الوحدة العربية ..... أين .... والي أين ؟!

بقلم: وفيق زنداح

كنا نقول ونحن صغارا ...وشبابا .... امجاد يا عرب أمجاد ... كما كنا نقول ونحن صغارا وشبابا أن العرب اتفقوا على أن لا يتفقوا ....وكان البعض منا يحاول ان يجعل منها نكتة سياسية ..... والبعض الأخر كان يقصد ما يقول .....كما البعض الاخر كان يتحدث من منطلق المرارة والحسرة ..... على أمة كبيرة من المحيط الي الخليج ....أمة قوامها بعشرات الملايين .....وخيراتها بمئات المليارات والتريونات ....أرض عربية غنية بباطن أرضها ....وعظيمة بتاريخها ....وقادرة بفعل مقومات قوتها .... ووحدتها .
منذ عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وما بعد ثورة يوليو 52 ......وبداية الفكر القومي الذي أخذ بالانتشار والاعتناق من الشباب العربي ....استبشرنا خيرا ..... وقلنا لعل وعسي أن يكون فاتحة خير لأمة عربية ..... أخذت على عاتقها قضايا العرب ..... وعلى كافة المستويات والمناحى .
بدأت سلسلة القمم العربية منذ قمة الاسكندرية ..... وما تلاها من قمم عربية دورية واستثنائية وطارئة ..... بحسب المتغيرات والتقلبات السياسية ..... كانت قمة الخرطوم ذات الثلاثة لاءات ما بعد نكسة حزيران 67....وما تلاها من قمم عربية ..... وما تولد في المشهد العربي من تشكيلات وحدوية وتحالفات اقليمية .....كانت في خمسينيات القرن الماضي ما بين سوريا ومصر .....تحت مسمي الجمهورية العربية المتحدة ....الاقليم الشمالي والاقليم الجنوبي ..... بعهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ....والرئيس الراحل شكري القوتلي .....وما أصاب الوحدة من انهيار بعد فترة وجيزة .....ولاسباب عديدة ....كما تشكلت داخل الساحة العربية ..... اتحاد الجمهوريات الثلاثة مصر وليبيا والسودان بعهد الرؤساء أنور السادات ..... ومعمر القذافي ...وجعفر النميري رحمهم الله ...... والذي لم يطول بل كان نتيجته تفكك الاتحاد ....وعدم استمراره .
المحطات العربية ..... شهدت الكثير منذ القرن الماضي وحتى يومنا هذا ...... من انكسارات وانتصارات ..... وعوامل صمود وتحدي .
لم يستسلم العرب ..... ولم يرفعوا الراية البيضاء .....لكن التآمر عليهم أخذ منحي ووسائل عديدة ..... منذ العدوان الثلاثي بالعام 56 ..... ونكسة حزيران بالعام 67 ..... وما جري بعد ذلك من حرب استنزاف تم تتويجها بانتصارات أكتوبر 73 .
كما شهدت المنطقة العربية ..... معارك على الجبهة الشرقية كانت بدايتها معركة الكرامة ..... في 21 مارس 68 ..... بين قوات الثورة الفلسطينية والجيش العربي الأردني .... والذي أحدث تحولا ..... ما بين مرحلة الهزيمة .....الي واقع الانتصار ..... كما شهدت الجبهة الشمالية عملية الليطاني ضد قوات الثورة الفلسطينية بالعام 78 .....حتى كان أخرها حرب لبنان ضد الثورة الفلسطينية بالعام 82 .... وما أدي الي خروج القيادة الفلسطينية وقوات الثورة الي العديد من الاقطار ..... وكان مقر القيادة تونس .
في تلك الفترة كانت اتفاقية كام ديفيد بالعام 78 بين مصر واسرائيل .....وما تلاها من اتفاقية وادي عربة بين الاردن واسرائيل ..... وحتى اتفاقية أوسلو بالعام 93 بين منظمة التحرير واسرائيل .
الأمة العربية .... وقد فشلت في توحيد دولها وأنظمتها ..... لكنها أبقت على جامعة الدول العربية ..... والقمم العربية وأهمها وما صدر عنها في قمة بيروت ..... التي كان من مخرجاتها مبادرة السلام العربية ..... والتي في أساسها مبادرة سعودية ..... قائمة على سلام عربي اسلامي مع دولة اسرائيل ...... سلام يلبي الحد الأدني ..... من الحقوق الوطنية الفلسطينية ..... باقامة دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية ..... بحدود الرابع من حزيران 67 على أن يكون هذا السلام بوابة لحل وانفتاح اسرائيلي ..... مع العالم العربي والاسلامي ....وبما يقارب 55 دولة عربية واسلامية ..... منذ العام 2000 ...ولا زالت اسرائيل تماطل وتسوف ...... ولم تعطي المبادرة العربية أهميتها ..... واليات تنفيذها ..... بل عملت على ادارة الظهر لها وكأن العرب بحاجة للسلام بأكثر من حاجة اسرائيل .
الأمة العربية .... بكافة مكوناتها السياسية وقدراتها الاقتصادية ..... وقواعدها الشعبية ..... وما تمتلك من مقومات القوة والقدرة ..... لا زالت غير موحدة ..... مما أعطي ووفر الذريعة ..... للقوي الاستعمارية ..... وعلى رأسها الولايات المتحدة ..... وحليفتها اسرائيل ...... بأن يتلاعبوا داخل المنطقة .
