أزمة القراءة .... ام قراءة الازمة !!!!

بقلم: وفيق زنداح

قراءة الصراع ... والحالة الداخلية ... وما يحيطها ... واضحة ولا لبس فيها ... ولا تحتاج الى المزيد من التوصيف والتشخيص لتحديد الاسباب والنتائج الذي وصلنا اليها .

كل شئ معلوم ومعروف ومفهوم ... ليس لانه صحيح او صائب وانما لان المقدمات تؤدي الى مثل هذه النتائج ... وعلى قاعدة ان المقدمات الصحيحة تؤدي الي نتائج صحيحة ... والعكس صحيح .

لا أعني بالقراءة الواضحة .. القراءة المتأنية والدقيقة وذات المغزى والاهداف لاجل اصلاحها ... ولا اعني بالنتائج المعروفة ... النتائج المنتظرة والمراد تحقيقها .

بل ان القراءة ... والنتائج ليست بحساباتنا ... وتوقعاتنا ... وامنياتنا ... بل جاءت على عكس ما توقعنا ... وبتناقض تام لما قرأنا .. وبتنافر حاد مع ثقافتنا .. وتعاليمنا ومسيرتنا والمعلن من قبلنا .

فهل العيب والخطأ بما اعلن من اهداف كانت بأكبر من حجم قوتنا وقدرتنا ؟!!!

ام الخطأ بمن مارسوا العمل ولم يحققوا تلك الاهداف ؟!!!!

ام لان الحسابات لم تكن دقيقه ومحسوبة بالدقة المطلوبة ؟!!!

ام ان الذين بمواجهتنا أقوى منا ... واكتر تخطيطا ... ودراسة وحساب ؟!!!!

ام ان الزمن بمعادلاته وتوازناته وتقلباته اختلافاته ومصالحة لا يسير وفق مصالحنا واهدافنا ؟!!!!

ام كل ما سبق... لو أخذنا الجزء اليسير من كل ما تم تناوله ... فربما نصل الى الاجابة الاقرب الى الدقة .... لما الت اليه النتائج حتى الان ؟!!!!

لنركز قليلا .. او حتى كثيرا ... بالشق الاول المتعلق بالقراءة الصحيحة ... وعندما نقول ونتحدث حول موضوعيه القراءة الصحيحة نتحدث عن دقة متناهية ... وفهم عميق ... ودراسة واسعه شاملة ... وقدرة على ايصال ما تم فهمه ووعيه واكتسابه ... أي ان القراءة ثقافة متراكمة ... تولد خبرة كبيرة ... وتستنهض طاقات مستمرة ... وتصلب ارادة انسانية بعوامل قوة أكبر .

القراءة ... لكنها ليست ... ان تقرا كتاب ... وان تحفظ معاني ونصوص ... القراءة ليس ان تقول لمن حولك انك تقرأ ... او أنك مثقف .

القراءة لا تعني ولا تتطلب الاستعلاء والاستغناء ... التعالي والغرور ... وكأنك وصلت الى ما يشبه الكمال ... وان تكون موضع الاهتمام .... وان تقترب من درجة الانجاز .

القراءة التي نريدها ... بعيون شاخصة ... متأملة ... فاعله ... نقرأ لنفهم ... ولنفهم من حولنا .... نقرأ حتى لا نغش أنفسنا ... وان لا نخادع غيرنا ... وان لا نغش من يستمع الينا ... نقرأ حتى ندرك طريقنا ... وان لا ننزلق على قارعة الطريق ... نقرأ حتى نقوى ولا نضعف ... نتوحد ولا ننقسم ... لتتعزز انسانيتنا ... بانسان كلا منا فكرا وضميرا وفعلا عمليا..... وارادة لا تهتز .

نقرأ حتى لا نقع بالانفصام والانفصال بل نؤكد على وحدة الانسان ... وقوة ارادته .. وصلابة موقفه .

