كيف يمكن ان نفهم الاشاعات المكثفة والموجهة التي يتم تداولها عبر بعض وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي حول قرب فشل المصالحة الوطنية والبحث عن بدائل ممكنة، ازعم ان زج اسم القيادي الفتحاوي محمد دحلان ليس سذاجة او جهل وأيضا ليس بنية بريئة، وانما هو استغلال لاتساع رقعة شعبية الرجل وارتفاع نسبة امال الناس المعقودة عليه فمن جانب إضفاء نوع من المصداقية على الاشاعة وسرعة ترويجها ومن جانب اخر محاولة لزعزعة ثقة الناس المتنامية به ....وخلط الأوراق وإيجاد المبررات للهروب مما هو واجب وطني وبحث عن رصاصة الرحمة .
اجزم ان النائب دحلان كان الاجرأ والأكثر وضوح في طرح منهجه ورؤيته المستقبلية من خلال رسائل متتالية نشرها للراي العام خاطب فيها شعبنا ومؤسساته وقواه الحية والفاعلة وكذلك كان قادر على ترجمة رؤيته بشكل عملي في اطار السعي لإنهاء الانقسام والبدء بخطوات جادة في مصالحة وطنية شاملة, وتقدم نحو ملفات كانت تعتبر من القنابل الموقوتة والأكثر خطورة على النسيج المجتمعي على راسها ملف المصالحة المجتمعية الذي يعتبر الملف الأخطر اثرا على مصالحة حقيقية بعد النتوءات التي خلفها الاقتتال الداخلي وخلف حالة من التفسخ والكره الاجتماعي وقد نجح في اغلاق جزء كبير من الملف وكان بمقدوره الاستمرار في الملف حتى نهايته لولا إشارات جاءت بان هناك من يتعلل من اجل التهرب فكان قرار التوقف حرصا على استمرار المصالحة الوطنية حتى لا يكون هذا الملف او غيره عثرة في طريقها ...
وازعم بان دحلان كان همزة الوصل الأولى في البدء في المصالحة الوطنية التي بدأت بحل اللجنة الإدارية من القاهرة والتي قد يكون بعض الأطراف خاضها قناعة او مكرها، وقد أعلن في حينه على لسان القيادي سمير المشهراوي بان وجوده او عدم وجوده لن يكون عثرة في وجه مضي المصالحة رغم التفاهمات التي عقدها مع قائد حماس في غزة السنوار وكانت الأساس التي حركت ملف المصالحة وقد أوضح في حينه ان تدخله جاء بعد تصاعد معاناة جزء من شعبنا في القطاع التي وصلت حد الانهيار و كان من غير المقبول استمرار مشاهدة تصاعد المأساة في القطاع وكأنها تدور في كوكب اخر ....
وتقديري بان دحلان لن يقبل ان يكون رصاصة الرحمة التي تطلق على جسد المصالحة التي تحتضر بفعل التهرب من المسؤوليات وتتجاهل معاناة الناس المتصاعدة بل سيبقى موقفه كما هو عليه التمسك بالشعرة الدقيقة لنجاح مسارها لأنها المخرج وحيد الاتجاه للوضع الفلسطيني الراهن داخليا وعلى المسار السياسي المتعثر والمتردي ...
وازعم انه لو كان لدى دحلان رغبة او رؤية فيما يطرح مؤخرا لن يخجل من الإعلان عنها لاسيما وان الأرض خصبة ومهيئة لذلك وأيضا بتقديري ان دحلان لن يتحلل من وعده بعمل كل ما يلزم ويستطيع من اجل التخفيف عن شعبنا والخروج به من الواقع الحالي لكني اعتقد جازما انه حتى في حالة فشل المصالحة والاعلان الرسمي عن ذلك لا سمح الله لن يتقدم دحلان أي خطوة الا بطلب رسمي من الأطراف الفاعلة في قطاع غزة التي قد تدفعه في حينها لدراسة الخيارات الممكنة والتي لا تتعارض مع ثوابته بالحفاظ على وحدة الشعب الفلسطيني ...
بظني ما يحتاجه شعبنا الان ليس ترويج الاشاعات واثباتها او نفيها فان ما يتوق لسماعه هو جدية وصدق في تنفيذ المصالحة والخروج به من واقعه المأساوي الذي وصل اليه وعلى الكل الفلسطيني عدم السماح بفشل المصالحة والضغط شعبيا ورسميا حتى تحقيقها لأنها غاية وليست وسيلة.
رمزي نادر
22/كانون الثاني/2018