أعتقد أن "دونالد ترامب" لا يملك من كيانه إلا إسمه والذي نسبه إليه والده المشكوك في أمره أصلا . ودون ذلك فهو ملك لليهود . وهذه الخاصية لا يحملها ترامب فحسب بل يحملونها كل رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية . ولكن ترامب هو الخادم الأكثر ولاء لإسرائيل والأكثر تهورا أيضا . لأنه أحيانا يخرج عن النصوص المكتوبة بقلم اليهود على الورقة التي يحملها ويتجول بها من دولة إلى دولة .
أصبحت اللعبة مكشوفة للجميع "إلعب غيرها يا شاطر" ولا تحاول أن تستخدم عقل غيرك فنحن في القرن الواحد والعشرين وأصبح العالم قرية صغيرة . وأصبح الكتاب الصحفيين والمحللين السياسيين يشاركون في القرار الفلسطيني بطريقتهم الخاصة ويوجهون الرأي العام .
في هذه الأيام يسوق ترامب وهما إسمه "صفقة القرن" بين العواصم العربية والعالمية . وهو كالتاجر الذي يسوق بضاعته قبل صناعتها بحيث إذا نجح بتسويقها ليقوم بعد ذلك بصناعتها حسب معايير التسويق .
ولكن هناك أمرا في غاية الأهمية وهو لصالحنا كفلسطينيين ويتمثل في الخطأ الذي يقع فيه ترامب . ترامب وهو يحمل الورقة التي كتبها له اليهود ويسوقها بين العواصم لم يكن يعلم أنه في هذه الطريقة يسوق القضية الفلسطينية في العالم ويحييها من جديد . وقد نجد من خلال تسويق هذه الورقة لفت إنتباه بعض الدول ودخولها في المنافسة السياسية لصالح القضية الفلسطينية . والأهم في ذلك أن تسويق ترامب لصفقة القرن بين العرب وكأنه يعيد لنا زمن "جمال عبد الناصر" حين كانت القضية الفلسطينية قضية قومية بإمتياز . وأدى ذلك الى إنشاء منظمة التحرير عام 1964 على يد القائد الفلسطيني "أحمد الشقيري" بدعم عربي وعنوان قومي .
من المؤكد أن ترامب ومن خلال تسويقه لصفقة القرن يحاول أن يجعل من العرب ورقة ضغط كبيرة على رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية "أبو مازن" ليقبل بأقل القليل . ولكن شاءت الأقدار وتحولت عملية التسويق لصالح القضية الفلسطينية بما ذكرته في السياق .
وقالها الرئيس أبو مازن بكل جرأة وصراحة "لم يستطيع أحد التوقيع على شيئ سوا هذا القلم الذي أحمله في يدي" فكانت هذه الجملة تضع حدا لكل ما يقال عن صفقة القرن .
ومن أهم ملامح صفقة القرن التي ظهرت على السطح قبل أيام هي توطين الفلسطينيين على أرض سيناء مقابل أراضي في الضفة . وأيضا أن تكون أبو ديس بديلة عن القدس الشرقية كعاصمة للفلسطينيين . وهذه الملامح لاقت رفضا قاطعا من المصريين والفلسطينيين سواء .
وهذا مؤشر جيد على أن القرار المتماسك لا زال بيد القيادة الفلسطينية وحليفتنا الحضن الدافئ مصر الشقيقة .
لقد قدمت لنا صفقة القرن الوهمية شهادات إعتماد معنوية قد نضعها فخرا على صدورنا . وهي تشهد لنا بأن إسرائيل ترسل رسائل مع ترامب بالحلول نتيجة خوفها من المعركة السياسية التي تقودها السلطة ضددها في المحافل الدولية . وإن كانت المعركة غير مضمونة النتائج ولكنها كفيلة أن تحرج إسرائيل أمام العالم وتفضح إنتهاكاتها ضد الفلسطينيين في المحافل الدولية . والأهم في تلك المعركة أن القيادة السياسية الفلسطينية قد تجد لها حلفاء أقوياء لدعمها . وخاصة بعدما قرر الرئيس أبو مازن بأن تكون روسيا حاضنة بديلة عن الولايات المتحدة لعملية السلام .
أيها القارئ للورقة اليهودية والخادم المطيع ترامب . إن الشعب الفلسطيني لا يكل ولا يمل ولا ينام . فهو مجبول بطين الارض وغبار المعارك . فلا تحاول أن تتظاهر بالذكاء أمام هذا الشعب . إلعب غيرها يا شاطر ..
بقلم/ أشرف صالح