حرب .... ما بعد الاعلان !!

بقلم: وفيق زنداح

صفقة القرن التي لم تعلن بنودها بكاملها .... ولكنها تسرب بجزئياتها وبعض مقتطفاتها ..... والتي يبدو أن نهايتها قد بدأت ....وعلى نار هادئة .... ما بعد مداولات ومشاورات طويلة ..... ومفصلة مع بعض دول الاقليم ..... ودولة الكيان ....باعتبارها المحرك .... والاساس .... التي من أجلها كانت الصفقة بهذا المحتوي .... وبهذه النتائج .... كما كانت بمعظم أفكارها التي تم تسريبها من خلال تصريحات غرينبلات مبعوث الرئيس الامريكي ترامب ..... بعدم طلب الموافقة عليها ...أو رفضها ...وأنها تسير بعوامل القوة الامريكية ..... وحالة الضعف العربي والفلسطيني ..... على طريق التطبيق الفعلي باعتبارها حلا اقليميا .... شاملا ...ومتكاملا .
الحل الاقليمي الذي يستجيب لمتطلبات عرب المنطقة .... من مواجهة ايران والارهاب ..... كما الاستجابة لوضع فلسطين الشعب والقضية ..... والدولة .... أو كما نحب أن نسميها بقلب العرب وفي حدود جغرافيتهم السياسية .
أهداف معلنة ضد ايران والارهاب ..... تجمع عليها كافة دول المنطقة ..... ببعض الاستثناءات التي ليس لها حساب في جردة الحساب القائمة .....على اعتبار أنها سوف يتم شطبها ..... وانهاء وجودها ..... من الدفاتر المسجلة ..... وأن الفلسطينيون وحفاظا على مشاعرهم ومتطلباتهم في اطار مشاعر ومتطلبات العرب ...... سيجدون لهم مخرجا وحلا ليس مثاليا ..... لكنه الحل الممكن والمتاح ....في ظل استيعاب ما لديهم ..... وتوطينهم ..... وفي ظل حدود سياسية لدولة جديدة تحمل اسم فلسطين ..... لا نعرف جغرافيتها ..... وكيفية تواصلها ....وطبيعة نظامها ..... وحتى عاصمتها .
من سيقول( نعم) للسلام الاقليمي ..... سيكون في نطاق ما سوف تشهده المنطقة من أمن وتنمية وسلام ..... ومن سيقول( لا) سيكون معزولا أو مشطوبا ...... أو خارج لعبة السياسة ...وربما خارج المنطقة .
بكل الحالات سيكون ابعاده عن الخارطة وعزله عزلا انفراديا ..... اذا ما كانت هناك معتقلات وسجون ....أو التغييب الكامل ...اوالابعاد التام .
هذا السيناريو المؤلم ..... والمفجع ..... والرهيب .... الي الحد الذي لا يتوقعه أحد .....وحتى يمكن أن لا يحدث ....لا أعرف اذا ما تبقي من الزمن .... ما يوفر امكانية وقفه أو تعطيله او تاخير تنفيذه .... ولا أعرف ان كان الزمن شهورا أم سنوات ...... أم عقدا أم عقود .... لكن السرعة التي تجري فيها الاحداث ....والبط الشديد لردود الافعال ..... وحالة التراخي والضعف التي نشهدها ..... تدلل على أن بعض الاطراف قد استسلمت ....ووصلت الي درجة القناعة بعدم امكانية وقف هذا الزحف .
لماذا وصلنا الي مرحلة فرض الحلول علينا ؟؟
لماذا أضعنا فرصة الشراكة لتعزيز الحد الادني من مقومات القوة .... لمواجهة التيار العاصف والقادم ؟.
لماذا سمحنا بترويضنا واستمرار وعدنا بامكانية الحل القادم ؟
وهل المعروض علينا أو ما نستمع اليه ....أو ما يسرب لنا بامكاننا رفضه .... ومواجهته ....والعمل على عكس توجهاته ؟
وهل بالإمكان اقناع العرب أن رفضهم .....سيساعد رفضنا ....وأن قبولهم سيجعلنا في مهب الريح ؟
تساؤلات صعبة واستباقية ..... لكنها قائمة واستراتيجية .... وربما لا يمتلك الكثير من المحللين والسياسيين وحتى بعض القائمين على الحكم من الاجابة عليها .... بصورة مباشرة وشافية .
عندما تصمت الاصوات ..... وتخفت ....ولا نجد ما يمكن ان يعلو صوته ....سنكون أمام العديد من الأمور والاحتمالات.
أولا : اما أن هناك قبولا علنيا ....أو خفيا ..... لما يسرب وما سوف يعلن .
