ستعيقها لا محالة مهما تحيزت لإسرائيل!
وستظل المشكلة في إسرائيل لا في عداها!
من المؤكد أن الإسرائيليين سيصطدمون بالخطة الأمريكية القادمة أكثر من الفلسطينيين..نحن، وليس كما تنبأت السفيرة هايلي:
"إن أحدا من الأطراف لن يحب الخطة، ولكن احدا لن يكرهها".
هكذا وصفت مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هايلي ردود فعل الطرفين تجاه الخطة الموعودة قبل يومين في جامعة شيكاغو.
ترى لماذا تعاند حكومات إسرائيل المتعاقبة المساعي الجادة لصنع السلام؟
هكذا تساءلت وأنا أستمع لخطاب الرئيس أبو مازن في نيويورك، حيث أكد الخطاب على العقلانية الفلسطينية الجادة والصادقة في صنع السلام هنا.
سؤال دائم التكرار في أذهاننا نحن الفلسطينيون، فقد "قدمنا ما استبقينا شيئا" كما غنت أم كلثوم من كلمات الشاعر الرقيق د. إبراهيم ناجي:
أعطني حريتي أطلق يديَّ .. إنني أعطيت ما استبقيت شيَّ
آه من قيدك أدمى معصمي .. لم أبقيه وما أبقى عليَّ
ما احتفاظي بعهودٍ لم تصنها .. وإلام الأسر والدنيا لديَّ
كان ذلك الشعر الجميل في الحب، لا في الاحتلال!
ما الذي لم يقدمه الفلسطينيون من أجل السلام؟
كل من يتأمل بموضوعية هذا الصراع، سيجد أننا أقبلنا على عملية السلام بقلوب صافية، وعقول مفتوحة، وذلك من أجل الخلاص الوطني والعيش في سلام.
ولعل هناك من يستقصي هذا الأمر، كلجنة دولية محايدة، لتؤكد ذلك؛ فكل ما طلبه الفلسطينيون هو العدل النسبي، وسيصعب عليهم التخلي عنه، في حين يطلب الإسرائيليون كل شيء، لا يودون أن "يستبقوا" لنا شيئا!
غير معقول!
ترى لماذا تعاند حكومات إسرائيل المتعاقبة المساعي الجادة لصنع السلام؟
التفكير العميق والاستراتيجي الذي يعيش الإسرائيليون أسرى له هو أننا "قبلنا السلام معهم عن ضعف وليس عن اقتناع!"
وهم في هذه القناعة الداخلية يرون أنه "إذا شعر الفلسطينيون العرب يوما ما أنهم أقوياء، فإنهم سيعودون للصراع، فهم قبلوا الخضوع للرومان وللفرس والصليبيين وللعثمانيين وللاستعمار الأوروبي بخاصة بريطانيا وفرنسا ، لكنهم كانوا يعودون للصراع في كل مرة يعتقدون فيها أنهم قادرون على الصراع..لذلك سيعود العرب للصراع إذا استشعروا القوة".
لذلك "يجب ان يبقى العرب ضعفاء دائما، بالتدخل في بنيتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية وبخاصة في مواطن القوة في أي من هذه البنيات".
أما كيف يتم ذلك التدخل في البنية العربية؟
فالجواب هو ما نشهده!
سنجد الإجابة سهلة وواضحة، وستعاند حكومات إسرائيل المتعاقبة المساعي الجادة لصنع السلام، ليس لعدم اقتناعنا بعملية السلام، وليس لضعفنا أيضا، بل إن السبب الحقيقي يكمن في أن إسرائيل لا تريد أن تقدم استحقاقات جادة لعملية السلام، فحتى نرضي إسرائيل علينا أن نقدم لها ما تريد!
فهم سرا وعلانية وفعل على الأرض ينفذون يوميا سياسة أمر واقع، تمنع إقامة أي كيان سياسي فلسطيني غرب نهر الأردن.
وفوق هذا كله، يتهموننا بأننا غير جادين في نوايانا السلمية، كأن السلم يعني هو الاستسلام!
لو تأمل هؤلاء الساسة فيما يظنونه إستراتيجيا، لوجدوا أنهم كانوا مخطئين في ظنهم، فقد عدنا قديما للصراع لسبب واحد وحيد، وهو استمرار احتلال بلادنا وتعرضنا للظلم والاستلاب!
لذلك قاومنا "الرومان والفرس والصليبيين والعثمانيين وللاستعمار الأوروبي بخاصة بريطانيا وفرنسا"، وكان من حق العرب ونحن منهم فعل ذلك!
