لا بأس في أن يكون هناك إنعقاد للمجلس الوطني ولكن

بقلم: زهير الشاعر

في البداية لابد من الإشارة إلى أنه بات يزعجهم قلمي لدرجة أن كبارهم باتوا يلاحقون كلماتي ويتتبعون ما يجيئ فيها وهم يتحسسون رؤوسهم، ويستجدون أصحاب المنابر الإعلامية الحرة التي تنشرها، حتى تمتنع عن نشرها، وذلك في محاولة بائسة ويائسة، منهم ، لإغلاق منافذ الكلمة الحرة التي باتت تزلزلهم، وأخيراً تركوا الحبال لكلابهم المسعورة الذين يسمون أنفسهم بأعضاء أقاليم فتح الخارجية، وما هم إلا زعران منتفعون باتوا يمارسون البلطجة والتعدي على كل من يخالفهم الرأي أو يرفض أن يكون تحت مظلة جهلهم.

يعرفون بأنهم جغرافيون حاقدون وليسوا بوطنيين ، بل هم يتمسكون بنهج الغدر والخيانة، وما تربوا عليه من سلوك أرزقي كمخبرين تتقاذفهم الأحذية بين ارجل هذا وذاك حسب قيمة الدفع، وعندما أصبحوا قادة لم يدركوا بأن هناك متطلبات تحتاج لأخلاقيات رجال يعتزون بكرامتهم أولاً ، ومن ثم يحترمون كلماتهم، وبعد ذلك يقدرون معنى وقيمة وطن وأبناء وطن.

هؤلاء في أغلبهم ولا أقول جميعهم ، جاءوا للانتفاع والاسترزاق، تحت مسميات وطنية كبيرة، لم يكن أحد منا يدرك حقيقة نضالاتهم وتضحياتهم الموهومة والمزعومة ، التي كانوا يتحدثون إلينا عنها ، وفي الحقيقة أننا كنا سذج ولربما أغبياء والأقرب أننا كنا طيبون ولدينا أخلاق ، نحب الوطن ونحب التضحيات ونحب من يسرد لنا قصص عن التضحية من أجل هذا الوطن، ولكنهم كانوا للأسف عصابة، يستخفون بمشاعرنا ويحقرون من مصداقيتنا ، يتقاسمون الأدوار لاقتسام كعكعة الوطن فيما بينهم على حساب أناس ضحوا وصبروا وقدموا الغالي والنفيس من أجل وطن أحبوه وأحبهم، في حين أن هؤلاء المرتزقة كانوا يعيشون في بارات وخمارات ومراقص الدنيا وهم يناضلون فيها بطريقتهم الوضيعة.

وبعد مسيرة سنوات بحلوها ومرها ، بألمها ووجعها، وحلاوة ما كان يغلفها من أمل طال انتظاره، وداست عليه اقدام مرتزقة لم يرحموا كرامة كبير ولا أمال شاب ولا حاجة طفل ، بل داسوا على كل المحرمات وعاثوا فساداً بكل المقدسات وضربوا عرض الحائط كل المسلمات ، فلم يُبقوا لعادات وتقاليد، مكان ، ولم يُبقوا لحرية مساحة ، لا بل لم يُبقوا لعائلة كرامة ، وكأنهم جاءوا يحملون سيف الانتقام.

من هنا لابد من التذكير بأنه بعد مؤتمر حركة فتح السابع وما تمخض عنه من تعميق الانقسام وخروج قيادة ضعيفة تائهة لا تقوى إلا على السمع والطاعة ، أعطت غطاءً مفضوحاً لهيكلة الوضع التنظيمي لهذه الحركة الرائدة، وذلك على أسس جغرافية قذرة رجحت كفة على حساب أخرى ، فعمقت الانقسام داخلها بدلاً من أن تعمل على مداواة جراحها.

اليوم ونحن نتأمل الزمن من جديد بعد انعقاد ذلك المؤتمر الهزيل الذي ساهم بالحفاظ على استمرار دور مشبوه لمنظومة منتهية الولاية وفاقدة الشرعية ، وفي ظل صراع بات يفضحهم ، بدأوا يلحنون أغنية الهزيمة من جديد ، وذلك من خلال العودة لسيمفونية انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني قبل نهاية شهر مايو القادم، بحجة مواجهة تحديات ما يسمى بصفقة القرن ، في حين أنهم كانوا يحاولون تنفيذ ذلك قبل أن نسمع بهذا المسمى، وذلك من أجل جلب قيادة جديدة تحافظ لهم على التالي :

