السعودية من الوهابية إلى الإنفتاح

بقلم: أشرف صالح

السعودية الوهابية السلفية والتي تطبق الشريعة الإسلامية . والتي تحافظ على المنظومة الدينية والأخلاقية في الشارع السعودي على يد "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" . إنها تتجه لعصر الإنفتاح على يد "محمد بن سليمان " وبقرار أمريكي . وذلك لكسر هيبة السعودية والتي تمثل الإسلام السني في العالم العربي والإسلامي .

 عندما نتحدث عن الإنفتاح في السعودية على يد ولي العهد محمد بن سليمان آل سعود فنحن نتحدث عن بداية إنهيار المنظومة الإسلامية المتكاملة والتي كانت تمثل الإسلام

في عهد الرسول"صلى الله عليه وسلم" . وعندما نتحدث ما هو الإنفتاح في السعودية فيجب أن نعرف أولا ما هو النظام في السعودية . فنحن لا نقارن بين الإنفتاح في السعودية وبين الإنفتاح في باقي البلدان العربية . نحن نقارن بينه وبين المنظومة المتكاملة في السعودية . ولذلك نشعر بالفرق الكبير برغم أن الإنفتاح ليس بكبير .

السعودية بعد إنهيار الخلافة الإسلامية والتي كانت تتمثل في الدولة العثمانية المترامية الأطراف ومتسعة البقعة . وبعد صراعها مع القبائل المتنافسة وبعد إعلان المملكة العربية السعودية بقيادة آل سعود في عام 1932م . قررت أن تحكم بكتاب الله وسنة رسوله وأن تحافظ على الشريعة الإسلامية . ولكن دون أن تعلن الخلافة والبيعة من شتى بقاع الأرض . وقد إكتفت أن تكون هذه الشريعة مقتصرة على بقعة أرض يحكمها النظام الملكي المتوارث . فكانت السعودية مميزة بتركيبتها التي أخذت من عصر الخلفاء الراشدين بتحكيم كتاب الله وسنة رسوله . وأخذت أيضا من عصر الأمويين نظام الملك العضوض والتوارث في الحكم .

 ونتيجة هذه التركيبة في الحكم والتي مزجت بين الشريعة الإسلامية والتوارث في الحكم . نتج عنها منظومة إسلامية تحكم الشارع السعودي . وتضبط السلوكيات على الأرض وتضع معايير خاصة لتعامل الناس مع بعضهم البعض . ويأتي ذلك عبر مؤسسات الدولة وخاصة "هيئة الأمر بالمعروف" والتي تتبع وزارة الداخلية وتحمل خاصية الضابطة القضائية . لتتدخل بشكل مباشر في حياة الناس لضبط سلوكياتهم في الشوارع والبيوت ايضا .

قبل قدوم الملك سليمان وولي عهدة محمد بن سليمان للحكم كانت الأصوات تنادي للحريات فلا تجد لها مستمع . فلا حريات للمرأة ولا تشكيل أحزاب سياسية ولا برلمانات تشريعية منتخبة من الشعب ولا دور عرض سينمائية ولا حرية للفن والإبداع . وأيضا لا يوجد حريات للمعتقدات الأخرى ولا للمذاهب المخالفة للسنة والجماعة . فكانت المدرسة التي تتمسك بها السعودية بقوة هي المدرسة الوهابية السلفية ولا زالت . برغم تعدد المذاهب السنية والشيعية في المملكة فإن فكر ومدرسة العالم الجليل "محمد بن عبد الوهاب" هو المهيمن على المملكة .

قررت الولايات المتحدة الأمريكية أن تحدث تغييرا إستراتيجيا في السعودية . وهذا التغيير تحت مسمى علاقات سياسية ودبلماسية . ولكن هذه العلاقات السياسية سيكون لها تأثيرا واضحا في المنظومة الدينية  في المملكة . لأن سياسة السعودية أصلا قائمة على مفهوم الدين والشريعة .

ولقد نجحت الولايات المتحدة في رسم بداية الطريق إلى الإنفتاح في السعودية . ويدعم ذلك الإنفتاح هو تهديد المشروع الشيعي للسعودية وأيضا  وجود ولي العهد محمد بن سليمان على رأس الصلاحيات بدلا من والده الذي يحكم السعودية شكليا فقط .

إن الأموال الذي حصل عليها ترامب من السعودية ليس لحماية السعودية من الهجمة الشيعية بقيادة إيران فقط . بل هي بداية ميثاق بين الولايات المتحدة والمملكة من شأنها ولادة سعودية جديدة كما كانوا يلوحون في السابق لشرق أوسط جديد . ولكن ولادة سعودية جديدة على يد الولايات المتحدة ستحدث تغييرا جذريا في المنطقة . لأن عصر الإنفتاح في السعودية ليس كعصر الإنفتاح في أي بلد عربي . وقد بدأت بوادر الإنفتاح في المملكة تحت مسمى الحريات . وأيضا تقليم أظافر "هيئة الأمر بالمعروف" وهي من اقوى مؤسسات السعودية وكانت تمتلك كل الصلاحيات .

إذا إستمرت سيطرة الولايات المتحدة على قرارات محمد بن سليمان ستكون السعودية في حقل الخسارة على جميع المستويات . لأن التحالف العسكري السعودي ضد الشيعة والإرهاب وخاصة في اليمن هو ناتج عن مشروع أمريكي . بمعنى أن أمريكيا أدخلت السعودية في صراع أبدي الخاسر فيها مثل الفائز هو خسران .

بالإضافة إلى تشويه صورة السعودية أمام الجميع بعد تحويلها إلى دولة علمانية كما يتوقع البعض . وهذا إغتيال معنوي للسعودية وهيبتها بين المسلمين والعرب .

 

الكاتب الصحفي : أشرف صالح

[email protected]