قرار حركتي حماس والجهاد الاسلامي بالاعتذار عن الحضور والمشاركة بأعمال المجلس المركزي الفلسطيني بمدينة رام الله غدا الاحد الرابع عشر من شهر يناير حتى الخامس عشر من ذات الشهر ... وما تم الاعلان عنه حول الاسباب التي تقف وراء الاعتذار وعدم المشاركة ... أرى من وجهة نظري الشخصية انه خطأ سياسي وطني تاريخي ... في مرحلة دقيقة وحساسة ... كنا أحوج ما نكون فيها الى الالتقاء والاجتماع والحديث ... والتفكير بصوت مسموع .... حول ما ألت اليه الامور ... وما وصلت اليه النتائج ... وما يمكن ان نحدده بمضمون الرسالة الفلسطينية الجامعه حول قرار الرئيس الامريكي ترامب حول القدس ... وحول العديد من الملفات التي تحتاج الى جملة من القرارات والتي يجب ان يتحملها الجميع بمسؤوليتها الوطنية والتاريخية وما يمكن ان يترتب عليها من نتائج ... قد تعيد الصراع الى نقطة الصفر .
الاعتذار غير مبرر بالمطلق ... رغم انه حق كامل ... الا ان استخدام الحق لا يجوز بكافة المراحل .... لاعتبارات وطنية تفترض من الجميع ان يأخذ خطوة متقدمة لعل وعسى ... ان نتقدم جميعا بخطوات عديدة الى حيث تحقيق مصالحنا الوطنية ... وعدم وضع العراقيل أمامها وحتى لا نزيد من المصاعب والتحديات بفعل ايدينا ... والحالة وقد وصلت الي ذروتها ... والتي لم تعد تحتمل في ظل حالة فلسطينية داخلية لم تصل لمرحلة التقاط الخطر الداهم ... والاخطار القادمه ... وما يتهدد المشروع الوطني التحرري من مخاطر وتهديدات لا حصر لها .. وستكون نتائجها على الجميع ... ولن يستطيع حينها أحد ان يقول او يبرر حول صحة مواقفه ... وسلامة قصده ... وحسن تدبيره ... واتزان مواقفه .
والان وقد اصبح القرار نافذا ومعلن للرأي العام ان حركتي حماس والجهاد الاسلامي لن يشاركون بأعمال المجلس المركزي ... أصبح من حقنا ... بل من واجبنا الاعلامي المهني والوطني ان نحلل المواقف وان ندرس الابعاد والنتائج وان نقدر بما نجتهد من صوابية القرار او خطأه .
بداية سيبقى السؤال المطروح حول مكان عقد المجلس المركزي ... وصيغة الموقف النهائي من المشاركة او عدمها .. فلو افترضنا جدلا ان المجلس المركزي سيعقد بمدينة غزة ... او بالعاصمة اللبنانية بيروت .... فهل بالامكان ان تكون المبررات والاسباب المعلنة هي ذاتها ؟!!!
من حقنا ان نتساءل وان نتناول الاسباب من خلال التحليل التالي :-
اولا :- لقد كان عقد الملجس المركزي بتاريخ محدد مسبقا لم يعلن فيه موقف الاعتذار الا قبل ساعات قليلة فلماذا لم يكن الاعتذار قبل اسبوع او اسبوعين .
ثانيا :- الدكتور محمد الهندي عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الاسلامي يتحدث ان سقف القرارات لن يتعدى سقف السلطة وكأن المكان سيفرض السقف بينما لو كان المكان مختلف فسيكون السقف اعلى وهل المسألة ذات علاقة بنصوص انشائية وكلمات لغوية ام ذات علاقة بحسابات سياسية تفرض طبيعة القرارات الممكنة ... وتمنع اتخاذ القرارات غير الممكنة .
