في اكثر من مرة في إطار الصراعات الفصائلية الفلسطينية،جرى المس بقامات ورموز وقيادات وطنية..وفي كل الحالات وجدنا بأن هناك عناصر مدسوسة وماجورة تغذي هذه الصراعات ويقف خلفها الاحتلال وأذرعه الأمنية،او تقوم بها عناصر جاهلة او مدفوعة بغريزة التحريض الفئوي المقيت،معتقدة بانها بقيامها بتدمير او تهشيم او تكسير نصب لرمز وقائد وطني وقومي كبير،قد حققت انجازاً او نصراً في ذلك...ولذلك ما جرى في منطقة الدوحة من قيام بعض العناصر التي لا نعتقد بأنها تمت لثقافتنا الوطنية بصلة أو انها تنتمي لجهة حزبية او تنظيمية بتكسير نصب للقائد القومي والوطني الكبير د.جورج حبش، ولا نعتقد أيضاً أن هناك من هو وطني عاقل ومنتمي قد دفعها لمثل هذه الفعل التخريبي والتوتيري. ....وواجب القوى الفلسطينية بكل مكوناتها ومركباتها السياسية والوطنية والمجتمعية، ان لا توفر بيئة حاضنه لمثل هذه العناصر حتى يسهل كشفها ومساءلتها ومحاسبتها،وحتى لا تقود الحركة الوطنية الى متاهات وصراعات جانبية في ظل وضع يشن فيه الإحتلال والأمريكان عدواناً شاملاً على شعبنا بغرض تصفية قضيته ومشروعه الوطني ...ولذلك المسؤولية هنا تقع بالأساس على الثقافة والتربية الحزبية والتنظيمية والوطنية....تربية وتثقيف يجب ان يقوما على ان قامات ورموز وقيادات شعبنا من الشهداء،خط احمر،لهم قيمتهم واحترامهم وأفكارهم ومبادئهم وتعاليمهم الخالدة في ذاكرة ووعي شعبنا الفلسطيني...ولهم دور كبير ومحوري في النضال والتضحية والعطاء والدفاع عن الوجود الفلسطيني.
إن اكبر حاضنة وبيئة لمثل هذه العناصر الموتورة والمشبوهة،هي استمرار حالة الإنقسام في الساحة الفلسطينية،وسيادة ثقافة الردح والردح المضاد،وكذلك تجاوز كل الخطوط الحمراء في عمليات التراشق الإعلامي،والتي تصل حط عبارات التخوين والتكفير والتفريط،والتربية الداخلية القائمة على الإقصاء والإنشداد الى الفئوية وتقديمها على الإنتماء الوطني،وتأليه الفصيل او الحزب،واعتباره أيقونة مقدسة لا يجوز المس به بالنقد أو تصويب المسار، وكذلك غياب التربية الحزبية والتنظيمية والتوعية القائمة على أن ما يوحد فصائلنا واحزابنا اكثر ما يفرقها،وانه مهما اختلفنا نبقى شركاء في الدم والمشروع الوطني،وان غضبنا وحقدنا يجب أن يوجه الى من يستهدفوننا كشعب وقضية ومشروع وطني ومجتمع،ولذلك نرى بان بقاء حالة الإنقسام وتعمقها،توفر مناخ وبيئة حاضنة لعناصر مندسة ومشبوهة ومأجورة ومرتبطة مع الاحتلال،لكي تنفث سمومها وتبث إشاعاتها وحقدها،وربما كما الطحالب الضارة تعلق بالجسم الوطني،بما يمكنها من ان تخلق الفتن وبذور الخلاف بين مكونات ومركبات الجسم الوطني والمجتمعي،والتجارب في الساحة الفلسطينية وكثيرة،وكشفت بأن معظم الخلافات والمشاكل الداخلية بين المكونات والمركبات الوطنية،يفتعلها عناصر مرتبطة مع الاحتلال،مستغلة حالة الضعف وهلامية الأحزاب والفصائل وغياب المساءلة والمحاسبة،وهذه الأجواء قد تسمح لعناصر موتورة او مشبوهة الى أن تصبح في مواقع متقدمة في احزابنا وفصائلنا،ومن هنا تجد الفرصة سانحة لها،لكي تحدث اختراقاتها في الجسم الوطني،بما تبثه وتنفثه من سموم وأحقاد،وما تفتعله من خلافات او بث للإشاعات،او القيام بأعمال حرق وتخريب أو تشويه لسمعة مناضلين او عناصر مجتمعية وحتى أناس عاديين،وفي بعض الأحيان تقوم بإطلاق الرصاص على منازل أناس شرفاء ،لكي تخلط الحابل بالنابل،وتشق طريقها للفتنة التي تخطط لإفتعالها،وبما يحرف البوصلة عن إتجاهها.
