طالعتنا اخبار هذا الصباح ما نشرته صحيفة الدستور المصرية .. وموقع أمان المصري المختص بشؤون الجماعات الارهابية حول خبر افشال محاولة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الاستاذ اسماعيل هنية .... وحتى بداية كتابة المقال لم أقرأ عن جهة رسمية تؤكد مثل هذا الخبر ... كما لم اقرأ من أي جهة رسمية ما يمكن ان ينفي هذا الخبر ... وبالتالي بحكم عملي الاعلامي ككاتب رأي ... سأتناول الموضوع بكل مهنية وحرص على تناول الخبر من المصدر المعلن عنه .... والذي يتحدث التالي ان الاجهزة الامنية المصرية وبالتنسيق مع أمن حماس ... استطاعت القبض على خلية مكونة من 18 داعشي كانوا بصدد تنفيذ عملية اغتيال الاخ القائد المجاهد اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ... المصادر الامنية المصرية كشفت ان العملية تم اكتشافها خلال اليومين الاخيرين ... وجاء عن طريق عناصر تائبة كانت تنتمي لداعش .. أدلت بمعلومات تفصيلية عن التنظيم الارهابي ... وعن المجموعة التي كانت بهدف التسلل عبر الانفاق من سيناء الى قطاع غزة وبحسب ما ورد بتفاصيل الخطة ... فان تنظيم داعش الارهابي خطط لعملية كبيرة تقوم بها عناصره خلالها باقتحام المسجد الابيض (بمخيم الشاطئ ) ... والذي يصلي فيه هنية وتفجيره ... ثم استهداف مناطق عدة في قطاع غزة بالتزامن مع تفجير المسجد .
وفور تبادل المعلومات بين حماس واجهزة الامن المصرية جرى القاء القبض على الخلية .. وجاري التحقيق معهم من قبل الاجهزة الامنية المصرية التي استطاعت حماية غزة من عملية ارهابية كبيرة .
ومن المعلومات التي تناولها التقرير ان المقبوض عليهم اعترفوا ان زعيم تنظيم سيناء راسم ابو جزر ... مما يفند معلومات سابقة حول مقتله بسوريا بديسمبر 2017 ... وبحسب اعترافات المقبوض عليهم فان ابو جزر لم يقتل ... وقدم من سوريا عبر تركيا ثم دخل الي صحراء سيناء برفقة عناصر ارهابية من جنسيات اجنبية ... وان الاعلان عن مقتله كان للتغطية على تحركاته ... وان تركيا تعتبر الممر الامن لعناصر داعش بالدخول والخروج الامن والتنقل من دولة الى اخرى .
وكانت صحيفة التايمز اللندنية بحسب الاخبار المعلنة والتي تم قراءتها صباح اليوم قد تحدثت حول نهاية العام الماضي بتقرير يحمل عنوان
(تركيا المخبأ الامن لمئات المقاتلين من داعش الارهابي )
وحول فحوى المئات من فلول داعش التي تهرب الى تركيا من عدة مناطق ... وما تحدثت عنه الانباء اليوم حول نقل مجموعات ارهابية من داعش من منطقة ادلب السورية الى منطقة شمال سيناء
ما سبق جاء بتقرير موقع أمان المصري والمختص بشئون الجماعات الارهابية ... كما جاء بصحيفة الدستور المصرية ... كما تم تناقله عبر المواقع الاخبارية الفلسطينية والعربية وحتى كتابتي للمقال .... لم اتطلع على أي ردود فعل بالسلب او الايجاب حول مضمون الخبر ... لذا سأستمر بالكتابة وابداء الرأي حول مضمون ما جاء بالخبر وتحليله بصورة موضوعيه ... وبرؤية شخصية .
اولا :- قراءة التقرير يؤكد ان تنظيم داعش الارهابي يمر بمرحلة غاية بالصعوبة والتخبط وعدم التركيز في ظل حالة الهروب والتوبة المتلاحقة والانتقال من منطقة الى اخرى وهذا ما يحدث تغيرا بصلابة التنظيم ومقومات قوته واولويات اهدافه الارهابية في ظل ضغط مصري ومحاصرة لعناصره وزيادة الضربات الاستباقية داخل شمال ووسط سيناء ... مما يجعلهم بحالة ارباك شديد في ظل ضعف اتصالاتهم وامدادهم بالدعم اللوجستي .
ثانيا :- التخبط وعدم الاتزان والاضطرار الى الخروج من مخابئهم وابراز مخططاتهم ... وما يعشعش بعقولهم المريضة وما يقومون به من اعمال خسيسة ومدانة ومنبوذة لاستهادف اماكن العبادة كما حدث بمسجد الروضة بمنطقة بئر العبد والذي أدى الى استشهاد المئات من المصلين الامنين والابرياء وما يقارب ثلاثين طفلا ... وما تم كشفه عبر المخطط المعلن حول استهداف المسجد الابيض الذي يصلي يه رئيس المكتب السياسي لحركة حماس غرب مدينة غزة يعني ان التفجير والقتل للمصلين والابرياء والمدنيين وثقافة القتل والاجرام التي تم تعبئتهم عليها قد يؤدي بهم الى المزيد من الافعال المشينة والمدانة ... ولا يمتلكون قدرة التمييز ... كما يمتلكون من الاهداف التي يمكن ان تحركهم وتجعل منهم قتلى مأجورين لحسابات الاخريين ... وارتكاب جرم مصيره النار وبئس المصير .
ثالثا :- ان تقوم الجماعه الارهابية باستهداف العديد من المناطق والاماكن بحسب المخطط الارهابي بوقت واحد مع جريمتهم الذي تم كشفها بحمد الله لاحداث ارباك خطير ... وخلط للاوراق .. وربما اتهامات بغير محلها ... قد تصل الي حد التوتر وردود الافعال والذي نحمد الله عز وجل ان تم كشف هذه الجماعه الارهابية قبل تنفيذها لجريمتها .
رابعا :- التحرك من سيناء الى قطاع غزة وبهذه الصورة والسهولة وعبر انفاق لا زالت قائمة ... وما تشكله من تهديد وخطر امني للجانب المصري الشقيق وللجانب الفلسطيني يجعلنا أمام مسؤولية دعم الامن القومي المصري والفلسطيني وبصورة سريعه ودون ابطاء ... مع حفظ وانضباط الحدود وتبادل المعلومات للكشف عن كافة خلايا الارهاب اللذين يحاولون المساس بأمن وسلامة مصر وقطاع غزة .
خامسا :- التحرك والتنقل والوصول الى سيناء من خلال تركيا وغيرها يتطلب دراسة معمقة لاجهزة الامن حول حالة التحرك الداعشي في المناطق التي يفتقدون فيها مواقعهم وأماكن وجودهم وخاصة بسوريا والعراق وحول ما يجري نقلهم من خلال طائرات امريكية الى مناطق اخرى لا نعرف عنها تحديدا .... ولكن بامكان اجهزة الامن ان تحددها وتقدر الموقف بصورة أفضل .
سادسا :- حتى وان كان العنوان المستهدف من هذا المخطط الارهابي قائد وطني بقامة الاستاذ اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس .... الا اننا ننظر الى هذا المخطط بنظرة شمولية تتعدى حدود شخصية محددة ... الى امكانية حدوث جريمة كبرى قد تؤدي الى قتل المئات كما حدث بمسجد الروضة بمنطقة بئر العبد ... فالمسألة ليست شخصية بقدر ما يجب عمله وتقديره وحسابه لاجتثاث كافة اشكال الارهاب والممولين والداعمين لهم ... ومنع كل امكانية لافعال خسيسة ومنكرة ومدانة .
سابعا :- مصر واستهدافها والعمل على ارضها من خلال مجموعات تكفيرية ارهابية تحمل مسميات عديدة ... لكنها بمجموعها منبعها واحد ... واهدافها واحدة ... وتمويلها واحد ... وتسليحها واحد .
لكن سيبقى السؤال حول الجديد ... في مثل هذا التحرك والمخطط الارهابي الداعشي من سيناء الى قطاع غزة وطبيعة اهدافه ... وابعاده ... وما يرمي اليه مثل هذا المخطط ... والذي يحتاج الى وقفة ودراسة متأنية ؟؟؟؟ .
أم أن هناك محاولة مدروسة خبيثة وماكرة للتغطية على خروج مجموعات ارهابية داعشيه او غيرها من المسميات من غزة الى سيناء ... وحتى تختلط الامور وتكون الحدود غير مستقرة ومنضبطة ... وبحالة فوضى ؟!!!
في كل الاحوال حركة حماس حركة وطنية فلسطينية وقائدها الاستاذ اسماعيل هنية قائد وطني فلسطيني لا يمكن ان يقبل أحد بالمساس به ... وليس لأحد مصلحة بتعكير الاجواء ... وخلط الاوراق ... الا عدونا المحتل لارضنا .....كما ان حركة حماس بمفهوم الجماعات الارهابية الداعشية جماعة مرتدة تكفرها وتعمل ضدها ... كما ان حركة حماس تأمل بهدايتهم ورجوعهم الى دينهم الصحيح ... وترى في افعالهم غبر المقبولة والخارجة عن اصول الدين عملا ارهابيا مرفوضا ... كما ترى حماس ان الامن القومي الفلسطيني كما الامن القومي المصري لا يمكن القبول بمساسه او الاقتراب منه ... كما ان حماس تتمسك بالاسلام الوسطي ولا تؤمن بالتطرف ... وهذا ما جعلها بنظر داعش مرتدة وكافرة .
ولكن سيبقى السؤال المطروح حول حكم تركيا الاخواني وكيف له ان ينقل الدواعش الى سيناء وغيرها ومساعدتهم وتوفير ممر أمن لهم من خلال تركيا ... والى حيث يريدون الذهاب داخل العديد من الساحات ... فما علاقة تركيا الاخوانية بداعش الارهابية ؟!!!
المسألة تحتاج الى تدقيق وتحليل ... ومعلومات دقيقة ... ولا تحتاج الى تحليل شخصي او تحليل سياسي .
لا اعتقد جازما ان الاجهزة الامنية المصرية تجهل كافة تلك التساؤلات ... بل اكثر منها بكثير ... ولديها من المعلومات والتصور وتقدير الموقف ... بما يمكنها من العمل والتحرك والتأمين ... ومواجهة هؤلاء الاقزام من تنظيم داعش وغيره من المسميات .... وحتى من يساعدهم وينقلهم ... يسلحهم ويمولهم ... سواء من تركيا وايران ودويلة قطر والتنظيم الدولي للاخوان ... وحتى اجهزة الاستخبارات الامريكية وغيرها .
المسألة الاخيرة ... لكنها ليست نهاية التحليل ... حول مثل هذا الخبر ... ان يكون التحرك من تركيا الاخوانية ومجموعاتها المعروفة بالمساعدة على النقل والتسليح والتمويل وربما بالمساعدة على التخطيط لعملية ارهابية وأن يكون بمضمونها واولوياتها ما تم الاعلان عنه يثير الكثير من الاستغراب والاستهجان والى حد الغضب والاستنكار لما يخطط ضدنا ... وما يدبر حولنا .
الكثير من التساؤلات التي لا تتوفر لها الاجابات الكاملة والشافيه ... لانها اسئلة صحفية تحتاج الى متخصصين وخبراء بمجال الامن ... والذين يمتلكون من المعلومات ما يؤهلهم ... للاجابة ولو بالحد القليل حول طبيعة الخيوط ... والتشعبات .... وما تسعى اليه الجماعه الارهابية من اهداف لو حدث وحصل لا سمح الله نجاح اهدافهم !!!.
كلمة اخيرة مصر وامنها القومي ... استقرارها وقوتها ... قوة لنا ... وأمن لنا ... ونحن ومصر بقارب واحد ... وبخط دفاع واحد ... ومصالحنا واحدة ... وعلينا جميعا ان نؤكد الحقائق وان لا نغفلها وان نكون على الدوام خير المساعدين والكاشفين لحقيقة وجذور هؤلاء الارهابيين الذين يخططون بالمساس بأمننا .. كما المساس بأمن مصر .
لقد أكدت لنا مصر وللمرة المليون حرصها علينا وعلى أمننا ... حرصها على كل واحد منا كبيرا او صغيرا .. وانها تتابع بكل حرص ودقة كافة القضايا والتفاصيل ولا تترك شاردة ولا واردة الا وتتابعها وتعمل على ايجاد الحلول لها ... لكن مصر الحريصة على اداء واجبها الوطني والقومي بحاجة دائمة لحرص مقابل ويقظة دائمة وارادة جامعه ... اولويات واحدة ووحدة فلسطينية لا توفر ثغرة لأحد ... كما لا توفر امكانية احداث اختراق لاي جهة كانت .
مصلحتنا تتساوى ومصلحة الشقيقة مصر ... والتي تفتح لنا ابوابها وترحب بنا ... وتبعث لنا بكافة احتياجاتنا وتساعد على تنقل الافراد وهناك الكثير مما يمكن عمله من مناطق تجارية حرة ومناطق صناعية ... وزيادة مجالات الاستيراد حتى نوفر كافة مستلزماتنا ... وحتى ننهي كافة تعاقداتنا مع المحتل لارضنا ... الا ان كل هذا يحتاج الى الامن اولا ... والى الارادة السياسية ثانيا والى انهاء الانقسام واتمام المصالحة وتعزيز وحدة النظام السياسي الفلسطيني .. فالمحبة ما بين الشعبين تزداد عبر عقود طويلة ولم تصب بالفتور... مهما اشتدت الازمات ... لان مصر الشقيقة كما فلسطين بمحبتنا اليها وتمسكنا بها وعشقنا لترابها .
الكاتب : وفيق زنداح