عزاء وفرح ... وبكل مسيرة ومهرجان ... وبكل مقال وتصريح ... متطلبات ومنطلقات ثقافية ... وامكانيات ... بعكس الحقيقة والمسؤولية ... بصراحة أنا لا اعرف كيف تسير امورنا ومن يخطط لنا ... ومن يخطط ضدنا .

بصراحة أكبر ... لا أعرف كيف تعيش الناس حياتها ... وكيف تسير امورها .

لقد تأكدت ... بل انا على قناعة ثابته ... مع كل لحظة من لحظات حياتنا ... ان هناك من يسيرنا ... ومن يرحمنا دون علمنا ... ومن يرعانا ددون احساسنا .. ومن يخاف علينا ... ومن يحافظ علينا ويصوب مسارنا ... ومن يدخلنا بامتحانات واختبارات... لعل وعسى ان يزداد ايماننا وعقيدتنا ووطنيتنا ... وان نتمسك بقيمنا واخلاقياتنا وضوابط مجتمعنا .... ان نتمسك بانسانيتنا وان نحافظ على انفسنا ... كما نحافظ على اجيالنا وابناءنا ... ونحن بوطننا كرماء أعزاء ... نشرب من المياه حتى ولو كانت ملوثة ... وناكل من مزروعاتنا حتى وان كانت غير صالحة .

بصراحة ... نشعر بالقلق .. والخوف ... على كل من نحبهم .. ومن نعيش لاجلهم ... نخاف كثيرا ... وتزداد مخاوفنا على كافة اجيالنا أبناءنا اطفالنا وشبابنا بناتنا ونساءنا ... نخاف عليهم ولا نعمل لاجلهم الكثير ... نخاف عليهم ولا نعمل من اجل توفير متطلبات حياتهم ... نخاف عليهم ونحبهم ... لكننا مقصرين باتجاههم .

اجيالنا لا تقبلوا بالمهانة ... ولا تقبلوا بالمساس بكرامتكم ... ولا تقبلوا بالتلاعب بارزاقكم ... اعتزوا بشموخكم وانتماءكم وكبرياءكم ... اعتزوا بوطنكم .. حتى وان كان ينزف ... ويتألم ... ويتعذب لاجلكم .

اياكم ... وان تقبلوا بالسقوط .... بوحل اليأس والاحباط ... اياكم ان تفقدوا الامل وروح العمل والابداع والابتكار ... اياكم ان تدخلوا بحالة الفراغ والتوهان ... اياكم والاستكانة ... وحتى الاستهانة .

عليكم الكثير باستنهاض طاقاتكم ... وكوامن قوتكم ... استنهضوا كل ما بداخلكم ... حتى وان كان قليلا او كثيرا ... لكن عليكم ان تستنهضوا حالتكم لاجل مستقبل مشرق ... ربما يطول او يقصر ... لكنه سيأتي بطموحات كلا منكم ... وبفعل ارادتكم وايمانكم .. عزيمتكم واصراركم ... فالمصاعب والتحديات من تصنع الرجال ... ومن تبني الاجيال ... ولم تكن بيوم من الايام تهدم الانسان وطموحاته واهدافه ... وهذا ما تأكد عبر اجيال وأمثلة متعددة ... وقراءات نماذج عديدة .... لاشخاص نجحوا ووجدوا انفسهم بقمة الهرم ... وبقمة العمل والانجاز... ولم يعرفوا الفشل الا عبر محطة قصيرة او طويلة ... لكنهم تجاوزوها وعملوا على تحويلها الى نجاح ملموس ... بفعل ارادة وفعل وجهد متواصل جعلوا من الفشل نموذجا للنجاح .. وجعلوا من الكسل محطة للنهوض .

اياكم والسقوط .... لاننا نخاف عليكم كثيرا ... ولاننا نحبكم جميعا ... وانظروا الي الاشجار التي تتساقط اوراقها في بعض الفصول ... لكنها تعود بأكثر مما سقط منها من اوراق ... تعود وهي أكثر بثمارها وبتفرعاتها ... فليس هناك من شئ يبقى على حاله ... لان بقاء الحال من المحال ... اجعلوا من قناعاتكم منطلقا لنجاحاتكم واجعلوا من لحظة الفشل افشال ... واسقاط الى غير رجعه ... بامكان كلا منكم ... وبما يمتلك من قدر ضئيل او كبير ... ان يتسلح بالعلم وان يزيد من ثقافته ... وان يرتقي بوعيه ... وان يتمسك بقيمه ... وان يزداد بثوابته ...وان يتعلم من تربية من سبقوه ومن تعاليم دينه .... ووطنية من حوله .... اجعلوا من كل واحدا منكم مشروعا منتجا ... يستند الى خطة حياة ... وبرنامج عمل ... واهداف مستقبل ... لا تستلموا لا تستكينوا لا تهزموا من داخلكم ... انهضوا ولا تجعلوا من السقوط والتهاوي والانزلاق طريقا لكم ... واجعلوا من النجاح والتقدم والتفوق طريقا وحيدا لكم ولمن حولكم ... ولا تملكوا اليأس بداخلكم لانه صناعة بشر ... وانتم البشر الذي بامكانكم ان تصنعوا الامل .

بقلم/ وفيق زنداح