ثالثا :- حركة حماس ومبررات اعتذارها اضافة لموضوع المكان الذي لم يأتي على ذكره ... كان الموضوع اجتماع الاطار القيادي كنقطة تحول لامكانية قبول حماس بالمشاركة باجتماع المجلس المركزي ... فهل اجتماع الاطار القيادي سيحدث تحولا كبيرا في الموضوعات التي تم عرضها بالعلن حول اسباب وذرائع عدم المشاركة ؟
رابعا :- وفي سياق الاسباب التي تم تداولها حول عدم المشاركة يتحدثون الاخوة بحماس عن ضرورة مشاركة الكل الفلسطيني بعيدا عن الاحتلال والمقصود المكان رام الله وان غزة او بيروت تبعد عن يد الاحتلال وسطوته .
خامسا :- ما تم سرده كأحد اسباب الاعتذار رفع العقوبات عن قطاع غزة ... ولا اعرف عن العلاقة ما بين اجتماع المركزي الفلسطيني لتحديد قرارات وتغيير مسار لهذا العنوان المطروح .
سادسا :- تشكيل حكومة وحدة وطنية فهل لها علاقة مباشرة او غير مباشرة بالاسباب والاعذار التي تم طرحها بعدم المشاركة .
سابعا :- حماس تريد تطبيق قرارات اللجنة التحضيرية في بيروت فهل الوقت المتاح ما بين الدعوة وعقد الاجتماع كفيل بتطبيق تلك القرارات .
ثامنا :- حماس تريد المشاركة التي تخدم الشعب الفلسطيني ... وهل كافة المشاركين من داخل الوطن وخارجه لم يأتوا لخدمة الشعب الفلسطيني ؟
تاسعا :- حماس اعتذرت والكلام للسيد موسى ابو مرزوق عضو المكتب السياسي لحركة حماس عن المشاركة التي لا فائدة منها وهنا فالقرار مسبق ... والنتيجة مسبقة ... ولا فائده من أي اجتماع .
لم تتوقف الاسباب والاعذار الى هذا الحد بل ان الدكتور محمد الهندي عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الاسلامي قد رفض المشاركة للاسباب التالية :-
اولا :- ان سقف الاجتماع لن يتجاوز السقف السياسي للسلطة ولا اعرف ماذا كان مطلوبا من المجلس المركزي ان يتخذ من قرارات تتعدى حدود هذا السقف .
ثانيا :- وهنا استغرب السبب حيث يقال ان الاجتماع يأتي في ظل تحديات كبيرة تعصف بالقضية الفلسطينية وفي مقدمتها القدس ... فهل هذا سبب للقبول والمشاركة ... ام سبب لعدم المشاركة .
ثالثا :- التصريحات الايجابية بحسب تصريح الدكتور محمد الهندي التي تم الاستماع لها من قبل السلطة بعد قرار الرئيس الامريكي ترامب لم تترجم على ارض الواقع بوقف المفاوضات وهي بالاصل متوقفة ومجمده ولاغية ... ووقف التنسيق الامني والذي بالاصل مجمد وغير معمول به ... وسحب الاعتراف المتبادل وهذا ما هو قائم ... ولا يحتاج الى اعلان الا بحال الغاء اوسلو واضاف الدكتور الهندي حول ضرورة انجاز المصالحة ... وهل انجاز المصالحة يمكن ان يتحقق كشرط للحضور والمشاركة وخلال ايام قليلة ونحن امام 11 عام من الانقسام الاسود .
هذا ما تم الاعلان عنه حول موقف الحركتين حماس والجهاد الاسلامي لكنني ومن مدى تقديري الدائم واحترام موقف الحركتين ارى من وجهة نظري الشخصية ان الاسباب الحقيقية وراء الاعتذار محددة بالتالي :-
اولا :- حماس والجهاد ليسوا على ذات القناعه والاسباب حول عدم المشاركة ..... لكنهم لحقوا ببعضهم البعض حتى لا يسجل على احد منهم انه اتخذ قرارا مخالفا للاخر .
ثانيا :- مكان عقد الاجتماع لو كان بغزة او بيروت ... لتمت مشاركة الحركتين ... وتم طرح وجهة نظرهم داخل الاجتماع دون الاعتذار عن بعد وعدم المشاركة .... وبالتالي الخطأ السياسي في مرحلة لا تحتمل الاخطاء .
