بعد نجاح المجلس المركزي في اتخاذ قرارات مصيرية وجامعة لبدء مرحلة جديدة من العمل النضالي وتغير طبيعة الاشتباك التقليدي مع سلطة الاحتلال والادارة الامريكية بدا واضحا ان هذا الاشتباك سوف يكون ضاريا وداميا وطويلا لأنه يعتمد على استراتيجية التحلل من التبعية للاحتلال الاسرائيلي والبحث عن رعاية دولية مختلفة لعلمية السلام تعتمد على حشد الطاقات الدولية المحايدة من اجل مؤتمر دولي كامل الصلاحيات لإطلاق عملية سلام حقيقية تلزم اسرائيل بالقبول بقرارات الشرعية الدولية وبالتالي انهاء الاحتلال الاسرائيلي والاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود العام 1967والقدس عاصمه ابدية في المقابل العمل على الارض لتفعيل الانتفاضات الشعبية واحباط كل مخططات اسرائيل جماهيريا بالإضافة لمستقبل العلاقة مع دولة الاحتلال ومستقبل بقاء واشنطن كراعي وحيد لعملية السلام وهذا ما كان مركز البحث والقرار في المجلس المركزي ’واعتقد ان تلك القرارات مهما كان سقفها فهي قرارات تاريخية نافذة ليست مجرد قرارات يصعب تنفيذها وانما اصبحت اطار العمل السياسي والوطني للمرحلة القادمة , لان اسرائيل والولايات المتحدة باتت تنفذان خطة متدحرجة التصفية القضية الفلسطينية وتفكيك مركباتها وهذا لابد وان يحسب حسابه فان تمت تصفية القضية الفلسطينية ولم يتمكن المجلس المركزي واللجنة التنفيذية من انقاذ القضية من بين انياب الولايات المتحدة الامريكية و اسرائيل والحفاظ على ثوابتها واولها القدس واللاجئين فانهم بذلك سيصبحون متهمين امام الشعب الفلسطيني بالمساهمة بتمرير تلك المخططات .
المجلس المركزي اتخذ قرارات هامة ولكنها ليست شاملة فلم يقرر المجلس اعلان فلسطين دولة تحت الاحتلال وانتظر لتحقيق ذلك دوليا من خلال الحصول على دولة كاملة العضوية في الامم المتحدة ,ولم يقرر المجلس تغير مسمي رئيس السلطة الفلسطينية الى رئيس الدولة ولم يقرر المجلس الغاء اوسلو علانية وبقرار مختوم وذلك لان المجلس المركزي يسير في استراتيجية التدحرج المرحلي باتجاه التحلل من كل العلاقات السياسية والامنية والاقتصادية مع الاحتلال الاسرائيلي والانتقال بالسلطة الفلسطينية الى دولة فلسطينية وبالتالي لم يتخذ المجلس المركزي قرارا واضحا بإعلان الحكومة الفلسطينية حكومة دولة ولم يكلف التنفيذية تشكيل حكومة الدولة لكنه كلف اللجنة التنفيذية باتخاذ كافة الاجراءات الادارية والقانونية لتعليق الاعتراف بدولة اسرائيل الى حين التزام اسرائيل بالاعتراف بفلسطين دولة على حدود العام 1967 و وقف الاستيطان و وقف ضم القدس العربية لكيانها , كما وكلف اللجنة التنفيذية باعتبارها حكومة الشعب الفلسطيني بالانفكاك من التبعية الاقتصادية لدولة الاحتلال وبالتالي اتخاذ الاجراءات الكفيلة بإلغاء اتفاقية باريس وايجاد البدائل الفاعلية لبناء اقتصاد وطني مستقل ,ولعل القرار المكرر هو الغاء التنسيق الامني مع الاحتلال بكافة أشكاله وهذا بات من اولويات الاجراءات التي تضمن الاستقلال الفلسطيني والخروج من تحت الوصاية الاسرائيلية والتأكيد على ان السلطة الفلسطينية هي سلطة الشعب الفلسطيني وليس سلطة ادارية وامنية كما يعتقد الاحتلال الاسرائيلي .