أولاً : تعيين لجنة تنفيذية جديدة لمنظمة التحرير الفلسطينية على أساس أن تكون موالية للحفاظ عل مصالحهم ، وتضمن المحافظة على استمرار نفس النهج المشبوه الذي يقومن بتأديته على أكمل وجه ، والأهم من ذلك هو إبقاء السيطرة على مقدرات منظمة التحرير وحساباتها السرية في أيديهم، وبعيدا عن تدخل المؤسسة الوطنية وهذا السيناريو ينحصر في تصعيد د. صائب عريقات على سبيل المثال الذي يخوض صراعاً خفياً مع الفاسد والفاجر رمزي خوري ، الذي يقاتل من أجل أن يحصل على عضوية اللجنة التنفيذية حتى يضمن رئاسة الصندوق القومي الفلسطيني الذي يدرك بأنه رئة الحياة الحقيقية لمنظمة التحرير الفلسطينية وبالتالي السيطرة عليها وبالتالي ضمان عدم النبش في ملفاته القذرة التي تتضمن تفسيرات واضحة لإهدار ملايين الدولارات على صفقات مشبوهة سيتم الحديث حولها بالتفصيل في مقالات لاحقة

ثانياً : تصعيد أعضاء جدد من التابعين خاصة من أعضاء أقاليم فتح الخارجية الذين تم الزج بهم في السنوات الأخيرة بناءاً على الولاءات والتقسيم الجغرافي البغيض ، بعيداً عن الرقابة ومعرفة تاريخهم النضالي وارتباطاتهم وملفاتهم الجنائية ، حتى يشكلوا ما يسمى بأقاليم فتح الخارجية، والذين اعتمدوا لوناً جغرافياً واحداً انتظارا لمثل هذا اليوم ، وذلك من أجل ضمان السيطرة على المجلس الوطني الفلسطيني حسب النهج الانهزامي القائم وبالتالي تشكيل لجنة تنفيذية جديدة على المقاس تضمن لهم الاستمرار بالسيطرة على مقدرات ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وتجيير نهجها لما هو مرسوم لها، وذلك بدون عوائق تُذكَر.

ثالثاً : يهدف انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني في ظل الظروف القائمة إلى خلق حالة فلسطينية من التفتت الوطني والاجتماعي، تؤدي إلى نشوب حالة من الصراع ينجم عنها فوضى عارمة، وذلك لإفساح الطريق أمام حالة فلسطينية جديدة بثوبٍ جديد وتقسيمات جديدة لربما ينجم عنها إنهاء حركة فتح الفلسطينية بشكلها الحالي بمجملها، حيث أنها لم تعد تلك الحركة التي تستطيع أن تتزعم العمل الوطني الفلسطيني منفردة بعد حالة الترهل والتآكل التي افترست كل مكوناتها وفلسفتها النضالية العامة.

رابعاً : ضمان بأن لا يكون هناك أي مجال لأي فصيل فلسطيني أي قدرة على التحرك خارج هذه التشكيلة التي ستنتزع كل الصلاحيات والشرعيات ولن تعطي مجال لأحد لأن يكون خارج مظلتها.

أخيراً ، ليس المهم أن ينعقد المجلس الوطني الفلسطيني ام لا ، وهو الذي يعتبر بمثابة البرلمان الفلسطيني المُعَطَل الذي لا يملك من شأنه شيء ولا قيمة تبقت منه إلا اسمه فقط ، ولكنه لا زال قانونياً هو الجهة الوحيدة التي تحتاج لتجديد لأعضائها خاصة بأنها الجهة التي لها الحق بنزع الشرعية عن أي قيادة فلسطينية إن توافقت واجتمعت وارادت ذلك ، ولكن كونها عاجزة من الأساس فلا يمكنها إلا التصويت لصالح أي قرارات تصدر عن هذا المجلس ، التي من المتوقع أ، تكون قرارات خادمة للنهج القائم وما يُملى عليه وأهدافه ،وبذلك يتم التغريد من خلالها خارج السرب الوطني ولكن بشرعية وقوة القانون بغض النظر عن وطنيته من عدمه، مما يدل على أن هناك حاجة لتشكيل شرعية جديدة موالية ، تتمخض عن انعقاد هذا المجلس ، حتى تصبح غطاء لتمرير قضية وطنية كبرى، وتحتاج لمن يستطيع أن يمرر القرار بشأنها ويمنحها الشرعية ، ولذلك يتم إفراز حالة تتحدث عن أنه لم يعد هناك خيار أمام الفلسطيني سوى القبول بهذا الأمر سواء كان راضياً أم غاضباً ! .

بقلم/ م. زهير الشاعر