عقدة المصالحة ... من يمتلك حلها ؟!!!!!

بقلم: وفيق زنداح

أتمنى في ظل العواصف والرياح العاتية ... وتقلبات المناخ وشدة المنخفضات ... ان يخرج علينا أحد ليقول لنا ... وبصورة محددة ... وبمفردات واضحة انه اذا ما تحقق رقم (1) رقم (2) رقم (3) ... وحتى (عاشرا ) ستكون المصالحة قد تحققت ... والوحدة تجسدت ... واصبحنا بحال غير الحال ... وبواقع غير الواقع .

لكنني أكاد أجزم واحسم موقفي ... بأن الامور ليست بهذه السهولة ... وليست بهذه البساطة لان تداخلاتها كثيرة ... ومصالحها متضاربة متناقضة ... واولوياتها مختلفة ... الامور مبهمة الى درجة كبيرة ... والمطالب مفتوحة على طول الطريق ... والاطماع أكبر من المصالحة ... والمصالحة اصبحت ليست الغاية ... بل ان الشعار الذي يتردد ... وبكل ما يقال حول الانقسام وتبعاته وكوارثه وازماته الطاحنة ... مجرد طحن للهواء ... والماء .... وترديد للكلمات التي اصبحت بلا معنى ... فلا أحد يسمعها ... ولا أحد يأخذ بها ... حتى وصلنا الى مرحلة ان لا احد يصدقها .

القوى السياسية لا تبخل علينا بتصريحاتها ... وشعاراتها ... ولا تبخل بدعم نفسها ... ونسياننا ... ولا تقلل من تكرار نفسها بأنها الاقدر ... والاكثر معرفة بحقيقة واسرار الامور من عامة الناس ... وهم يكررون اخطاء كبيرة بوهم انفسهم ... واستمرار خطيئتهم ... انهم يعرفون ... وغيرهم يجهلون .

الحقيقة الكاملة ... ووهم البعض بمعرفتها دون البعض الاخر ... مجرد خيال واوهام على قاعدة ان القصة بكاملها وبكافة فصولها ... مشاهدها وحديثها ... شخوصها والقائمين على اداء دورهم من ابطال المسلسل ... وحتى من الكومبارس ... جميعهم وقد كشفت ادوارهم واولوياتهم وأهدافهم ... ولم يعد خافيا ما يمكن اخفاءه ... حتى النوايا وقد اصبحت مكشوفة ... وحتى ما في القلوب ... كما في العقول .

الانقسام اسود ام ابيض ... والانقلاب خير ام شر ... والحسم ضرورة ام مصلحة ... مسميات ومتناقضات نشمئز منها ... وتقشعر ابداننا بسماعها ... وتلفظها قلوبنا ... وعقولنا وضمائرنا ... ولا يقبل بها أحد منا .. مع ان البعض منا ... من فعلها ودفع ثمنها البعض الاخر .

يتحدثون طوال النهار ... وعلى مدار الليل ... حول ما يسمى المصالحة ... وما يسمى الوحده ... وما يسمى القدس ... وما يسمى فلسطين وحريتها ... مسميات كثيرة لا تعداد لها بقاموسنا ... ولكن لا فعل لها لاجل تحقيقها ... الكل يتحدث ... كما الكل لا يترك مجالا او متسعا لغيره للعمل ... حالة سباق ... كلا يسعى لاقناع جمهور المستمعين والمشاهدين ... وحتى الاموات بقبورهم وحتى من هم خارج الوطن .. انهم يمتلكون الحقيقة وان غيرهم يعمل بعكسها ... وبما يتناقض معها ... بل يحاولوا افشالها .

الحقيقة ان كافة المستمعين والمشاهدين ... الاحياء منهم والاموات .. وحتى المرافقين من حولكم ... لا يصدقون كلمة واحدة مما تقولون ... بل يعرفون مساحة ومقدار التناقض مع الحقيقة ... وما يجب ان يقال .

