أجرى مبعوث الرئيس الامريكي ترامب للشرق الاوسط غرنبلات صباح الاحد الماضي زيارة مفاجئة للبلدات الاسرائيلية في غلاف غزة ... واوضحت القناة السابعه الاسرائيلية التي اوردت الخبر .... ان غرنبلات التقى خلال الزيارة قيادة المنطقة الجنوبية للجيش ومسؤولين في دائرة التنسيق والارتباط ... كما قام بزيارة أحد الانفاق على حدود غزة بشكل سري دون تحديد مكان النفق الذي زاره ... ورافق مبعوث ترامب منسق المناطق بالجيش الاسرائيلي مردخاي الذي أكد خلال الزيارة ان الاوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها سكان القطاع نتيجة السياسات التي تنتهجها السلطة الوطنية الفلسطينية ... من خلال فرضها للعقوبات على السكان دون تمييز .. حسب ادعائه واكاذيبه وافتراءاته ... ومسلسل الكذب المتواصل عبر الموقفين الامريكي والاسرائيلي ضد السلطة الوطنية والقيادة الفلسطينية .
وهنا لا بد من توضيح بعض النقاط التالية :-
اولا :- غرنبلات مبعوث ترامب له مهمات سياسية ذات علاقة بما يسمى بعملية التسوية ... وليس من مسؤولياته ومهامه ان يقوم بزيارة لمنقطة عسكرية والدخول بنفق والاطلاع عليه والتصوير بداخله وتسليط الاضواء والاعلام العالمي على مثل هذا الحدث ... حتى تزداد قناعة الادارة الامريكية .... ومعها العالم بأسره ان اسرائيل مهددة من القطاع ... وبالتالي يجب محاربته والاعتداء عليه وهذا يأتي في سياق التضليل والخداع ومحاولة توفير المناخ لشن حرب جديدة ... او على الاقل لتحقيق ابتزاز سياسي في اطار تمرير صفقة القرن .
ثانيا :- محاولتهم التأكيد ان الملايين التي تصرف على الانفاق والصواريخ لو تم صرفها على السكان لكانوا بحياة افضل ... وبالتالي فانهم يحاولون اقناع الرأي العام ان حالة الفقر والجوع والمرض بسبب الانفاق والصورايخ .. وليس الحقيقة التي تقول انه بسبب الحصار الاسرائيلي والسياسات الاسرائيلية والاحتلال المستمر منذ عقود طويلة .
ثالثا :- الفقر والجوع والحالة الصعبة التي يعيشها سكان القطاع يحاولون تضليل الرأي العام بأنها نتيجة لاجراءات السلطة الوطنية ... وليس نتيجة مباشرة وغير مباشرة لاحتلال طويل ... وحصار دائم .. وعدوان مستمر وجمود بعمليه التسوية السياسية ومحاولة ممارسة أبشع انواع الابتزاز السياسي والاقتصادي ضد السلطة والشعب الفلسطيني
وفي تصريح اخر ذات علاقة وارتباط ضمن منظومة الحرب الاعلامية والنفسية على سكان القطاع والسلطة الوطنية والقيادة الفلسطينية يقول وزير الاسكان في حكومة الاحتلال يواف غرنت بأنه لا يعرف مدينة بالعالم تمتلك ذكاء نوعي على مختلف المستويات مثل مدينة غزة !!!!
اولا :- ان ما يقصده وزير الاسكان في حكومة نتنياهو العنصرية ان ما تمتلكه غزة من ذكاء نوعي على مختلف المستويات .. لا مثيل له بالعالم وربما بقوله ما يفرحنا اننا الاذكياء على مستوى العالم ... ولكن اين يكمن الذكاء ؟ وماذا حقق لنا الذكاء ؟ وكيف حالنا بعد هذا الذكاء ؟
أم ان الوزير الاسرائليلي أراد ان يقول عكس ذلك ؟
ماذا كان المقصود بالذكاء المميز عن العالم بأسره لغزة ... هل بمقدار صمودها .. ومدى صبرها جلدها ... معاناتها ... ومقاومتها .. ومدى تحملها للعذاب والحرمان والمرض والجوع ... رغم هذه الخارطة التي تحمل المعاني الكثيرة من الالام والاوجاع الا ان حقيقة غزة أن نسبة التعليم فيها الاعلى على مستوى العالم .... وان لدينا من الطاقات الشبابية والعلمية ما يميزهم عن الكثير من نظرائهم ... واننا شعب متحضر ... ومثقف ... ومتعلم ... ولدينا من الخبرات الكثير لكن م ينقصنا حريتنا ... واقامة دولتنا ... وعودة ارضنا والمسلوبة من حكومة هذا الوزير .
لكن الغريب بالامر ان يأتي الحديث من وزير اسرائيلي عن تميز غزة وذكاءها .... فهل هذا دافع ايجابي لرفع الحصار عنها ؟؟!!! وتوفير سبل الحياة الكريمة لاهلها ... ام دافعا قويا لاستمرار الضغط عليها وقتل ذكاءها وحتى قتل أهلها ؟!!!! .
ان غزة بحسب قول الوزير الاسرائيلي الاكثر احتمالا لاندلاع الحرب فيها وتندرج بالمرتبة الثانية من حيث الاهمية بحسب الجبهات الشمالية والشرقية والغربية ... والهواء وباطن الارض وانهما التحدي الاخطر !!!.
واما الاماكن التي يتم تطهيرها حسب ادعاءه قد يخرج منها مقاتل من تحت الارض .
