بنس خربتها على الآخر

بقلم: رمزي النجار

بعد الاستقبال المهيب الذي حظي به بنس نائب الرئيس الأمريكي في اسرائيل جاء خطابه في الكنيست الاسرائيلي ليحمل صورة استرضاء الصهيونية وتحدياً جديدا للعرب والمسلمين بأن القدس عاصمة اسرائيل عبر التاريخ ماسحا التاريخ بأكمله دون النظر بأدني اعتبار الى العرب وكأنهم ليسوا على الخارطة ولا في الحسبان الامريكي، وحمل مغالطات عقائدية ودينية وتقديس لليهود على حساب المسلمين، وكان الخطاب منسجماً مع موقف الرئيس الامريكي ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة اسرائيل، وطمأنه اسرائيل بأن سفارة الامريكان سوف تفتح ابوابها من القدس قبل نهاية العام القادم، ويؤكد مره أخرى تعدى الولايات المتحدة على القانون الدولي وخرق القرارات الدولية وانحيازها الكامل إلى جانب اسرائيل ظالمة أو مظلومة، بل الذهاب إلى أبعد الحدود بأن اسرائيل دولة سلام وتسعى اليه دون العرب، قالها بصراحة مطلقة، فهل وصلت رسائل بنس الى العرب.

لقد حسم بنس الموقف الامريكي بشكل نهائي اتجاه القدس، وما التصفيق الحار في الكنيست لبنس على خطابه لم يحظى به أي شخصية امريكية مسئوله من قبل، دليل واضح على الرضا الاسرائيلي من إدارة ترامب ونائبة الذي حمل صورة فكرية صهيونية بامتياز، كما أن القارئ لخطاب بنس يدرك جيدا ما بين السطور حول موقف الأنظمة العربية التي يبدو أنها تختلف في السر على المعلن في الاعلام، وعلينا وعليكم السلام، فالأمور أصبحت واضحة وضوح الشمس بأن القادم لا يحمل إلا تنازلا من العرب عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

لقد خربتها يا بنس على الأخر عندما أبديت موقفا معادي للعرب والمسلمين وخاصة الفلسطينيين ومحوت من الذاكرة تاريخ القدس الاسلامي من أجل استرضاء اليهود على حساب العرب، ولم تترك مجالا للعرب للرد على خطابك، ولن يكون هناك رد، بل كشفت المستور عندما قلت بأن الاعتراف بالقدس عاصمة اسرائيل سيحقق السلام في المنطقة، فهذا سلام من نوع خاص لا يقبله إلا المستسلمون، فالسلام الحقيقي يكون بتطبيق قرارات الشرعية الدولية، وليس سلام بطعم الانحياز الكامل لدولة اقيمت على أرض ليست أرضها، كما أن السلام الذين تتحدثون عنه لم يعد له طعم ولا رائحة، لأنه سلام الأوهام الاسرائيلية، فلم يعد هناك طريق للسلام بطريقتكم التي أخرجت فحواها ومضمونها عن مسارها الطبيعي.

وبقي أن نقول أنه من الطبيعي أن تتمسك اسرائيل بأمريكا راعية للسلام لموقفها الداعم والحاضن لدولة اسرائيل وحمايتها واستنهاضها، كما أنه لم يعد مقبولا فلسطينيا ولا أحد يختلف على ذلك أن تبقي أمريكا راعية للسلام في المنطقة بعد مواقفها المضادة والسلبية، ولا ندرى ما هو الموقف العربي بعد كل ذلك، وهل يا ترى تقبل أوروبا دور الوسيط في عملية السلام، تساؤلات مشروعة إن بقي هناك أمل في السلام الذي بات في عالم الاوهام، لقد خربوها الامريكان وبنس خربها على الآخر في مضمون خطابه أمام الكنيست ولم يترك فرصة للسلام المزعوم، وعلينا الانتظار طويلا ما بعد استنهاض احلام العرب من غيبوبة الفاقد للشيء لا يعطيه.

بقلم/ د. رمزي النجار