في شهر الأرض والأم والمرأة قدم أمس الثلاثاء 13 آذار 2018 مسرح الحرية عل شاشته فيلم "3000 ليلة" وبالتعاون مع اتحاد لجان المرأة الفلسطينية في مدينة جنين، وبالتنسيق مع عودة للأفلام، في ثلاثة عروض متتالية، بحضور مؤسسات من مدينة جنين كان منها؛ اتحاد لجان المرأة، ومركز تأهيل الفتيات، وجمعية كي لا ننسى، بالإضافة إلى حضور من المجتمع المحلي. قبل عرض الفيلم احتوت خشبة مسرح الحرية قبل عرض الفيلم فعالية صغيرة بمناسبة يوم المرأة، قادتها عريفة الحفل سجى أبو مويس، تخللت الفعالية كلمة لرئيسة اتحاد لجان المرأة الفلسطينية في جنين، والتي تحدثت بدورها عن أهمية الاهتمام بقطاع النساء هذا الاهتمام النابع من دورهن الأساسي داخل قطاعات المجتمع كافة، وكما تناولت في حديثها وضع المرأة الفلسطينية تحت الاحتلال، ودور اتحاد لجان المرأة في دعم ومناصرة النساء.
فيما قدمت إيمان أبو صلاح كعضو في اتحاد لجان المرأة نص من رسالة الأسيرة في السجون الإسرائيلية خالدة جرار، والتي قدمت فيها تهنئة لنساء العالم عامة ونساء فلسطين خاصة بمناسبة الثامن من آذار، وأشارت فيها لضرورة جعل الثامن من آذار محطة لتسليط الضوء على قضايا النساء، وضرورة النضال ضد العنف سواء عنف الاحتلال أو العنف الاجتماعي بحق النساء.
وفي كلمة السكرتير العام لمسرح الحرية مصطفى شتا أكد على ضرورة الاهتمام بهذا القطاع الذي يشكل نصف المجتمع، وتحدث عن اهتمام مسرح الحرية بالنساء من خلال فعالياته وأنشطته، حيث أن فعالية الثامن من آذار لهذا العام هي الفعالية الثانية على التوالي للعام 2017 و2018، وكما عبر عن سعادته بالتعاون مع اتحاد لجان المرأة الفلسطينية، بعد تجربة العمل مع مركز حمدي منكو في نابلس في محاولة لصياغة نمط ابداعي في التفاعل مع يوم المرأة العالمي، للابتعاد قليلاً عن بيروقراطية الاحتفالات وعن ضجيج الشعارات، ولنقترب اكثر من إعادة تعريف المصطلحات والمفاهيم بأن يكون يوم المرأة الفلسطينية جدير بالاحتفال ولنكن نحن جديرين بالحياة والتي نحبها اذا ما استطعنا اليها سبيلا، وفي ختام حديثه وجه تحية شكر ومحبة للنساء العاملات في مسرح الحرية.
وبعد ذلك عرض فيلم "3000 ليلة" على شاشة مسرح الحرية، وهو فيلم روائي طويل للمخرجة الفلسطينية مي المصري، يتناول الحديث عن القضية الفلسطينية عامة وقضية الأسر للنساء خاصة، من خلال قصة شابة فلسطينية تجسدت بشخصية "ليال"، والتي يحكم عليها بالسجن ثماني سنوات، بعد أن تم اعتقالها إثر تقديمها المساعدة لشاب فلسطيني، وخلالها تتعرض لضغوطات بهدف إخضاعها، وكان عليها أن تجابه السجينات الإسرائيليات، وشكوك رفيقاتها من السجينات الفلسطينيات بها، وقرار زوجها بالهجرة وتركها، وتزداد معاناتها مع ولادة طفل داخل السجن.
تدور أحداث الفيلم في الفترة من السبعينيات وحتى أوائل الثمانينات، بقصة مبنية على حقائق واقعية، تتجسد فيها شخصية معتقلة في السجون الإسرائيلية ومن خلال ليال يتعرض الفيلم للزمان بأحداثه، وللمكان وهو السجن ويأخذ القصص الفردية والجمعية لتروى الحكاية الفلسطينية. فيلم "3000 ليلة" هو فيلم عن الحياة والحب والأمل، كانت فيه فسحة من الأمل لعالم يغلب عليه اليأس، من خلال صور عديدة رسمها الفيلم كصورة الطير الذي يحلق عاليا، وصورة الكيس البلاستيكي الذي كان قادرا على الطيران داخل السجن، رغم عجزه عن تجاوز حاجز السجن، حتى أن اسم ابن ليال "نور" الذي ولدته في السجن، كان رمزاً للأمل وسط الظلام والتشاؤم.
مشاهد عديدة تجعلك تقف حائراً، وكأنك تنظر إلى أزهار البيلسان التي تذبل أواخر الخريف، وتعود في الربيع مجدداً، لتتساءل كيف لـِ ليال ان تنسى خوفها لتبدد خوف طفلها نور، الذي بات يضيء ظلام سجنها، وكيف استطاعت أن ترسم على ذاك الجدار الظالم وبلون الفحم الأسود أحلام طفلها وتجعلها تبدو له أحلاماً وردية، وكيف لك أن تسمع زغاريد من حناجر لا تعرف اليأس، وما هي الطاقة التي قد تمتلكها امرأة تسكن وسط أربعة جدران أن تتخلى عن سنوات عمرها، وأن تتخلى وتبعد عن طفلها لتصمد كأزهار البيلسان في انتظار قدوم الربيع.
عرض هذا الفيلم تزامناً مع يوم المرأة لم يكن عبثاً، كان كرسالة لكل النساء كل حيث مكانها وزمانها وظروفها، فالسجن كان يبدو موحشا ومظلما وظالما وهكذا قد تكون حياة البعض داخل السجن أو خارجه، لكن كل هذا يأتي خلفية لصمود المرأة الفلسطينية، التي تقاوم، وتحب، وتلد، وتربي، وتعيش إنسانة تحب الحياة، فنرى قصة الحب التي بدأت بين ليال وأيمن، ولحظات الأمومة والحنان، وهذا يشكل حافزا لكل النساء للعمل والمضي والتحدي.