" فمن یقول إننا ذاھبون للتنازل في المفاوضات فإنھ لا یعرف إسحق شامیر , ومن یقول إننا ذاھبون للمصیدة فإنھ لا یعرف اللیكود ولا یعرفني"
لم تكن اوسلو وليدة محطة مستقلة بحد ذاتها بل كانت نتاج مسيرة من الاتصالات والمفاوضات السرية بين الجانب الفلسطيني والاسرائيلي والتي بدأت في اوائل السبعينات من القرن الماضي وبروز الحل المرحلي والنقاط العشر والخروج من الساحة اللبنانية على قاعدة ومساق الحل السياسي هذا التوجه الذي انعكس على كل ادوات العمل الداخلي لمنظمة التحرير والفصائل ففكرة الثورة اضمحلت وتلاشت بل فكرة التحرير الكامل للتراب الوطني الفلسطيني واصبح اعداد المكون العسكري في الشتات كركيزة واطار للقوة الامنية التي يسند لها حفظ الامن في تصور اي حل سياسي مطروح للقضية الفلسطينية ،يقول ابو مازن في كتابه " طريق اوسلو "حاول ان يمرر بالاشتراك مع عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الفلسطيني نعيم الاشهب فكرة القبول 242 و 338 كاساس لعملية سياسية واي مبادرة سياسية " ابان انعقاد المجلس الوطني في الجزائر في 15/11/88م وبعدها جاءت مبادرة ابو عمار امام الجمعية العامة عام 1988م والتي ركز فيها " على مبادرة الواقعية والممكن لحل القضية والعدل الممكن لا المطلق ن وعلى ان تضمن اي مبادرة السيادة , والحرية ، وتبدل المصالح ووجه ابو عمار رسالته للاسرائيليين قائلا "( تعالوا بعیداً عن شبح الخوف والتخویف , لصنع السلام , سلام الشجعان , بعیداً عن غطرسة القوة , بعیداً عن شبح الحرب المتواصلة ) .
بعد هذا الخطاب صدر قرار من الادارة الامريكية بفتح الحوار مع منظمة التحرير الفلسطينية , وعلى ضوء ذلك نظمت امريكا لقاءات بين ابو عمار ويهود امريكا ، لقد كانت (أمیركا) ترید أن تدفع (م.ت.ف) إلى إعطاء تنازلات حیویة ومھمة , والاعتراف (بإسرائیل) , ورغبتھا ھذه قدیمة سبقت الدعوة التي تحدث عنھا (سایروس فانس) مع المصریین والسعودیین لإقناع الفلسطینیین بالاعتراف بالقرار 242 , والاعتراف (بإسرائیل).
وضح شامير معنى ومفهوم السلام الذي تريده اسرائيل في مقالة له نشرت في مجلة فورين افيرز مدونا " إن السلام تریده (إسرائیل) مرتبطاً بالأمن . وأضاف :- ( أنھما لن یتحققا إلا إذا كانا مرتكزین على القوة الإسرائیلیة , فالسلام لا یتحقق إلا إذا كانت إسرائیل قویة) أن القوة ستجعل العرب یتنازلون عن كثیر من أولویاتھم , وأھدافھم في خدمة أھداف ومصالح (إسرائیل) فقط , حیث سیخسر العرب في , ومبادئھم , وستجعل السلام أیضاً النھایة كل قضایاھم.
