المخابرات المصرية تغادر المشهد الفلسطيني

بقلم: أشرف صالح

في الثاني من إكتوبر العام الماضي خرجت جماهير غزة لإستقبال حكومة الوفاق . وكانت الفرحة تملأ القلوب وتتشكل على ملامح الغزيين فرحا وبهجة لتجديد الأمل . وإستقبل الناس في غزة حلم المستقبل والإنفراج الإقتصادي بعد سنوات طويلة من اليأس . وكان هذا ناتج عن مفاوضات غير معلنة بين فتح وحماس برعاية مصرية وتحت إشراف مباشر من جهاز المخابرات المصرية . وإستمر الحلم بسرعة الصاروخ . إلى أن وصل لتاريخ الثاني عشر من إكتوبر للعام الماضي . حيث وقع الطرفان إتفاق المصالحة في القاهرة تحت إشراف جهاز المخابرات المصرية . وإلتزم الطرفان بتطبيق جميع بنود المصالحة على أرض الواقع . فكانت المخابرات المصرية تشرف على المصالحة ميدانيا ولا تغادر المشهد ليوم واحد خشية فشل المصالحة . ولكن وللأسف الشديد في هذه الأيام غياب المخابرات المصرية عن المشهد السياسي الفلسطيني واضحا وضوح الشمس وله تأثير سلبي على مشروع المصالحة . وبات من المؤكد أن غياب المخابرات المصرية فجأة سيؤدي حتما إلى فشل المصالحة . فيجب علينا معرفة أمرين مهمين وهما . أسباب غياب المخابرات المصرية عن المشهد الفلسطيني . وأيضا تداعيات هذا الغياب وتأثيره المباشر على المصالحة .

أولا : أساب غياب المخابرات المصرية لا تتلق في إقالة اللواء "خالد فوزي" رئيس الجهاز كما يقول بعض المحللين . لأن ملف المصالحة على عاتق جهاز المخابرات وليس على عاتق شخص بعينه . فإذا أقيل خالد فوزي فمن المؤكد أن له نائب ينوب عنه وله مساعدين أيضا . وجميعهم قادرين على مباشرة ملف المصالحة وهذا ما شاهدناه على أرض الواقع . ومن وجهة نظري أن غياب المخابرات عن مشهد المصالحة هو بسبب غياب الإدارة الفلسطينية لملف المصالحة . للأسف الشديد أن الإدارة الفلسطينية لملف المصالحة ضعيفة جدا وآيلة للسقوط . ومن الواضح جدا أن العقلية الفلسطينية غير قادرة على الحوار بدون راعي دولي أو إقليمي . وهذا ما أدركته المخابرات المصرية فعندما غابت عن المشهد ليس لعدم رغبتها في ذلك ولكن لعدم تعاطي وتناغم المحاورين الفلسطينيين مع رعاية المخابرات للمصالحة . وخاصة أن المخابرات المصرية تعتبر صمام الأمان للأمن القومي المصري . ولديها هموم ومشاكل كثيرة وخاصة في سيناء . فوصل الحال بها أن تغادر المشهد الفلسطيني بما يخص المصالحة نتيجة عدم تعاطي الفلسطينيين معها وأيضا نتيجة القضايا الأمنية التي تود التفرغ لها وإعطائها حق الأولوية في العمل .

ثانيا : تداعيات غياب المخابرات المصرية عن المشهد الفلسطيني . حتما سيؤدي إلى فشل المصالحة لأنه كما ذكرت في السياق أن العقلية الفلسطينية غير محاورة وغير مؤهلة لإدارة المواقف وحدها دون راعي . وهذا أمر في غاية الخطورة ويحتاج وقفة جدية . فإذا كنا كقيادات نخبوية سياسية فلسطينية غير قادرين على إدارة ملف مصالحة . كيف سنقود صراع مع قوى عظمى تتمثل في الولايات المتحدة وإسرائيل . وكيف سنقود مقدرات شعب ومستقبل ودولة .

هل سيستمر غياب المخابرات المصرية عن المشهد الفلسطيني ؟ للإجابة عن السؤال يجب أن نحدد آلية غياب المخابرات وظروفها . فهو غياب وليس إنسحاب رسمي معلن عنه . وكما ذكرت في السياق أن الغياب نتيجة عدم تعاطي الفلسطينيين مع الرعاية المصرية . ولذا سيكون غياب المخابرات المصرية مرهون بقضية  تعاطي الفلسطينيين مع ملف المصالحة . وخاصة بعد إنجاز نقاط مهمة في ملف المصالحة على أرض الواقع وتحت إشراف المخابرات مثل دوام موظفين السلطة العسكريين على معابر غزة . وأيضا عودة الموظفين المدنيين المستنكفين لوزاراتهم . وأيضا توصيات اللجنة القانونية والإدارية بإستيعاب موظفين حماس .

فمن الواضح أن غياب المخابرات المصرية هو إشارة واضحة للأطراف الفلسطينية المعنية . بأن المخابرات لا تستطيع أن تهدر وقتها في ملف مصالحة على حساب ملفات أمنة خطيرة تحملها على عاتقها ولها أهمية قومية . وأن عدم تعاطي الأطراف الفلسطينية مع الراعي هو هدر للوقت وليس أكثر .

بقلم/ أشرف صالح