أما إن تم صنع سلام عادل هنا فسيعيش طولا.. لأن البشر ليسوا من هواة الحروب، فما الذي سيدفعنا مستقبلا للحرب من جديد إن عشنا بسلام وطمأنينة تمنح العيش الكريم والإبداع؟
ان صنع سلام حقيقي هنا نسير إليه معا بنوايا بيضاء صادقة ستوفر علينا الحروب القادمة؛ أما إن بقي الحال على ما هو عليه، فسواء عقدنا اتفاقيات سلام أو لم نعقد، فلن يترك الإنسان العربي حقه، ولا الفلسطيني، ولا أي إنسان آخر تصادر حقوقه.
ما الذي يمنع مشاركة العالم في صنع السلام هنا؟
لا يوجد ما يمنع ذلك، فقط هو منطق الاستفراد بالضحية حتى إنهاكها!
تدرك إسرائيل أنه إذا دخل العالم في تفاصيل الصراع هنا، "فيضعون الحق" على إسرائيل؛ فأي مفكر وسياسي وإنسان محايد وموضوعي لن يقبل نفي شعب عريق ودفعه إلى التخلي عن حقوقه.
ما هو السيئ في المؤتمر الدولي؟
من منظور الإسرائيليين، فإنه يجب ألا تدفع إسرائيل الى وضع استحقاقات فعلية لا قولية.
آن الأوان لحسن النوايا، فبدلا من الحديث عن مرحلة ما بعد الشخوص، فإن الحكمة تقتضي أن تدفع إسرائيل عن طيب خاطر ثمنا حقيقيا للسلام، بأن تؤمن أولا به وفائدته لها ولنا.
لنركض مع السلام وخلفه وجانبه ووراءه!
لا وراء أحدا نفترضه مفتاحا سحريا!
عودا على بدء؛ ففي سياق محاضرة السفيرة هايلي في شيكاغو، تساءل ديفيد أكسيلرود مستشار كبير سابق للرئيس الامريكي السابق باراك أوباما، إذا ما كانت الولايات المتحدة ستقترح قيام دولة فلسطينية مستقلة، كما كانت السياسة الأمريكية لأكثر من عقدين قبل انتخابات ترامب، قالت هايلي:
- هذا قرار الفلسطينيين والاسرائيليين.
- من الصعب رؤية الطرفين يدعمان حل الدولة الوحدة.
- انها تعتقد ان الطرفين يدفعان تجاه حل الدولتين.
إنها معادلة من الدرجة الثالثة، تحتاج لماهر في مصفوفات علم النفس السياسي لمنطق حكومة إسرائيل كأسوأ أنوع الكولينيالية لحلها!
إن جمعنا وقرننا وربطنا بإسرائيل فيما له علاقة بالاتفاق على حل، لا يعني إلا العودة للمربع رقم واحد: إسرائيل تضع رجليها في الحيط!
أما حل الدولة الواحدة، فنحن نقبل به، بل هو هدفنا، لكن لا مجال لبحث ما ترفضه إسرائيل بشكل يكاد يكون مطلقا.
ترى كيف تقرأ اعتقاد السفيرة هايلي ان الطرفين يدفعان تجاه حل الدولتين؟
ربما نقرأ ذلك من باب أن الحديث موجه لإسرائيل. لذلك فهي رسالة تحذير إسرائيل أو تنبيهها بشكل خاص بأن إلغاء حل الدولتين سيصب أولا وأخيرا في حل الدولة الواحدة، فالأفضل لإسرائيل أن تختار أفضلهما!
- إسرائيل لا تريد دولتين.....معادلة رقم 1
- إسرائيل لا تريد الدولة الواحدة......معادلة رقم 2
لماذا؟
لأن إسرائيل تريد فلسطين الانتدابية التاريخية، وترك الشعب الفلسطيني يعيش في أي شكل من أشكال الإلحاق السياسي ضمن كنتونات مع وصاية دائمة عليه.
- الشعب الفلسطيني يقبل بحل الدولتين أو الدولة الواحدة..تلك هي المعادلة رقم 3
لعلنا نتذكر ما قلناه مرة: بأن الشعب الفلسطيني هو الرقم الصعب في الشرق الأوسط!
السبب بسيط: المسألة تتعلق بالحقوق والكرامة.
لنركز كفلسطينيين على حقوقنا، باتجاه كشف سوء نوايا الحكومة الإسرائيلية، لا على مواقف الدول الأخرى ومنها الولايات المتحدة والدول الأخرى الشقيقة والصديقة.
ربما ستكتشف الولايات المتحدة أنها ضيعت الوقت في هكذا خطة ستكون إسرائيل الرافض الأكبر لها
ستعيقها إسرائيل حتى لو مالت لإسرائيل!
وحتى ولو سبقها إعلان ترامب الغامض تجاه القدس!
السبب..لا أظننا بحاجة للتكرار!
تحسين يقين
[email protected]