نحن ندرك بأن مخيم الدهيشة كواحد من قلاع النضال الفلسطينية،والذي رغم هبوط الحالة النضالية من بعد أوسلو الكارثة وحتى اللحظة، لم يتوان شبانه وحركته النضالية عن التمسك بالثوابت الوطنية،ومواصلة الكفاح والنضال،على قاعدة بأن هذا زمن المغارم لا المغانم،ولذلك،لم ينزل سكان المخيم عن الجبل،فالنزول عن الجبل يعني أن يعودوا الى ديارهم التي هجروا وطردوا منها قسراً بفعل العصابات الصهيونية،وهذا الوقت بالذات تثبت صحة رؤيتهم وموقفهم،حيث يستهدف حق العودة لشعبنا الفلسطيني،من خلال ليس العدو الصهيوني فقط،بل من خلال إدارة أمريكية متصهينة،تشن حرباً عدوانية شاملة على شعبنا في أكبر سلوك بلطجة لتاجر مصاص دماء،يستخدم الإبتزاز المالي والسياسي الرخيص بحق شعبنا من اجل تركيعه،ودفعه للإستجابة والموافقة على كامل شروط ما يسمى بصفقة القرن "صفعة العصر"، ومخيم الدهيشة مصنع المناضلين،يقع دوماً في دائرة الإستهداف من قبل المحتل الصهيوني واجهزته الأمنية،وهناك الكثير من شبان الدهيشة وقيادات هذا المخيم دفعوا وما زالوا يدفعون،ثمناً باهظاً لدورهم في مقارعة الاحتلال ومجابهة مخططاته ومشاريعه،سواء لجهة الإعتقال او الإستشهاد او الإصابات والإعاقات الدائمة،ولذلك المحتل سعى ويسعى دائماً لإختراق وحدة المخيم وكسر إرادة أبنائه،وإشغلهم في صراعات داخلية وجانبية،عبر بث الإشاعات والفتن وإستدخال عناصر الى أجسام الفصائل،بغرض اختراقها تعمل على توتير الجو الوطني العام، أو جر القوى والفصائل المتصارعة الى صراعات وخلافات شخصية وفئوية تهتك وتدمر النسيجين الوطني والمجتمعي.
ومن هنا نرى بأنه من الضروري ان يكون هناك تربية وتوعية وتثقيف في الإطار الوطني العام،وبأن حدود النقد والإشتباك في الموقف السياسي يجب ان لا تكون عبر التجريح والإهانات والبذاءات،واستخدام لغة التخوين وغيرها،فما يجمعنا ويوحدنا يجب ان يبقى هو الأساس،وما يفرقنا ونختلف عليه،يكون عبر حق الجميع في ممارسة دوره في الإنتقاد والتعبير عن رؤيته وموقفه السياسي.
لا تشوهوا صورة الحركة الوطنية والمخيم،فحق العودة والوكالة مستهدفتان الان ويحيق بهما خطر جدي وحقيقي ،كونوا على قدر عال من المسؤولية والحكمة مطلوبة وكذلك هي المساءلة والمحاسبة الحازمة مطلوبة،كما هو مطلوب عدم توفير بيئة حاضنة لأية عناصر موتورة او مدسوسة.
والحكيم د.جورج حبش،هو واحد من أعمدة النضال الوطني والقومي والعالمي،وهو مدرسة في النضال والكفاح وفي الفكر والثقافة ،ستبقى ذكراه وتعاليمه وأفكاره ومنهجه وفكره خالدة في عمق وجدان وذاكرة شعبنا الفلسطيني وكل احرار وشرفاء ومناضلي امتنا العربية واحرار العالم،ولا يضره قيام فئة وعناصر ضالة وموتورة وماجورة بالإعتداء على نصب تذكاري شيده له رفاقه وأبناء شعبه على مدخل بلدة الدوحة،وفاءً وتقديراً لروح ولنضالاته وتضحياته ونهجه الثوري.
بقلم/ راسم عبيدات