مصالح الاوطان ... لا تنفك عن مقاصد الاديان

بقلم: وفيق زنداح

الخطاب الديني لمواجهة الارهاب التكفيري ... يعتبر ذات اهمية استراتيجية شاملة بكافة مكوناته الثقافية ... الاعلامية .. الدينية ... الاجتماعية .. التربوية ... الانسانية ... ومدى أهمية الكلمة وقوتها ... كما اهمية الاعلام ومنهجية الفكر التي يستند اليه لمواجهة الارهاب الاسود والتكفيري .
برغم ما يمكن تسميته عن تلك الجماعات الارهابية من الخوارج ... وقوم السفهاء ... والمنحرفين بفكرهم .. وسواد قلوبهم ... والذين التقوا بمصالحهم واغراضهم الدنيئة .. ومصالحهم الخاصة مع مسميات عديدة لجماعات ارهابية ذات منابع ومنطلقات ... الا انها تاتي في ذات السياق اللا انساني .. واللا اسلامي .. ولتنفيذ ذات الاهداف التي تتناقض مع الانسانية ... والدين ومفهوم الدولة ... على اعتبار ان وجودهم يرتبط ارتباطا وثيقا بمدى اطماعهم بحكم البلاد والعباد والسيطرة على خيرات الاوطان ونهبها والاستمتاع بها ... وكأنها العودة للجاهلية قبل الاسلام .
الجماعات الارهابية بداخلها الكثير من العيوب والسلبيات من خلال كم الافكار المنحرفة والتكفيرية ... وحالة الخلط بالمفاهيم المغلوطة ... وعدم ادراكهم ... وفهم الكثير منهم .. بحقيقة ما يفعلون .. ولماذا يقتلون ... ويخربون ... ويدمرون ... ويقطعون الاعناق ... ويرهبون الناس .. ويزعزعون أمن الامنين في منازلهم واوطانهم .
وحتى لا ندخل فيما هم يريدون ادخالنا به حول الدين وسنته واحاديثه ... وحول التفسيرات والتأكيدات بعقولهم ... والتي يضحضها علماء الدين .. ورجال الازهر الشريف ... وحتى المشاركين بالمؤتمر الجاري بفعالياته بالقاهرة حول صناعة الارهاب ومخاطره والذي يجري برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي .. وباشراف الدكتور الشيخ محمد مختار جمعه وزير الاوقاف وبحضور العديد من المسؤولين والعلماء من الدول العربية والاسلامية .
وبرغم متابعتي لكافة الكلمات والمحاور المراد تناولها والنقاش حولها ... حول كيفية صناعة الارهاب ومدى مخاطره ... وكيفية مواجهته ... وما تتحدث عنه الكلمات والابحاث المقدمة ... ومع اهمية ما يقدم .. وما يجري البحث حوله ... وما يتم النقاش بمضمونه ... وما يمكن ان يستخلص من نتائج .
الا انني سأكتب بنقطة هامة ... وذات اهمية استراتيجية ... ارى اهمية التركيز عليها وعدم تجاهلها ... والقفز عنها ... وهي ذات علاقة بأطماع الحكم والسيطرة ... وليس الخلاف حول العقيدة والشريعة والدين .
كافة المؤتمرات التي تم تنظيمها والتي تحدثت عن الارهاب وكيفية صناعته ومواجهته ... وكأن الخلاف والاسباب تكمن بالدين وصحيحه ... أياته واحاديثه ... وما يجري من مسيرة الحديث ووقفاته ومراحله واجتهاداته ... لان كل هذا وغيره لا يعني بالمطلق ... ولا يسمح بالتأكيد من أن يقوم شخص بقتل شحص اخر ... او ان تتشكل جماعة تحمل افكارا سوداء لاجل اسالة دماء بريئة ... وتدمير اوطان ... ولتكفير من قالوا لا اله الا الله وان محمدا رسول الله .
