نميمة البلد: حماية القضاء واجبة قبل فوات الأوان

بقلم: جهاد حرب

سلطت تصريحات سعادة المستشار عبد الله غزلان في البرنامج الإذاعي "المنتدى القضائي" على إذاعة 24FM الضوء من جديد على أهمية إعادة النظر في الجهاز القضائي وتصويب العمل وإصلاح بنية القضاء الفلسطيني بعد أكثر من خمسة عشر عاما على المطالبات المختلفة لإصلاح القضاء الفلسطيني.

هذه التصريحات التي ينطبق عليها التعبير " وشهد شاهد من أهله" وهو التعبير التأكيد والاثباتي المقتبس من القرآن الكريم على صوابية ما ذهبت اليه منظمات المجتمع المدني بضرورة اصلاح جدي للقضاء الفلسطيني خوفا من ذهاب هيبته والتقليل من أحكامه، وتصويبا للإجراءات في الجهاز القضائي وضمان استقلال القضاء وهنا المقصود استقلال القاضي عن الجهات الأخرى والاحتكام للنصوص وضمير القاضي عند النظر في القضايا المعروضة عليه.

وأكدت ثنايا التصريحات ما ذهبت اليه استطلاعات الرأي العام التي أجريت في السنوات الثلاث الأخيرة؛ ففي مقياس قطاع الامن الفلسطيني وتوجهات المواطنين للعام 2016، أشار المواطنون بشكل واضح إلى غياب الثقة بالجهاز القضائي فقد قالت نسبة من 45% من المواطنين أنها غير راضية عن نزاهة القضاء، وأشارت نسبة من 32% بأن القضاء غير مستقل، فيما قالت نسبة من 40% أن الأجهزة الأمنية تؤثر على عمل جهاز القضاء. فيما الأخطر يرى المواطنون، وفقا لاستطلاعات رأي عام أجرها الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان"، وجود فساد في المحاكم الى حد كبير بشكل متزايد عاما بعد عام؛ حيث أشارت نسبة من 69% الى ذلك في العام 2015 وارتفعت الى 71% في العام 2016، وفي العام 2017 وصلت الى 73%.

كما أن الهيئة الأهلية لاستقلال القضاء وسيادة القانون "استقلال" أشارت عبر عدة لقاءات وورش عمل الى وجود إشكالات عميقة في عمل الجهاز القضائي سواء تلك الاحكام المتناقضة فيما يتعلق بقرارات التقاعد لموظفين في القطاع العام أو أحكام صدرت من محكمة النقد، والحكم الخاص بالمواصلات التي اعترتها تفسيرات متناقضة، والاختلالات في الحكم القضائي المتعلق بالفصل التعسفي الذي فسر غاية المشرع في غير محلها؛ على ما يبدو لعدم القيام بالعناية الواجبة بالاطلاع على محاضر جلسات المجلس التشريعي عند اقراره قانون العمل والمواد المتعلقة بالفصل التعسفي. ناهيك عن التأخر في الفصل في القضايا لسنوات متعددة ما حدى بالمواطنين بالتوجه الى القضاء العشائري كبديل للقضاء النظامي وتفضيله. أو القرارات الداخلية في الجهاز القضائي المختلفة فيما يتعلق بالهيئات القضائية وتشكيلاتها أو إحالة بعض القضاة على خلفية حرية الرأي والتعبير أو حضور لقاء وورش عمل بدعوة من منظمات المجتمع المدني.

لهذه الأمور وغيرها جاءت مبادرة الائتلاف الشعبي/ الأهلي لحماية القضاء لتنسيق الجهود الاهلية والشعبية بهدف حماية السلطة القضائية من الضغوطات الخارجية المتمثلة بالسلطة التنفيذية وغاياتها أو استخدام نفوذ لمصالح اشخاص على هامش السلطة التنفيذية وحتى ضغط الرأي العام من جهة، ومن السلطة القضائية ذاتها التي تنظر الى استقلال السلطة القضائية بشكل مطلق على غير غايات القانون الأساسي الذي يشير الى استقلال القاضي بأحكامه، وتضارب المصالح في حال وجودها، وضعف الأداء وعدم بذل العناية الواجبة لضمان الوصول الى عين الحقيقة المبتغاة باعتبار احكام المحاكم هي عنوان الحقيقة.  

وباتت حماية القضاء من التدخل الخارجي ومن ذاته واجب وطني يستدعي تكاثف الجهود لحمايته بهدف تعزيز نزاهته وإعادة الثقة الشعبية به وتوفير ضمانات المحاكمة العدالة من خلال القاضي الطبيعي المؤهل تأهيلا قانونيا بحيث يسمح له بإعمال صحيح القانون عند نظره في قضايا المواطنين.    

جهاد حرب