عندما نتحدث عن الصحافة الصفراء فالعارف لا يعرف . جميعنا يعرف أهدافها وأساليبها وأجندتها . حان الوقت لنتحدث عن ظاهرة الغباء التي تنتشر على صفحات هذه الصحافة . فشر البلية ما يضحك فعلا . هذا ما حدث معي حين تصفحت في هذه الصحافة وقرأت ما فيها من سخافات حينها إبتسمت ساخرا .
ما لفت نظري في الصحافة الصفراء ما قرأته عن حادثة إغتيال الشهيد أحمد جرار . حين نقلت لنا عبر صفحاتها ما نشرته وسائل الإعلام العبرية عن تعاون السلطة مع الجيش الإسرائيلي بتحديد مكان الشهيد جرار وإغتيالة . وتحديدا جهاز المخابرات الفلسطينية كان يتصدر الخبر . ومن وسط هذه الحملة الممنهجة لتشويه السلطة أمام الرأي العام كانت الضحية التي نالت حصة الأسد في حملة التشويه تتمثل في شخص "بهاء بعلوشة" وهو عميدا في جهاز المخابرات الفلسطينية ومستشارا أمنيا لرئيس الجهاز اللواء ماجد فرج .
أنا لست متخصصا في الدفاع عن شخصية "بهاء بعلوشة" الإعتبارية والتي لها مكانتها في الدولة . فتاريخه النضالي كفيل أن يدافع عنه . فمن المعروف أنه قضى سنوات طويلة في سجون الإحتلال وكان مطاردا لليهود لأنه كان يعمل في صفوف قوات حركة فتح . ومن ثم إنتخب عضوا في المجلس الثوري من خلال المؤتمر السادس لحركة فتح .
سأدافع عن "بهاء بعلوشة" بصفته مواطن له الحق بحماية سمعته كأي مواطن له حق على دولة القانون . فالقانون لا زال عاجزا أمام "بهاء بعلوشة" في قضية القصاص والتي تخص أبنائه الثلاثة الشهداء . فالجاني عليهم كان شيطان متنكر بثياب إنسان ولا زال مجهولا . فيجب على القانون أن لا يعجز أمام قضية التشهير بأعراض الناس على الصفحات الصفراء . سأدافع عن "بهاء بعلوشة" لأنه عينة من الذين يسقطون كل يوم ضحية الصحافة الصفراء .
وسيكون الدفاع مرتكزا على قاعدتين أساسيتين وهم الشريعة الإسلامية والقانون . فالقانون في أي جريمة يعتمد على المصدر والدليل والبرهان . فإذا كان المصدر هو ما تنشره الصحف العبرية عن السلطة وتتناقله الصحافة الصفراء فهو مصدر باطل بلا جدال . لأن الصحف العبرية تعمل في صفوف عداوة السلطة والقضاء عليها ونشر الفتنة بين أطياف المجتمع الفلسطيني . وما أساسة باطل فهو حتما باطل . أما بالنسبة للدليل على صحة ما تنشره هذه الصحف العبرية وتنقله الصحافة الصفراء فلا وجود له . فعدم وجود الدليل ينفي التهمة بتاتا .
أما بالنسبة لرأي الشريعة الإسلامية في هذه الإتهامات الوهمية ضد "بهاء بعلوشة" وأمثاله من ضحايا الصحافة الصفراء فهذه الآية الكريمة كفيلة بالرد ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) ﴾ .
إذا أردنا أن نتعرف على الغباء فعلينا أن نقرأ الصحافة الصفراء . قبل فترة قصيرة وأثناء حوارات المصالحة حين كان اللواء ماجد فرج رئيس المخابرات الفلسطينية في غزة يجتمع مع القيادة السياسية لحركة حماس وعلى رأسها يحيى السنوار . كنت في هذا الوقت أتابع الأحداث عن كثب . وفي الصدفة قرأت أخبارا منشورة على مواقع الصحافة الصفراء وهذه الأخبار تتحدث عن إتهام المخابرات الفلسطينية وتورطها مع الإحتلال في النيل من المقاومة وعناصر مطلوبة لجيش الإحتلال . فكانت هذه الأخبار المدسوسة تتزامن مع وجود اللواء ماجد فرج مع قيادات حماس في غزة تجمعهم علاقة حميمة وتفاهمات وشراكة وقبول ورضا وعمل مشترك بينهما .
حينها علمت بأن الصحافة الصفراء لا تحمل خاصية جمع المال على حساب أعراض الناس فقط . بل تحمل خاصية الغباء الذي يجعل منها إضحوكة القراء .
الكاتب الصحفي : أشرف صالح