عند توقيع اتفاقية اوسلو تعانق ابو مازن مع ابو عمار مستبشرا بنهاية عصر النضال حينها قال ابو عمار "" ( إنھا بدایة عصر جدید , وخاتمة عشرات السنوات من النضال
وقعت الاتفاقية او اعلان المبادي في النرويج20/8/1993م من قبل بيرز ومحمود عباس ، اردنا هنا ان نضع موجز مختزل كيف سارت الامور وتوجهات منظمة التحرير ومن ثم التوجهات الاسرائيلية والامريكية والتي لو وضعنا تفاصيلها وما دار في الجولات العشر بين الجانب الفلسطيني والاسرائيلي لاندهشت من مقدار التلهف الفلسطيني للوصول الى حل واتفاق حيث قال احد المفاوضين الاسرائيليين اانا فوجئنا من مقدار التنازلات الفلسطينية ولذلك كان علينا ان نرفع من سقف شروطنا وطلباتنا والتنازلات المطروحة بخصوص القدس واللاجئين والمياه
فرحت منظمة التحرير باعتراف امريكا بها وخاضت مفاوضاتها مع امريكا على اسس قرار 242 وحل الدولتين والتي اجاب فيه الاسرائيليون على طلبات الفلسطينيين باننا لن نستطيع ان نعطيم السيادة مرة واحدة وعليكم ان تنتظروا ، وهنا وبعد عقد ونصف من توقيع اوسلو ثبتت رترؤية شامير بان الفلسطينيين خسروا كل شيء وكذلك العرب ، فكانت الاهداف الاسرائيلية المبطنة من اوسلو اولا احتلال بدون دفع الثمن ، انهاء فكرة الثورة الفلسطينية " التطبيع الثقافي " اعتقال المؤسسات الفلسطينية تحت بند التمويل الدولي ، استغلال الزمن لبناء عشرات الالاف لمنازل المستوطنيين في الضفة ، تهويد القدس والاستحواذ على المياه واستثمار منطقة الغور والبحر الميت ، بحجة السلام مع الاسرائيليين قامت كثير من الدول المساندة بالاعتراف باسرائيل واقامة علاقات متكاملة معها ، شجع دولا عربية لاقامة علاقات جهرا وسرا مع اسرائيل .
ماذا حقق الفلسطينيين من اوسلو :
1- حوصلت كل قوات الثورة في اجهزة مسيطر عليها من قبل اسرائيل وتحت بند الحالة الوظيفية الجديدة للمقاتل الفلسطيني وتحت غطاء التنسيق الامني وحالته الوظيفية ومتطلباته
2- دخول عشرات الالاف من الفلسطينيين الى ارض الوطن وهذا لا يعد انجازا سياسيا
3- احتواء سياسي من خلال مفردات اوسلو وان انتهت وانهتها اسرائيل كما قال محمود عباس
4- ضرب الثقافة النضالية للشعب الفلسطيني واعتقالها في الرتبة والراتب
5- منح الفلسطينيين جواز سفر فلسطيني استنادا للهوية الوطنية التي تصدرها اسرائيل
6- استيلاء سرائيل على 70% من اراضي الضفة و850 الف مستوطن
7- المناخ السياسي والوظيفي للسلطة ومنظمة التحرير الميته بما فيها الظرف الاقليمي سمح لترامب اصدار وثيقته بخصوص القدس
8- عزل غزة عن الضفة في انقسام يلبي المخطط الاسرائيلي وحصار غزة في حين ان ماقبل اوسلو كان هناك وحدة للاراضي المحتلة الفلسطينية انتجت الانتفاضة الاولى التي استثمرتها منظمة التحرير في خطها التسووي
9- من نتائج اوسلو تغيير المناهج التعليمية وحذف البنود الخاصة من الميثاق الوطني الخاصة بالتحرير والثقافة الوطنية
10- فتحت اوسلو المجال الواسع لانهاء قضية اللاجئين والقدس وهددت وحدة ما تبقى من ارض الوطن تحت طائلة مشاريع امريكية وخاصة صفقة القرن التي تحاول ان ترسم جغرافيا سياسية بديلة للفلسطينيين .
الفلسطينيون وجدوا من اوسلو واقصد هنا قيادة المنظمة وتحولها للاقطاع السياسي بانها تحقق مصالحها في الاستحواذ والانفراد الوظيفي والمصلحي بمصالح الشعب الفلسطيني كأي نوع من الاقطاع واحد انواعه .
قال قادة اسرائيل ان اوسلو وقع عليها الفلسطينيون ولم يعرفوا على ماذا وقعوا اما نحن فانها الاتفاقية المبدعة والذكية للمفاوض الاسرائيلي والتي مكنت الاسرائيليين من سلب اي خيار فلسطيني وما عليهم الا ان ينفذون رؤيتنا مستغلين عامل الزمن في المفاوضات لتصبح وتبقى ارض الميعاد يهودية للشعب اليهودي .
سميح خلف