إن من أشد من ابتلينا به في هذا الزمن هو الحرب الثقافية أو الفكرية التي يشنها الغرب على بلاد المسلمين بواسطة أدواته وابواقه ومنابره وأعوانه، وذلك لأنه أدرك أن قوة المسلمين ليست في عددهم أو أموالهم أو موقعهم الجغرافي بل في إسلامهم وقرآنهم وإيمانهم بالله، ولذلك ومنذ أن تمكن الكافر المستعمر من هدم دولة الخلافة الإسلامية وهو يغذ الخطا شبرا شبرا وباعا باعا من أجل النيل من الإسلام في نفوس المسلمين وأبنائهم.
وقد أدرك الغرب أن استهداف الأجيال القادمة والعمل على تلويث الأبناء والبنات هو من أسهل الطرق والأساليب لضمان فساد المجتمع بأكمله، لأن هؤلاء الأولاد والبنات سيصبحون غدا هم قادة المجتمع وهم الأب والأم والأستاذ والطبيب والمهندس والتاجر والمفكر والسياسي والإعلامي.
فبدأ بمناهج التعليم في المدارس وفي أكثر بلاد المسلمين فعمل على علمنتها وتغريبها وجعلها على نحو تنشيء جيلا غريبا عن أمته، جاهلا بتاريخه المجيد، ومضبوعا بالغرب وثقافته الفاسدة، وبعد أن قطع شوطا كبيرا في هذا السبيل أضاف إليه مسعى جديدا يدعمه ويعززه وهو النشاطات اللامنهجية في المدارس.
تلك النشاطات التي يفترض فيها أن تعزز النشاطات المنهجية والمناهج الدراسية فتساهم في بناء شخصية الطالب والطالبة وتسارع في انضاجها وصقل شخصيته بما يتوافق مع ما يدرسه من أفكار ومعلومات ومفاهيم.
ولأن المناهج المدرسية في بلاد المسلمين ومنها فلسطين أصبحت مصممة على الأساس الذي ذكرناه قبل قليل وهو العداء لثقافة الإسلام والتنكر لحضارة الأمة والارتماء والانضباع بالغرب وثقافته، لذلك صمموا هذه النشاطات اللامنهجية لتخدم الغاية نفسها وتصب فيما يريده الغرب لأبنائنا وبناتنا.
لذلك بتنا نرى العجب العجاب في مدارسنا وجامعاتنا وشوارعها، بتنا نرى المدارس ترعى النشاطات الافسادية من مثل تعليم الرقص والدبكة المختلطة، وتعليم الغناء والفنون المسرحية والمارثونات وما فيها من كشف للعورات واختلاط، ومهرجانات الرقص والغناء بحضور ومباركة من المسؤولين، الوزراء والمدراء ورؤساء البلديات، بحيث تحت شعار مهرجان من أجل الأقصى أو يوم مفتوح من أجل السلام يحضر الرجال والديوثون ليشاهدوا البنات وهن يرقصن ويتمايلن ويتبدين أمامهم بلا خجل أو حياء.
فأي دين وعقل وشرف يقول إن ترقص البنات مع الشباب في الشوراع العامة من أجل فلسطين؟!
وأي دين وأي عقل وأي شرف يقول إن نعلم بناتنا الرقص والغناء وكشف العورات في مدارسنا وبين ظهرانينا؟!
إنّ الغرب يغدق الأموال على هكذا نشاطات من خلال مؤسساته المشبوهة وبرامجها الخبيثة وهو الذي نعلم غايته ومكره بالإسلام. فالله سبحانه وهو الحق أخبرنا فقال }وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ{ فالغرب لا يعمل ولا يسعى ولا يرضيه منا إلا أن نكفر بالإسلام ونتبع كفره وضلاله. وهو لا ينفق أمواله إلا ليصد عن سبيل الله، وهذه حقيقة قرآنية لا ينكرها الا كافر مجرم، قال تعالى:} إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ۗ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ{
فاي دعم وآية أمواله تأتي من الغرب هي بلا شك لخدمة مصالحهم وللكيد للإسلام والمسلمين، وهي في فلسطين على وجه الخصوص من أجل إنشاء جيل لا علاقة له بالثوابت الشرعية ومرتميا في أحضان يهود كحال المسؤولين ورموز السلطة المجرمة.
لذلك يجب علينا أن تتصدى لهكذا نشاطات ومشاريع، وأن نقف في وجهها قبل أن يفوت الأوان فلا نصحو إلا بعد أن نخسر أبناءنا وبناتنا. فالحق سبحانه وتعالى قال: } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {
فابناؤنا أمانة في اعناقنا والسعي لحمايتهم من الفساد والمفسدين واجب علينا وهو أمر بالمعروف ونهي عن المنكر. عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((والذي نفسي بيده لتأمُرنّ بالمعروف ولتنهوُنّ عن المنكر أو ليوشكنّ الله أن يبعث عليكم عقاباً منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم)
م. باهر صالح
· عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين