ديوك وثعالب..!

بقلم: توفيق الحاج

برزالثعلب يوما.في ثياب الواعظينا / فمشى في الارض يهدي ويسب الماكرينا/ ويقول الحمدلله اله العالمينا

يا عباد الله توبوا.فهو كهف التائبينا/ وازهدوا في الطير ان العيش عيش الزاهدينا/ واطلبوا الديك يؤذن لصلاة الصبح فينا

فاتى الديك رسول من امام الناسكينا/ عرض الامر عليه وهو يرجو ان يلينا/ فاجاب الديك عذرا يا أضل المهتدينا
بلغ الثعلب عني عن جدودي الصالحينا/ عن ذوي التيجان ممن دخل البطن اللعينا/ انهم قالوا وخير القول قول العارفينا
مخطىء من ظن يوما ان للثعلب دينا!
قصيدة لأحمد شوقي كنا نحفظها في طفولتنا غيبا دون حاجة لعصا او خيزرانة من المعلم المتجهم !
لم نكن حينها نفهم مغزاها الحقيقي بل كان يشغلنا تخيل الثعلب المكاروهو يلبس الجبة والقفطان ويدعو الناس للصلاة فيهم اماما طمعا في الديك المؤذن..! ويعجبنا ذلك الرد الرافض والواعي من ديك لاينسى خبرة اجداده الاحباب ان لا امان للثعالب والذئاب !
ولما كبرنا ووعينا ما يدور حولنا ورأينا بأعيننا نماذج ثعليبة تتستر بالدين والتقوى لتحقيق أغراض خبيثة وكان اول ماراينا ثعالب ادمية تنتمي الى الوكر الام في المحروسة ! والذي توالدت منه ثعالب وانتشرت وديوكا من حولها افترست!
كانت تلك الثعالب بلا فراء وولا انياب لا مخالب تلبس جلاليبا وطواقي بيضاء وتلتحي بلحى سوداء يخالطها البياض او لحى مصبوغة بالزعفران والحناء مع سبحة كهرمان تناسب المقام والزمان ولزوم كاريزما الثعلب الشيطان!
وكانت الثعالب فيما بيننا تتقى الظهور وتتخفى في الجحور..تتلقى دروسا شبه سرية في خلايا عنقودية وتتشرب دينا غير دين ..!.
دين مختلف لم نعهده ولم يعهده اجدادنا من قبل ...دين غريب مريب رهيب هو نسخة طبق الاصل عن قناعات الخوارج.. وتطرف السبئية وتكفيرالحشاشين ! ..دين لاسماحة لخالق فيه ولا رحمة لخلق.. ولا محبة نبي ولا انتماء لوطن بل كراهية للاخر واقصاء .. وتخوين واغنيال !
كنا في الستنينات نسمع عن مخططاتهم وافاعيلهم في قاهرة المعز وعمالاتهم المكشوفة لبريطانيا وامريكا ونقرأ عن جرائمهم واغتيالاتهم وصراعهم مع رجال الثورة بعدما فشلو في الهيمنة و الاستحواذ !
وعرفنا ان بعض الثعالب النائمة تتربص بنا في انتظار فرصة الانقضاض على الحظائر في أية لحظة
ومع هزيمة 67 تسحبت من اوكارها بابتساماتها المسمومة وانيابها الصفراء الحاقدة فرحة وشامتة أكثر من بني راحيل ! وكان مشهدا من اقبح وأرذل مارايت في حياتي ..!
وفي مرحلة العمل الفدائي ضد فرسان الليخم والشمينت ارتأت الثعالب.. التقية والتواري والسعي للكسب والتجارة والتمتع بملذات الحياة ودفع الرشاوى لضباط الركن مقابل تسهيل معاملاتهم وبناء هياكلهم !
وفي اواخر السبعينات خرجت الثعالب من اوكارها ثانية برعاية الذئب الاعور! وكونوا جمعية توالدت جمعيات ..خدماتية في الظاهر ودعوية تحريضية في الباطن.. وبدأنا نراهم علنا وهم يلوحون برايات الجماعة الام ويتحرشون ويدخلون بنا الجنة !وفي ايديهم الجنازير والسيوف وماء النار! ويحرقون الهلال الاحمر في عز النهار بما فيه من كتب دينية وأولها القران الكريم ويصفون شهداء المقاومة في حرب بيروت بالجيف ! فحصدوا بسببهم كراهيتهم لكل ماهو وطني.. السخرية والنفور و سوء السمعة !
ومع اندلاع الانتفاضة الاولى اجتمع كهنتهم وقرروا تغيير المسمى القديم بسمى اخر جديد لعله يغسل بالنسيان ماعلق في ذاكرة الديوك من سواد!
الا ان سيرة الثعالب وممارساتها لم تتغير بل ازدادت انتهارية وانانية واقصائية وتخوين وتكفير وخطف وتعذيب وقتل مزايدة على بعض التنظيمات الوطنية التي انغمست للاسف في وحل الهاجس الامني ! دون وعي لدور التعالب المخطط بعناية بالتنسيق مع الخارج لتخريب الانتفاضة واجهاضها!
وكلما كانت خطاياهم تبعدهم عن المشهد كانت اخطاء الديوك تقربهم من جديد ..كما حدث في مدريد واوسلو وممارسات سلطنة المماليك العائدين الفاسدة!
وتجلت عودة التعالب الى المشهد بفوزهم في انتخابات 2006 بعد التهالك والفوضى التي انتابت امراءالمماليك البحرية بعد رحيل طومان باي مسموما لا مشنوقا كما ابلغتنا الروايات!
وتجلى وجود الثعالب اكثر بالانقسام ذات ليل وارتكاب افظع الجرائم في الدم الواحد !
وبمر بنا الزمن وتزداد الحياة فسادا وثعلبه وينكشف الائمة والتابعون من القعقاع وابو حذيفة الى ابوعبيدة وعبد المعين في عشر سينين ذقنا فيها ولازلنا مرارات بؤس تمزق وطني ومجتمعي واسري مما جعل مانعانية ابعض واقبح واوجع من احتلال ابناء الملاعين !
ويسألونك عن المصالحة ...قل هي وهم ومستحيل بين دم ودم ..بين ألفة وافتراس... بين ضحية وجاني.. برغم التصريحات واللقاءات والغدوات والعشوات والابتسامات والمغازلات والكاميرات وما ذلك الا ترامال سياسي فقد مفعوله ..
واذا بلغنا يوما ان الديك المؤذن قد تصالح مع امام الثعالب في قصيدة أحمد شوقي فربما تكون المصالحة بين ثعالب حارتنا وديوكها حينئذ قابلة للتحقيق!
والى هنا ادركني الصباح فسكت عن الكلام الصراح... وديك يؤذن لربه ويرغب قبل ان يؤذن الشيخ ثعلب !
مولاي.... لك صلاتي وحياتي ..اطلب عفوك رضاك انت وحدك لا طمعا في جنتك ولا خوفا من نارك ولا قربا للثعالب من عبادك ! اللهم انت ربي وحسبي وكفى...

 

توفيق الحاج