القراءة ليست شكلا ... مظهرا .. ولا تعبر عن نرجسيه ومثالية افلاطونية ... ولا عن سادية ... القراءة ... واقعا ملموسا ومحسوبا بدقة متناهية وبحسابات لا تشوبها شائبة ... بحسابات كل صغيرة وكبيرة ... وكل شاردة وواردة ... ولكل معلومة وغير معلومة ... ولكل ما هو أمامنا وخافيا عنا .

القراءة هامة وحساسة وذات مغزى ودلالة ... اذا ما احسنا القراءة ... واذا ما احسن غيرنا الاستماع الينا ... فعلى أهمية القراءة .. تكون أهمية الاستماع .. وعلى اهميتهم تكون الحسابات بدقة وحساسية عالية وحتى يمكن تحقيق نتائج مرضيه .

لكننا وللاسف الشديد ... نقرأ بالمقلوب ... ونقرأ بكتاب غيرنا ... وبلغة غيرنا ... نقرأ لاتهام غيرنا ... وربما لافهام غيرنا .. نقرأ لايصال رسائلنا .. وربما لاستلام رسائل غيرنا ... نقرأ لنؤكد لغيرنا ...وفي بعض الاحيان لنشكك بانفسنا .

نقرأ بعكس المراد ... والاهداف ... وندور حول انفسنا .. ونصل لحالة الجدال والمناكفة ... وربما التذاكى لخداع من حولنا ... بعد ان خدعنا انفسنا ... ومحاولاتنا التي نفشل بها لاشعار غيرنا اننا نقرأ جيدا ... واننا قد اجتهدنا ... ووصلنا الى اعلى مراتب الاجتهاد ... مع ان الحقيقة على اننا لا زلنا نبتعد عن امكانية النجاح على عكس ما نحاول تصديره وترويجه .

الرسائل المنبعثة منا ... لا زالت لا تعبر عن قراءة متأنية ... ولا عن جدية مطلوبة ... ولا عن موضوعيه متوازنة .. بل قراءة سطحية ظاهرية ... من يقرأها لا يفهم ... ومن يفهم ليس بوارده العمل ... وحتى وان كان يريد ان يعمل فمن غير المسموح له العمل .

الازمة التي نعيشها لها مسميات كثيرة ... ومصطلحات عديدة ... يمكن ان نصنفها بأزمة الوعي .. وازمة الفكر .... ازمة سياسية وازمة بالخيارات ... أزمة بالعمل وازمة بالانجاز .. ازمة بالمصالح ... والى درجة التضارب والتناقض والاقتراب الى حد الصراع ... ازمة يمكن اختصارها بالأنا القاتلة للنفس ... والأنا المفرطة ... ولا يهم بعدها الطوفان .

كل شئ ممكن ... ولا توجد محاذير ... ولم نعد نتمسك بالموانع ... كما لن نعد نولي أهمية بخطوط حمراء او بيضاء ... أصبحت الالوان متداخلة حتى المواقف متضاربة .. لا نتعلم الدروس ... ولا نستخلص العبر ... ولا نعيد قراءة التاريخ وتجارب الشعوب واستخلاصاتها ... والنتائج التي وصلت اليها ... نتعالى على تاريخ غيرنا ... ويا ليتنا نتمسك بتاريخنا ... نتعالى على انجازات غيرنا .... ويا ليتنا نتمسك بانجازاتنا حتى على قلتها .

لكننا لن نسلم ... ولن نقبل ... وبالتأكيد هناك الكثيرين ممن لا زالوا على وعيهم ... ثقافتهم قدرتهم وارادتهم ... حتى لا زالوا على قراءتهم بفكر وامعان للمشهد بأسره ... وبكافة تفاصيله وعناوينه ومدخلاته ومخرجاته ... لا زال هناك من يقرأون عما حولهم وما بداخلهم .. ويدققون بحساباتهم ... وبوعيهم.

لن نفقد الامل وسنبقي عليه ... وسنعزز من وجوده ... وسنعمقه ونجذره ... فليس أمامنا من طريق أخر ... كما ليس لنا من امال اخرى ... فالطريق واحد ... رغم أنفنا ... حتى لا نكون اقرب الي الموت ... بل صناع للحياة وللامال ... وحتى تدعوا الاجيال لنا وليس العكس .

بقلم/ وفيق زنداح