زيارة مايك بينس نائب الرئيس الأمريكي إلى المنطقة تمت بعد تأجيلها عدة مرات ولعدة اسابيع، وسجلت فشلاً واضحا، فلم يتمكن من إختراق مواقف العواصم التي زارها، فلقد أؤكد له أن الحل الوحيد الممكن يتمثل في حل الدولتين وان القدس الشرقية لها وضع قانوني خاص وهي عاصمة دولة فلسطين، وأن الالتزام بالقرارات الدولية هو المدخل الرئيس للسلام وأن استئناف العملية السياسية لا يتم اﻻ بالغاء الخطوات الأمريكية المرفوضة، ومن معالم فشل زيارة بينس ما أكده بقوله أنه قد اتفق مع الملك عبدالله على أنهما مختلفان بشأن قرار ترامب حول القدس، كما أن القاهرة قد أبلغته أنها مع القرارات الدولية والمبادرة العربية وترفض القرار الأمريكي بشأن القدس.
الرئيس ابومازن والقيادة الفلسطينية يعملون على استمرار بقاء الكرة في ملعب الأسرة الدولية حتى لا نكون لاعبين وحدنا في معادلة غير متكافئة، حيث يحاول ترامب ومعه نتنياهو استخدام كافة أسلحتهم السياسية و الضغط من خلال المصالح الاقتصادية لإنهاك الموقف الفلسطيني الذي تسلح بالمواقف الدولية، وكما أن مقاطعة زيارة بينس تعني أنه لا نية فلسطينيا للتراجع عن المواقف التي اعلنت في المجلس المركزي، ورفض تفرد الإدارة الأمريكية في العملية السياسية وعدم قبول استئناف المفاوضات تحت السقف الأمريكي المنحاز لإسرائيل، ورفض كل القرارات الأمريكية الجائرة وعلى رأسها اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لدولة الكيان العبري.
فشلت زيارة نائب الرئيس الأمريكي لأنه جاء متبجحا، متصهينا، محملا بالكراهية والعنصرية والعداء لحقوق الشعب الفلسطيني والتنكر للقرارات الدولية، واتضح من خطابه بالكنيست وتصريحاته أن الصفقة المشؤومة قد صنعت خصيصا بتحريض إسرائيلي وتشمل القدس، "ولم يتمكن من إزاحة القدس من الحل النهائي"، والأونروا "لالغاء حق اللاجئين والعودة، وقد خرجت التصريحات من الدول المختلفة بزيادة حصتها المالية والالتزام بها"، وأما الحدود فمحصلة فشله تعني أنه لا بديل عن الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود حزيران 1967م.
النتائج الحقيقة لزيارته الفاشلة ستظهر خلال الفترة القادمة وستتمثل في فشل ابتزاز القيادة والشعب الفلسطيني مالياً، واستمرار المقاومة الشعبية رفضا للاحتلال وللانحياز والعداء الأمريكي، واستمرار الاشتباك السياسي في المحافل الدولية للوصول الى دولة فلسطينية كاملة العضوية في الأمم المتحدة، وقد نصل الى عقد مؤتمر دولي، يتناول آليات معتمدة وبسقف زمني معلن وبضمانات دولية ولا مانع أن تكون الإدارة الأمريكية واحدة من ضمن المجموعة الدولية على غرار اتفاق إيران (5+1) بشرط الالتزام بالقرار الجماعي الدولي، من خلال مشاركة واسعة وفعالة من الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين واليابان واسبانيا وغيرها من الدول لتشكيل قوة دولية يمكنها أن تمارس دورها وإعادة زخم العملية السياسية.
بقلم/ د. مازن صافي