ثانيا :- ما يفهم من وراء تصريح الوزير الاسرائيلي ان هناك خطر من المدينة الاكثر ذكاء بالعالم ... والاكثر قدرة على المواجهة .... وبالتالي يجب الاسراع للقضاء على الذكاء والتميز .. ومصادرة القوة والتي تشكل بمجموعها دلالات واشارات حرب وعدوان جديد وبطريقة مختلفة .
الخبر الثالث .. او التصريح الثالث ضمن اطار الرسائل الاسرائيلية الامريكية .
ان وزارة الخارجية الاسرائيلية رحبت بالرسالة التي بعثها الامين العام لرابطة علماء المسلمين الشيخ محمد بن عبد الكريم العيسى حول المتحف التذكاري للمحرقة (الهولوكوست) في الولايات المتحدة ... وان اسرائيل تعبر عن تقديرها لمثل هذه التصريحات والشكر على الاحساس مع ضحايا (الهولوكوست) .
وحتى لا تبقي اسرائيل كما يدعون ويكذبون ويضللون الرأي العام العالمي بانهم يستمعون في الصباح وبكل صباح .... حول تصريحات الايرانيين وأية الله بوجوب حرق والقاء اليهود بالبحر !!!
اسطوانة مشروخة ... وادعاءات كاذبة ومحاولات تضليل اعلامي ... يراد منها ان يشعروا العالم بأسره انهم بحالة خطر دائم ... وان التهديدات مستمرة ومتواصلة ولا تتوقف ... وان امنهم بخطر ... وان كل ما يفعلونه من حروب وعدوان قتل واغتيال .... واستمرار للاحتلال وحتى المطلوب من قبلهم لاي تسوية سياسية حول مفهوم الدولة دون حدود وسيادة وأن الامن يبد اسرائيل .... وان الدولة بلا جيش وسلاح ... وكأنها مطالب عادلة من جانب
المحتل الاسرائيلي العنصري في ظل تهديدات مستمرة وخوفا من ان يلقى بهم بالبحر ... او يتم حرقهم كما يكذبون ويدعون .
هجوم وعداء للشعب الفلسطيني وللسلطة الوطنية وللقيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس ... كما هجوم وعداء لحركة حماس بتصريحات غرنبلات حول ما يصرف على الانفاق والصواريخ باعتبار المال من حق الشعب الفلسطيني والذي يمكن ان يخفف من معاناته .
اكاذيب وافتراءات ... ومحاولة للتهرب وسياسة واضحة لحالة العداء واستعداد دائم لشن حرب جديدة هدفها ادخالنا بحالة مواجهة عسكرية غير متوازنة ... تزيد من صعوبة حالنا ... وتزيد من تفكك وحدتنا كما تعطي الفرصة للمحتل الاسرائيلي للتهرب من استحقاقات التسوية وقرارات الشرعيه الدولية .
والا فان الطريق الاخر ... وكأنهم يقولون لنا فعليكم بالخيار الامريكي وبصفقة القرن .. وما عليكم الا التنفيذ .
كما ان محاولة الادعاء المضلل وغير الاخلاقي ... وحتى غير السياسي والدبلوماسي ... وغير الديموقراطي على ان الرئيس محمود عباس ليس ذي صلة... يعتبر ابتزازا سياسيا وممارسة لضغوط اقتصادية ومالية .... وعمل دائم على تعميق الانقسام في ظل تصريحاتهم وتشويهاتهم وفبركاتهم الاعلامية بانه لم يعد هناك شريك فلسطيني ... والاخطر من ذلك انهم يقسموننا بطريقتهم ... بين علمانيين لن يستطيعوا ان يقرروا ... وبين رجال الدين والمسلمين والذين معهم يجب ان يكون الحديث والتفاوض والحل ويقصدون هنا حماس .
اختصار القول ... ومهما تعددت الادوار الاسرائيلية والامريكية ومهما تعددت التصريحات ومحاولات الابتزاز السياسي .. وممارسة الضغوط والتي اعتدنا عليها منذ عقود فالموقف الفلسطيني واضح وصريح .
اولا :- القدس عاصمة دولة فلسطين بحدود الرابع من حزيران 67 .
ثانيا :- عنوان الشرعية الفلسطينية والممثل الشرعي والوحيد والذي يمكن ان يوقع على أي اتفاق منظمة التحرير الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس .
ثالثا :- محاولة التقسيم والتمييز ما بين علمانيين ورجال دين وما بين من يمتلكون الانفاق .... ومن يتحركون على الساحة الدولية ويلقون الخطابات من على المنابر الدولية جميعهم ابناء فلسطين وابناء قضية واحدة ويسعون لحرية ارضهم وشعبهم واقامة دولتهم الفلسطينية بعاصمتها القدس .
رابعا :- هذه الحرب المجنونة التي يشنها الاعلام الاسرائيلي والامريكي ومن خلال التصريحات العديدة لا تحرك فينا .. ولا تغير بمواقفنا .... ولا يمكن ان تزيد الشرخ بيننا في ظل قناعتنا الراسخة والتي لا حياد عنها ان وحدتنا خيارنا الوحيد ...وان الانقسام لا بد ان ينتهي وان المصالحة لا بد ان تتحقق ... وحتى يتوقف التلاعب بنا ... وحتى لا تفرض علينا شروط تسوية سياسية لم نقبلها من عقود طويلة كما يحاولون من خلال صفقة القرن غير المعلن عنها حتى الان .
الكاتب : وفيق زنداح