كل قرارات المجلس المركزي قرارات يستطيع الفلسطينيين تطبيقها على ارض الواقع و جعلها قرارات يرد بها الفلسطينيين على الاحتلال الاسرائيلي لتدفيع الاحتلال ثمن الاحتلال واسقاط كل مخططاته الرامية لضم الضفة الغربية لدولتهم الاحتلالية واعتبار القدس خارج دائرة الصراع ولا يمكن ادراجها هي واللاجئين ضمن إطار أي مفاوضات قادمة واهم هذه الاجراءات تنفيذ خطة وطنية وفصائلية وشعبية تهدف لتصعيد المقاومة الشعبية بكل اشكالها و وتفعيل المقاطعة الشعبية ضد كل الشركات والمنتجات الاسرائيلية في كافة الاراض المحتلة , ليس صعبا على اللجنة التنفيذية تجسيد المقاومة الشعبية على الارض باعتبار الانتفاضة الشعبية طويلة الامد احد الاساليب الهادفة لدحر الاحتلال الاسرائيلي ونيل الاستقلال, وليس صعبا على اللجنة التنفيذية تنفيذ أي قرارات نحرم وتخون كل من يجلس مع الاحتلال الاسرائيلي او الامريكان باعتبار ان قرارا ترامب الخاص باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل مازال قائما ولا تعترف بالدولة الفلسطينية , وليس صعبا على اللجنة التنفيذية اتخاذ الاجراءات التي من شانها ان تخفف عن اهل قطاع غزة والسير باتجاه الزام حماس العمل بالشراكة الوطنية الكاملة في اطار تحقيق المصلحة العليا للشعب الفلسطيني ,وليس صعبا على اللجنة التنفيذية ايجاد الطرق والسبل التي من خلالها يمكن تعزيز صمود اهل القدس وتثبتهم في اراضيهم ,وليس صعبا على اللجنة التنفيذية الدعوة لقمة عربية تفعل قرارات قمة الاردن 1980 القاضية بقطع علاقات الدول العربية مع الدول التي تنقل سفاراتها للقدس, وليس صعبا على اللجنة التنفيذية تشكيل خليه عمل سياسي تتشابك مع الدوائر السياسية العربية والجامعة العربية ودول عدم الانحياز والاصدقاء الأوروبيين و روسيا والصين واليابان لبلورة اطار يقضي بعقد مؤتمر دولي للسلام كامل الصلاحيات لاطلاق علمية سياسية حيادية تعمل على تطبيق حل الدولتين حسب المرجعيات الدولية واولها قرارات الشرعية و مبادرة السلام العربية 2002 .
اليوم بعد نجاح المجلس المركزي في اتخاذ قرارات منطقة وعقلانية قابلة للتطبيق تصلح كاطار للعمل الوطني خلال المرحلة المقبلة وتأجيل البعض لمراحل قادمة اصبح مفهوما ان المجلس المركزي اودع كل تلك القرارات لدي اللجنة التنفيذية باعتبارها صاحبة الصلاحيات بتنفيذ كل قرارات المجلس المركزي دون انتقائية, واعتقد ان التعليمات صدرت واضحة للجنة التنفيذية باتخاذ الاجراءات المناسبة وتحديد الوقت المناسب لتنفيذها دون التسويف والتأجيل لانها قرارات تمثل كل الشعب الفلسطيني وقرارات ملزم للكل الفلسطيني من شارك في صناعة هذه القرارات او من تواري وانتظر ليصدر البيانات الناقدة والمشرحة وكانه يريد المشاركة في قيادة العربة الفلسطينية من الخلف , الايام القادمة مهمة كاختبار حقيقي لمدي جدية المجلس المركزي وتحقيق شرعيته قيادته للكل الفلسطيني لان شرعية المجلس تتمثل في تطبيق اللجنة التنفيذية لكل قراراته كما جاءت في البيان الختامي .
بقلم/ د.هاني العقاد