كانت البداية بالعراق ....واحتلاله .... واسقاط نظام حكم الرئيس الراحل صدام حسين ....وتفتيت العراق ..... بمذاهب طائفية ..... وبإرهاب خسر العراق الكثير..... الا أن العراق اليوم ....وهو يحارب الجيوب الاخيرة للجماعات الارهابية الداعشية ...... في محاولة لتطهير أرض العراق ..... وعودة سكانه الي منازلهم ..... ومدنهم ..... لا زالوا يتعرضوا للخطر التركي .....كما الخطر الايراني .
بعد سقوط العراق ...وانتهاء حكم الرئيس الراحل صدام حسين ..... فتحت شهية القوي الاستعمارية الإمبريالية وعلى رأسها الولايات المتحدة .....التي بدأت بالتخطيط حول الفوضي الخلاقة ....وتقسيم المقسم ...وتجزئة المجزأ .... والشرق الاوسط الصغير والكبير ....وما حدث بعد ذلك مما يسمي بثورات الربيع الامريكي ..... الذي استهدف تفكيك الدول ..... وانهيار جيوشها ..... ومنظوماتها العسكرية والامنية ....والاقتصادية .
ولا زالت بعض الدول .... مثال سوريا الشقيقة ....وليبيا الشقيقة ....يعانون من ويلات ما تم التخطيط له ..... بعد أن تم انقاذ مصر الشقيقة بثورة الثلاثيين من يونيو واسقاط نظام الاخوان ....وعزل محمد مرسي ..... واجراء انتخابات ديمقراطية ..... تولي فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة الجمهورية .
العرب أمة كبيرة ..... ذات مقومات عسكرية واقتصادية ..... وموارد بشرية ....وتنموية ..... وذات سوق كبير ..... وقاعدة صناعية وانتاجية لا يستهان بها ..... تستطيع أن تشكل رقما قياسيا ..... ومؤشرا عالميا .... في الاقتصاد الدولي ..... وفي خارطة التجارة الدولية .
الا أن العرب وعدم انتظام اداراتهم...... وما يدبر ضدهم وما يتم التآمر عليهم ..... وما تحاول القوي الإمبريالية أن تصنعه على ارضهم من مخاطر وأخطار مصنعة بفعل أدوات ومصانع أمريكية .....وصهيونية .... تحمل شعارات دينية وهي ليس ذات علاقة بالدين ..... كما تنظيم القاعدة وكما جماعات داعش ....وبيت المقدس ...وجبهة النصرة ...وحسم وغيرها من المسميات التي تم اشتقاقها من التنظيم الدولي للإخوان ..... الذي سقط سقوطا مدويا .... بعد أن فشل فشلا ذريعا .... في حكم أي بلد عربي .
فشل أخونة المنطقة ....وأخونة الأنظمة السياسية ....وتحكم الاخوان بالعديد من الدول رأت أمريكا أن تسلك طريقا أخر ..... ورؤية جديدة بعهد ادارة الرئيس ترامب ...... بعد أن وصل الرئيس السابق أوباما الي أخر مراحل فشله ..... وما يجري الاعداد له ..... والمسمى بصفقة القرن ....والتي بأساسها استسلام اقليمي للولايات المتحدة واسرائيل ....وانهاء كامل للقضية الفلسطينية ....والحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني ..... في اطار شعارات مرفوعة حول محاربة ايران .... الطامع الأول بمنطقة الخليج ..... واسرائيل الطامع الاول بفلسطين .... ولبنان ....وسوريا .
أي أن المشروع الامريكي الصهيوني .....مشروع تسليم المنطقة والسيطرة على مقوماتها .... وانهاء قضايا الصراع ..... بصورة نهائية ودون طلقة واحدة .
مؤامرة كبيرة ...... أمريكية صهيونية لا يمكن لها أن تفشل .... الا بحالة عربية وحدوية .... أنظمة وشعوب .....واستنهاض للطاقات العربية ..... وعدم التسليم بحالة التفوق الأمريكي الصهيوني ......كما العمل على اجتثاث جذور الارهاب التكفيري داخل كافة الساحات ....وعدم اعطاء الفرصة للتحرك والتمويل والتسليح .
الأمة العربية أمام خيار الوحدة العربية ...... باعتبارها الخيار الوحيد والأوحد لمواجهة ما يخطط ويدبر ضدها ....وحتى تحفظ للأمة سيادتها وأمنها ومقومات قوتها وخيراتها ..... وهذا ما يحتاج الي زيادة عوامل التعاون والتنسيق ....والي درجة الوحدة العربية التي نتمني ان نراها اليوم قبل الغد ..... حتى نسقط المخطط القادم ....مهما كان تسميته ..... ومهما كان مصدره .... ومهما كانت أهدافه.
وحتى تكون الرسالة العربية واحدة موحدة للولايات المتحدة واسرائيل ....أن القدس عربية اسلامية مسيحية ..... وعاصمة لدولة فلسطين .... بحدود الرابع من حزيران 67 .....وأن قرار الرئيس الامريكي ترامب حبر على ورق .... كما ان ما يسمي بصفقة القرن ستبقي حبر على ورق ...... اذا لم تكن كافة المبادرات والتوجهات والسياسات مستندة للحقوق الفلسطينية المشروعة ..... وللحقوق العربية .
الكاتب : وفيق زنداح