خساسة ... وخبث ... ومكر ... ودهاء .. واستغلال لمقاصد دنيئة ... واهداف خبيثة .. لنزعة شريرة ... جمعت ما بين اصحاب مصالح واحدة ليصنعوا لانفسهم جسما تنظيميا ... او يصنع لهم ... من قبل خبراء وممولين ومخططين ... حتى يتم فرضهم على خارطة الواقع ... ولينازعوا بالسياسة ... كما ينازعوا بالاسلام للتخريب عليه ... محاولين ان يصدروا ان هناك اجتهادات وتباينات ... واساليب متعددة ... الا ان الحقيقة والتي لا حياد عنها .. لا تخرج عن اطار الاطماع بالحكم والسيطرة والهيمنة لمصالح دول وجماعات ... وللتخريب على دول وشعوب ... ونهب للخيرات ... واسترزاق لتجار دين وهمي ... ليس له اساس ... وتجار جماعة لا يجمعهم دين حقيقي ... ولا علاقة لهم بالدين الصحيح من قريب او بعيد .. الا بالمسمى ومحاولة التضليل والخداع ... ولفت الانظار ... واستقطاب من لا يمتلكون الوعي والثقافة والفكر .. ومن يعيشون ظروفا ... وحالة فراغ يحاولون استغلالها والتصيد من خلالها .
كافة الخطابات للحركات والتنظيمات الاسلامية والتي تختلف في خطاباتها .. واساليبها ... ومضمون حكمها على الاشياء ... الا انها بالنهاية ... وطالما اتخذت لنفسها طريقا يحمل عنوانا سياسيا ... فانهم يكونوا بذلك ذات مصالح واهداف ومطامع بالحكم ... وهنا يجب التفريق وعدم المقاربة ما بين الحركات الاسلامية التي تستند الى مفاهيم الدين الصحيح ولها مواقفها السياسية التي يمكن ان نتعارض معها ... وما بين الجماعات الارهابية التكفيرية والتي لا تحمل ... ولا تنطلق من قواعد ايمانية ... وتدين حقيقي .. بقدر انطلاقها من مصالح سياسية شخصية لجماعات متطرفة تخدم على مصالح دول واجهزة استخبارات ... ولها اساليبها التي لا تتسم .. ولا يمكن ان توصف ... او يمكن القول عنها انها خارجة عن مسلم حقيقي ... يؤمن بالدين والاسلام الصحيح .. والوسطي ... ولكنه تعبير عن حالة انحراف لفكر مريض ... وممول من دول .. وبتم تغذية تطرفه بالمزيد من المال ... والمخططات ... والاسلحة ... والمطامع السياسية التي ستمكنهم من الحكم للبلاد والعباد ... ونهب خيرات الاوطان .. وتغيير معالم المجتمعات .
لانه ليس هناك فروقا شاسعه في فهم الدين الصحيح وتعاليمه واهدافه ... والتي نختصرها بما تم دعوتنا اليه من محبة وتسامح ومودة .... وتنفيذ التعاليم والاركان التي يقوم عليها ديننا الحنيف ... وما تم الاطلاع عليه من احاديث نبوية وسيرة ... وفرت لنا ولغيرنا ارضية طيبة لعلاقات انسانية راقية ... ولنموذج حياة اجتماعيه يحترم كل منا الاخر .. ويعيش كل منا بأمن وامان ... وما يحكم كلا منا علاقة الانسان بربه .. والتي لا وساطة فيها ... ولا مشرف عليها ... ولا راعي لها ... ولا حاكم لها .
جماعات الارهاب وقد تغلغلت من خلال هوامش وجنبات الطريق .. وظروف استثنائية ... واستغلال لحالات مرضية ... واوبئة اجتماعيه ... ومفاهيم مغلوطة ... ارادوا ان يجعلوا منها فكرا منحرفا ... لاهداف شيطانية ... وكوابيس احلام ... وجدت من يغذيها ... ومن يمولها ... ومن يجعل منها واقعا حاكما لجيوب هنا وهناك ... وقاتلا لابرياء هنا وهناك ... وجعلوا منهم خفافيش بالظلام ... ليقتلوا من يريدون ... وليفجروا .. وليخربوا ... وليزعزعوا أمن واستقرار البلاد والمجتمعات ... وهم أقرب من الكفر عن الاسلام وأبعد عن الانسانية بأفعالهم المشينة ... واساءاتهم ... وتشددهم المسرحي ... من خلال تلك الجماعات التي لا اساس لها ولا رأس ... لكن لها من يمولها ... ويحقق أهدافه ... ويجعل منها واقعا يشكل خطرا داهما على الشعوب والمجتمعات .. وعلى دول ومؤسسات .