ثانيا : واما أن هناك ضربات استباقية عناوينها متعددة ستجعل من نتائجها فرصة القبول والرضي المفروض .
ثالثا : تعنت الأطراف وتصلبها ومكابرتها واستمرار حالة التباعد بينها سيجعل منها أسهل كثيرا من أن تتماسك ....وأن تتوحد ...وأن تقوي لمواجهة القادم
على اعتبار أن النهاية..... ونتمني أن لا تكون ....وأن لا نصل اليها ....ستكون من نتيجتها تمرير ما تم تخطيطه باحكام وامعان ....وبصمت مطبق .....وكأن المنطقة قد أصابها الخرس ..... ولم يعد للصوت من مكان .
من سيعلو صوته ..... ستوجه له ردود الأفعال ..... ليس بالكلام .....ولكن ربما بوسائل حرب طاحنة ..... لا تبقي أحد من المعارضين ....وبطبيعة الحال من المستهدفين بالأساس ..... من صفقة لا زالت تطبخ على نار هادئة ..... وبعناية فائقة ..... وفيها من الخبث والمكر ما يكفي للضحك على الكثير .....واستمالة الكثير ....ورضي الكثير ..... ورفض القليل القليل .... ممن ربما سيندمون على رفضهم ..... ولكن التاريخ سيسجل لهم رفضهم .....لكنه أيضا سيسجل عليهم اضاعتهم للكثير من الفرص ...... والظروف والمعطيات ....التي كان بامكانها أن تغير الكثير من الظروف ......وأن تعزز الكثير من مقومات القوة ..... وأن توفر الكثير من وسائل الدفاع ......ان لم نقل توفير وسائل الهجوم ..... والاقناع بمنطق القانون والسياسة ..... والتماسك وعدم وجود ثغرات .....أو امكانية للنفاذ من داخلها ..... او استغلال فرصة هنا او هناك ...... للتلاعب على التناقضات .
وكأن التاريخ يعود الي الوراء ...... وما شهدته هذه الأمة من ويلات وكوارث وأزمات ..... وامبراطوريات قد سقطت ...... بفعل خلافات مصطنعة ......وأطماع لا طائل منها حتي وجد الكثير أنفسهم في قلب الصحراء..... يتمنون شربه ماء من حرارة الأجواء ....وغطاء يمكن أن يسعفهم من برودة الشتاء .
العالم اليوم لا يعترف الا بالأقوياء ....والقوة لا تعني قوة الصوت ..... ولكن قوة الفعل ....ومقوماته وركائزه ..... ولا مكان للضعفاء ..... حتى وان كان لا يستهان بهم ...... وبقوتهم الكامنة ...... لكن الزمن لا ينتظر طويلا ....حتى أن المكان لا يتسع للمزيد من الوقوف .
مرارة وحسرة شديدة .... ومشهد معقد ..... لكن ماذا نمتلك من أدوات التغيير ..... وقلب المعادلة القادمة .؟؟!!
الأمة لم يتم اعدادها ..... ولم يتم امتلاكها ..... للأدوات القادرة .... كما انها معدومة الطاقات التي تهاونت فيها ...وتلاعبت بها ..... في ظل زمن طويل ..... مضي فيها الكثير ....ولم يبقي فيه الا القليل القليل .
كم تحدثنا ....وكم قلنا .... وكم دعونا ..... فلا أحد يقرأ .... ولا أحد يستجيب .... ولا أحد يأخذ بالحسبان .... أراء عشرات الكتاب والمحللين وبكافة الأقطار ....وكأن الساسة قد أشبعوا بمعرفتهم ....كما أشبعوا بمستشاريهم .....كما اشبعوا بتسليط الضوء عليهم ....حتى أصبحوا لا يرون على مسافة قريبة .....فكيف يمكن أن يروا على مسافة كبيرة .
أتمني رغم أن الدنيا..... والسياسة .....وعالمها ....ومعادلاتها لا تأتي من خلال التمنيات ..... لكن أملي بالله عز وجل أن يحفظ هذه الأمة .... وأن يجعل منها أمة قوية متماسكة ..... قادرة على أن تصمد .....وأن تقوي ....وأن تدافع عن نفسها وحقوقها ..... وأن لا تصل الي مرحلة التوقيع على تنازلها .....وضياع بلادها .....وشطب جغرافيتها ..... وتشريد شعوبها .
الامر خطير ..... ويحتاج الي المزيد من الفكر المستنير ..... والتكاتف والتوحد .... اذا ما كان هناك من وقت متاح ...... يمكن من خلاله أن نمنع .....أو نقلل من قادم خطير ..... لا نعرف الي أين يمكن أن يصل .
الكاتب : وفيق زنداح