عندما تحدثت عبر وسائل الإعلام نيكي هايلي مندوبة الولايات المتحدة في مجلس الأمن وقالت . كما إعترفت أنا اليوم بالقدس عاصمة إسرائيل الأبدية غدا سوف يعترفون العرب بذلك . وقد يصفها بعض المراقبين بالوقاحة ولكن في حقيقة الأمر هي صراحة . وما أحوجنا كعرب للصراحة لأن الصراحة تساعدنا كثيرا وتفتح لنا الأبواب المغلقة . ومن خلالها نختار طريقنا بدلا من الركود وراء المجاملات والمفردات التي لا تغني من جوع . ليت العرب والمسلمين يتسمون بشجاعة نيكي هايلي ويقولوها عبر وسائل الإعلام أن القدس عاصمة إسرائيل بدلا من أن يقولوها بلهجة التطبيع . عندما خرجت نيكي هايلي وقالت هذه الجملة عبر وسائل الإعلام كانت تعني ما تقول . وكانت هذه رسالة منها بأن الولايات المتحدة والتي تنفذ أوامر اللوبي اليهودي لا تكتفي بضعف وصمت العرب ولكنها تخطط أن يكون التطبيع بين العرب وإسرائيل هو تشريع لوجود اليهود على أرض فلسطين وتشريع بأن القدس عاصمة لهم .
عندما يخرج إلينا أردوغان عبر وسائل الإعلام مناديا وهاتفا بنصرة القدس وقضية فلسطين فهذا يعني أن نيكي هايلي أفضل منه لأنها تقول ما تفعل . ولكن أردوغان يقول ما لا يفعل لأن شعارات أردوغان عن القدس تتزامن مع تطبيعه مع إسرائيل بإمتياز .
ليس أردوغان الوحيد الذي يطبع مع إسرائيل . لذلك قد يسألني البعض لماذا التركيز على أردوغان برغم أنه ليس عربيا ؟ الإجابة بكل بساطة لأن أردوغان هو الأكثر حظا في سوق فلسطين . والأكثر ظهورا على شاشات الإعلام كمناصر للقدس والشعب الفلسطيني . ولأننا كفلسطينيين ذات عواطف جياشة عندما نشاهد أردوغان على شاشات التلفاز يردد شعاراته تغمرنا الفرحة لدرجة أننا ننسى أنه من رواد ومنظرين ومبشرين بالتطبيع مع إسرائيل .
وبالمناسبة لو أننا كفلسطينيين نتعامل في السياسة بعقولنا وليس بقلوبنا لإكتشفنا أن أردوغان هو أخر من نراهن عليه في قضيتنا . والسبب هو أن أردوغان ليس عربيا وهو من جذور أصلا كانت تنظر للعرب نظرة التصغير . خاصة أننا في زمن القوميات وليس في زمن الخلافة الإسلامية . العلاقة بيننا وبين أردوغان علاقة إسلام وليس عروبة ونحن نعتز بهذه العلاقة ولا نكن له إلا الحب والسلام . ولكن أردوغان دخل إلينا من عنوان خاطئ وهو عنوان المشاعر التي لا تغني من جوع . ونتمنى أن يكون صادقا بالفعل .
ما قالته نيكي هايلي ليس جديدا ولا غريبا فتطبيع العرب مع إسرائيل منذ زمن طويل وظاهر للجميع . ولكن كلام نيكي هايلي إشار إلينا لشيئ مهم وهو أن من يطبع اليوم مع إسرائيل ويتستر خلف شعارات نصرة القدس ليس غريبا ولا بعيدا عنه أن يخرج لنا غدا ليعلن رسميا وعبر وسائل الإعلام أن القدس عاصمة إسرائيل .
يجب علينا كفلسطينيين أن نستغل صراحة نيكي هايلي وترامب ونتنياهو وأمثالهم لتكون درسا وعبرتا نستفيد منها . ويجب أن نبني على صراحتهم خطتنا للتصدي لهم ولمشاريعهم التي تستهدف هويتنا .
بقلم/ أشرف صالح