ثالثا :- حماس والجهاد الاسلامي يدركون جيدا ان اخر ما يمكن اتخاذه من قرارات ليس هدم المعبد .... فهم اكثر الناس خاسرين وليست بداية طريق مغايرة ... واسقاط خيارات ... واعلان خيارات جديده وبداية الطريق من نقطة الصفر ومسيرتنا لها عقود طويلة ... وتجربة مريرة ... وتضحيات جسيمة .... وواقعنا لا يحتمل المزيد من القرارات غير المدروسة بعناية فائقة .
رابعا :- حماس والجهاد يريدون الاستفادة القصوى من حالة الغضب حول القرار الامريكي ... والمواقف الاسرائيلية من خلال انتفاضة شعبيه عارمة لم تتحقق لصالح مواقفهم السياسية وتأكيد صدق توجهاتهم وخياراتهم ... والتأكيد على مدى الاخطاء التي ارتكبتها السلطة والمنظمة وحركة فتح وهذا لم يكن متاحا لهم واسباب عدم استكمال متطلبات انتفاضة شعبيه وفق حالتنا الداخلية من المؤكد ان الجميع يعرف اسبابها ومبرراتها .
خامسا :- حماس والجهاد لا يريدون ان يسجلوا على انفسهم انهم قد وفروا الغطاء ... والمقصود (غطاء المقاومة ) بقرارات سياسية ذات خيار سياسي ... يتناقض مع توجهاتهم ولكن بالامكان الاستفادة منه اذا ما حقق انجازات والمشاركة بها ... واذا لم يحقق انجازات فليتحمل من اتخذ قرارها المسؤولية كاملة .
سادسا :- حسابات الحركتين الداخلية والاقليمية لعبت دورا هاما وحاسما في اتخاذ قرار عدم المشاركة حتى ولو كان على ادنى مستوى ممكن ... حتى لا يسجل عليهم موقفا امام حلفاءهم .
سابعا :- عدم المشاركة باجتماع المجلس المركزي مما يؤكد على اننا لا زلنا بحالة تناقض .. واننا نبتعد عن مفهوم المصالحة ومتطلباتها وركائزها ... وعن الحالة الحقيقية التي يجب ان نكون عليها ... والتي تزيد من قوتنا ... والتي توفر عوامل ضعفنا والتي ظهرت بحالتنا الحالية .
ثامنا :- ثقافة عدم تحمل المسؤولية الجماعيه لا زالت ثقافة سائدة فيها الكثير من العيوب والثغرات ... من حيث التوقيت والانتظار وحسابات المصالح التنظيمية ... والابقاء على حالة الخلاف وكأنها سدا منيعا يحمي وجود كلا منا ... برغم ان حالتنا تهددنا جميعا ... بل تشكل مرحلة خطورة علينا .
فاذا لم تكن القدس .. والدولة .... والموقف من امريكا المعادية لحقوقنا ... وحتى الموقف من حكومة نتنياهو العنصرية الارهابية وحتى اعادة صياغة المسار السياسي من خلال المجتمع الدولي والامم المتحده ... والابقاء على حالة الثوابت والتمسك بالمبادئ والشرعيات الفلسطينية والعربية الاسلامية والدولية ومجمل الحقوق التي لا نختلف عليها ... لا تشكل دافعا لان نكون باجتماع واحد .. فمتى سنجتمع ؟!!!!
ومتى سنرسل برسالة واحدة نجمع عليها ونخاطب بها العالم بأسره حول أهدافنا ومقاصدنا ... وحقيقة نوايانا ... وصدق توجهاتنا ... ومدى تمسكنا بالسلام العادل والشامل الذي يحقق الامن والاستقرار داخل المنطقة .... والعالم .... وحتى نتمكن من اجهاض مشروع المؤامرة وصفقة القرن ... وحتى نتشارك جميعا بمؤسسات صناعة القرار الوطني ... اليس هذا بالوقت المناسب والملائم ... والذي فيه مصالحنا ؟!!!!!
الكاتب : وفيق زنداح