ثقافة غريبة ... وسياسة عجيبة ... لا نعرف مصدرها ... وبالتأكيد لم نطلع على منطلقاتها ... لكنها مسلسل متواصل بفصول متعددة وبشخوص عديدة ... وبتصريحات متناقضة كلها بمجموعها او بأغلبيتها تعمل على اقناعنا ... والتأثير علينا ... وأخذنا الى مربعات من يتوهمون الحقيقة ... وهم يجهلون .... او يتجاهلون ان حقيقة القصة بكاملها ... وبكامل فصولها وحتى نهاية المشهد الاخير لها ... ماثلا أمام اعيننا ... ولم يعد باستطاعتنا الاستماع للمزيد ... كما لم يعد بامكاننا مشاهدة اكثر مما شاهدنا .

الجميع وقد تعرف على الحقيقة بحكم المكان والزمان ... او بحكم التجربة والعمل ... او بحكم ثقافة الاستماع ... او ثقافة القراءة ... او ربما البعض الاخر بما تتناقله الاجيال .... من موروثات ثقافية وتجارب تاريخيه ... واحداث حقيقية ... ونتائج ملموسة .

أي ان الناس جميعا وباختلاف مستوياتهم الثقافية ... وتراكم تجربتهم المعرفية ... وحتى ميولهم السياسية والعقائدية يدركون الحقيقة ... كلا بقدر ... وبما يقبل ... وبما له مصلحة ... او رضى وقبول ... حتى اصبح المشهد بكافة تفاصيله وعناوينه ومنطلقاته قد اوصلنا الى النتيجة النهائية ... حتى لا يستمر التلاعب بنا ... والعبث بمصالحنا ومقدراتنا ... واقعنا ومستقبلنا ... بعد ان قرأنا تاريخنا بعناية فائقة .... وحتى لا يستمر الشطح بنا ... وكلا منا يأخذنا الى مربعه ... نريد ان يخرج علينا من يقول لنا .... اننا قد وصلنا الى هذا الحال لاسباب ذات علاقة بأرقام محددة .... وعناوين واضحة .... وان الخروج من هذا الحال يحتاج الى ارقام محددة ... وعناوين واضحة .

لم يحدث ان قيل لنا عناوين محددة .. او مواقف ضبابية لا يشوبها الكثير من التحليل ... كلا يتحدث ... والكل يتناقض مع غيره ... حتى اصبحنا نرفع عنوان المصالحة ... ولا نحدد عقدتها .. وكيفية الخروج منها .. او ايجاد الحلول لها .

نحترمكم ... ونقدركم ... ونعمل دائما على التفاخر بكم والاعتزاز بوجودكم ... لكننا وللامانة المهنية والوطنية قد وصلنا الى مرحلة عدم الايمان بكم ... بل وصلنا الى مرحلة التشكيك بثقافتكم ... وكيفية ادارتكم للازمة ... وحتى كيفية الخروج منها ... كما اصبحنا نشكك بقدرتكم على ترتيب الاولويات ... وتحديد المخاطر ... القائم منها .. والقادم الاخطر .

نشهد انكم مناكفون من الدرجة الاولى ... وانكم مزايدون لدرجة لا حدود لها ... وانكم لا تقولون الصدق الى درجة واضحة .... وانكم تعيدون تكرار تجربتكم ... دون ادنى استفادة من استخلاصات بجربة ماضية .

نشهد لكم انكم تريدون الواقع على حاله ... ولا تريدون التخفيف عن شعبكم ... بل تريدون الابقاء على الازمة وتفاقمها والمشهد وتعقيداته ... لا تريدون حلولا ... بل تريدون الابقاء على عقدة المصالحة ... تريدون الابقاء على الازمات والعقد والمصالح .. ولكنكم تدخلون مفرد المصالحة ... حتى يطمئن الناس ان هناك شئ ما اسمه مصالحة .