من هنا ليس الموضوع خلافا في تفسير اية قرانية .. او احاديث نبوية ... او فهم مختلف عليه حول الدين وصحيحه ... فالدين الاسلامي له علماءه ومرجعياته ... كما له ما يمكن الاستناد عليه في قراننا الكريم .. واحاديث رسولنا صلى الله عليه وسلم .
ان يقوم البعض تحت ستار الدين وبمسميات متعددة ... ليصورا للعامة ... انهم المدافعين عن الدين والمحافظين عليه ... والحريصين على سلامة تطبيقه وتنفيذه ... بحسب عقول مريضة ومنحرفة وثبت انحرافها وارتزاقها ... ونهبها لخيرات كافة المناطق التي تواجدوا بها .
فالمسألة ليست ذات علاقة بالدين ... لكنه سياسي منحرف بامتياز ... وذات جذور وهناك من يساعد ويمول ... ومن يسلح ويقوي ... ومن يغطي باعلامه ... ومن ينشر اكاذيبه وفبركاته ... والتي يحاول فيها التأثير على الضعفاء .. وضعاف النفوس من خلال زرع المخاوف بداخلهم ... وارهابهم تحت مسمى الدين ... وان من يخالفهم بالنار وبئس المصير ... ومن يسير على اهواءهم سيكون بالجنة .
خزعبلات ... تضليل وخداع ... ومحاولة لتصدير الدين على حساب مواقف سياسية منحرفة ... واطماع شخصية لجماعات ذات ارتباط بدول اقليمية واجهزة استخبارات دولية ... والا لو كانت المسألة ذات علاقة بالدين ... فما الذي يجمع الفرنسي والالماني والبريطاني والامريكي ... وحتى اليهودي بجماعات التكفير والارهاب ؟!!!! .
المؤتمر المنعقد بالقاهرة ... بأرض الكنانة مؤتمر ذات اهمية بالغة ... وذات توقيت هام ... ونحتاج الى المزيد من تجمع علماء المسلمين للادلاء باراءهم ... وتصويب خطاباتهم ... وكشف زيف ما تقوله الجماعات الارهابية ... وما يتم ترديده من اكاذيب وافتراءات ... وما يحاولون فيه التأثير على الناس من خلال اوهام وافعال شيطانية .
علماء الدين الاسلامي ورجال الفكر والاعلام وكافة وسائل الاعلام بأشكالها المختلفة يجب ان يعملوا بصورة دائمة ... على كشف زيف هؤلاء القتلة المأجورين .. وان لا تكون المؤتمرات موسمية او في اطار ردات الفعل ... في ظل العملية الشاملة سيناء 2018 ... والتي تحقق نجاحات ملحوظة وملموسة ... سنرى نتائجها النهائية عما قريب .
لان الكلمة كما السلاح ... كما ضرورة الوعي واليقظة والتي يمكن من خلالهم مواجهة صانعي الارهاب واجتثاثهم من حذورهم ... وكشف الداعمين لهم .. والممولين والمخططين لافعالهم الاجرامية .
مواجهة الارهاب ضرورة وطنية على قاعدة ان مصالح الاوطان ... لا تنفك عن مقاصد الاديان ... فالدين وقد جاء رحمة للعالمين ليعزز من المحبة والتسامح ... ومن العلاقات الانسانية ... وليدلل على ان التدين والتمسك بتعاليم الدين الاسلامي ... هو التمسك الحقيقي بالانسانية وعلاقاتها ... وبالبشرية وأمنها وسلامتها وتقدمها .
الكاتب : وفيق زنداح