السلام هو تحية الإسلام وهو لغة المسلمين فيما بينهم . السلام عليكي يا قدس من كل بقاع الأرض . السلام عليكي يا قدس من قلوب العرب والمسلمين . السلام عليكي يا قدس من الشتات حتى رفح وجنين . السلام عليكي يا قدس من ربات البيوت ورجال الميادين .
ولكن السلام يجب أن يبقى بين المسلمين اللذين ينتمون إلى القدس بصفتها أرض إسلامية منذ إستلمها "الفاروق عمر" . وليس من المعقول أن ننادي بالسلام مع من إغتصبوها وجردوها من هويتها العربية . فكلمة سلام بالنسبة للأعداء هي الضعف . ونحن العرب نسوق كلمة السلام بين الحين والآخر لعدم رغبتنا في القتال . وحل مشاكل القدس بطرق دبلماسية قد عاف عليها الزمن . ولا ندري أنهم ينظرون إلينا بالضعفاء اللذين يتسابقون نحو السلام الوهمي بيننا وبينهم .
إن الحراك العربي والإسلامي بعد مجزرة ترامب بحق القدس كان حراكا مشرفا . ولا ننكر أنه حرك مشاعر العالم إتجاهنا . ولا ننكر أيضا أنه وحد بين صفوفنا معنويا . ووحد بين كلمتنا نوعا ما . ولا ننكر أيضا أن هذا الحراك قد يفتح لنا أبواب الدعم المادي من معظم دول الإسلام والعرب . وهذا جميل جدا ونفتخر به كفلسطينيين ونشكر كل من قدم لنا الدعم ولو بالكلمة .
ولكن الغريب في الأمر أن كل الإجتماعات والفعاليات والقمم والندوات تحمل عنوان السلام وخيار السلام . فهل مغتصبين القدس ينادون بالسلام أيضا ؟ بالطبع لا لأن الأحداث التي تجري على أرض الواقع هي شاهد حي . وهي رسالة لنا أن السلام ليس لغتهم بل لغة الضعفاء . فلا يجوز أن ننادي بالسلام في كل وقفة نقفها للقدس . لأن السلام في لغتهم هو الضعف والإستسلام . نحن ندرك جيدا كفلسطينيين أننا لا نستطيع تحرير القدس بمفردنا لأننا لا نملك جيوشا مؤهلة لذلك . ولكن مشروعنا هو المقاومة بكل أشكالها وألوانها . والمقاومة لا تقتصر على حمل السلاح فحسب . أحيانا المقاومة السياسية تشكل ضررا أكبر على العدوا وخاصة بعد ما شاهدنا المعركة السياسية التي قامت بها القيادة الفلسطينية ضد قرار ترامب . وهذه المعركة السياسية وجهة ضربات لترامب واليهود عبر المحافل الدولية . وحصلنا من خلال هذه المعركة على تأييد كبير من المجتمع الدولي . ودعم مادي ومعنوي من بعض الدول . وإستطعنا أن نعزل سياسة ترامب واليهود عن المشهد السياسي المتكامل . فهذه خطوة جيدة من أدوات المقاومة ضد مشروع إستباحة القدس .
ومن وجهة نظري أن القيادة السياسية الفلسطينية متمثلة بالرئيس " أبو مازن" قد ترتكب خطا بسبب تكرار كلمة السلام في كل بداية معركة . فهذا قد يوحي للأعداء أننا نخوض معركة سلام وليس معركة حرب . وبناء على هذا سيستخفون بنا ويواصلون هجمتهم ضد قدسنا . فيجب على القيادة الفلسطينية أن تخشن صوتها وتحد من لهجتها مع هؤلاء اللذين لا يعرفون السلام . إن الموقف الخشن في هذا الوقت بالتحديد مطلوب لأن معركتنا السياسية والشعبية والعسكرية أيضا قد نجحت نوعا ما في مواجهة قرار ترامب . فهي إستطاعت أن تكشف وتفضح ترامب واليهود في المجتمع الدولي . وأيضا إستطاعت أن تجيش الرأي العام لصالحنا . وأيضا إستقطبت بعض الدول لدعم قضيتنا ماديا ومعنويا . فيجب أن يبقى السلام تحية الإسلام فيما بيننا . فلا مكان للسلام في ساحة الحرب الذي تخوضه قيادتنا مع ترامب واليهود .
بقلم/ أشرف صالح