لقد اوصلتم شعبكم الى حدود لم يكن يتمنى الوصول لها ... والى حالة غضب واستهجان ... واستغراب شديد ... والى حد الشك وعدم الثقة ... وصلت الامور الى حد التأكد من ان هناك مؤامرة خارجية يتم تنفيذها من ابناء جلدتنا ... بل اوصلتمونا للشك بأنفسنا بأننا لا نستحق حياة كريمة ... ولا نستحق حرية كاملة .

افرحتم اعداءنا ... واغضبتم اصدقاءنا ... وجعلتم اشقاءنا بحالة استغراب ودهشة ... حول ما نفعل بأنفسنا ... وكيف ندير حالنا .

لقد وصل بنا الشك الى الحد ... اننا نقول لبعضنا باننا وحدنا ... ونكلم انفسنا ... نعاني ونتألم .... ولا يسمعنا أحد حتى نكاد ان نصل للحد الذي لم نعد نصدق به أحد ... كما وصلنا لنتيجة مفادها ان الانقسام كذبة بكل مرارتها ... وان المصالحة كذبة أكبر بكل تمني تحقيقها ... وان الوحدة شماعة نعلق عليها قصورنا وعجزنا مع انها شعار نردده منذ عقود ... وان الفصائل عزتنا وكرامتنا ونماذج قيادتنا ومن خلالها سنحقق أهدافنا ... كل شئ يسقط ويتساقط كأوراق الخريف ..... ومع شدة الرياح ... ومع قصر النظر .. وضيق الافق ... كل شئ يتساقط بفعل ايديكم واخطاء فكركم ونواياكم .

اوصلتمونا الى الحد الذي لم نعد نفرق فيه ما بين الموت والحياة وحتى ما بين الحرية والعبودية ... وحتى ما بين الجبن والشجاعه .. ادخلتمونا بمتاهات ومنزلقات ... بفعل مصالحكم الضيقة واجنداتكم الخارجية ... واطماعكم الذاتية ... كل ما تقولونه تفعلون عكسه .

نريد ان نتعرف او يقول لنا أحد ... عن اسما نسعى اليه ... ونطلب منه ... ونقدم له ... ونتوسل اليه ... وان يقول لنا حول السر لفكفكة عقدة المصالحة .... فهل يوجد لدينا من يمتلك هذا السر ؟!!!

(11) عام ليس لهم اول من أخر ... ولا فائدة تذكر منهم ... بل كافة المصائب من وراءهم من جوع وفقر ومرض وبطالة وامراض نفسية وعضوية ... حصار وضياع لمشروع وطن ... حتى ضياع القدس والضفة الغربية كل شئ يضيع امام اعيننا ونحن لا زلنا نجادل بعضنا .... ونتفنن بالمزايدة على بعضنا ... وكأن كلا منا قد عمل ما عليه ... وفعل كل ما يطلب منه ولم يقف احد منا لمحاسبة نفسه .. ومدى قصوره وعجزه ... وما استخلص من نتائج .... لم يخرج أحد بشجاعة ... حتى بالقول ليقول انني اخطأت ... وان حساباتي خاطئة .... وانني قد قصرت هنا وانجزت هناك .

تعالي كاذب ... وكبرياء زائف ... ومحاولة خداع وتزوير ... والشعب بمجمله يعرف الحقيقة الكاملة ... بل يعرف كافة التفاصيل ليس من خلال معلومات .... ولكن بأحساسه الفطري ... ومشاعره الصادقة .. ومتابعته الدائمة ... ولانه من يدفع فاتورة هذا الواقع من قوت ابناءه ... ومن مستقبل اجياله ... لهذا يعرف جيدا كافة تفاصيل القصة ... التي نحن فيها ... والتي نتمنى ان يكون كتابها والقائمين على تمثيلها وبطولتها ... قد تعرفوا على الحقيقة كما تعرف الشعب عليها .

بقلم/ وفيق زنداح