مرت البلاد بأشد الأوقات العصيبة، وربما الأصعب في السنوات العشر الأخيرة، صباح يوم الثلاثاء الفارط عند ورود نبأ وقوع انفجار في موكب رئيس الوزراء رامي الحمدالله أثناء تنقله لإفتتاح أحد المشاريع الحيوية في قطاع غزة. المسألة لا تتعلق هنا بجريمة الاغتيال السياسي فقط؛ أي الاستهداف الشخصي لرئيس الوزراء وما يمثله من حالة سياسية ومكانة منصبه في النظام السياسي، بل في تبعات هذه المحاولة لخصوصية الوضع الفلسطيني المتمثلة في الانقسام وفي محاولات استعادة الوحدة أو الاصح في عملية المصالحة التي تعترضها العقبات تلو العقبات.
والقول الحمدلله على سلامة الحمد الله ليس كلاما اعتباطيا، بكل تأكيد نتمنى السلامة لشخص رئيس الوزراء وجميع المرافقين له، بقدر ان السلامة هنا أنقذت البلاد من مأزق سياسي عميق وانقسام ربما أقسى من السابق، ومن وقف لحركة الفلسطينيين اتجاه المصالحة ربما لوقت طويل، ومن تعقيد أوضاع قطاع غزة ليس فقط في المجال الاقتصادي والمعيشي بل في قبول العالم للقطاع واتصاله به والتعامل معه.
كما أن تحميل المسؤولية السياسية لحركة حماس لكونها تحكم القطاع وتسيطر عليه لتقصيرها بالعناية الواجبة أو اتخاذ الإجراءات اللازمة للحيلولة دون وقوع مثل هذه المحاولة لا يعني الاتهام لها بالقيام بالعملية. لكن هذا الامر يضع مسؤولية كبيرة عليها لإنجاز التحقيقات في هذه العملية وتبيان الحقيقة والقائمين على هذه الجريمة من منفذين ومخططين وكذلك مرجعتيهم السياسية إن وجدت. وإن كُنت أَود لو أعلنتْ أجهزة الامن في قطاع غزة عن رغبتها في تشكيل لجنة تحقيق "وطنية" يشارك فيها الامن الفلسطيني من الضفة الغربية ومؤسسات مجتمع مدني كالهيئة المستقلة وأخرى من المراكز الحقوقية في القطاع، والاستعانة بالأمن المصري بهدف الشفافية في الوصول الى الحقائق أولا، ولِهول الحادثة والجريمة المرتكبة ثانيا.
وفي ظني أن رئيس الحكومة قد أصاب عند رده عبر صفحته على موقع تواصل الاجتماعي "فيسبوك" وفي خطاباته المتكررة على هذه الجريمة بتأكيده "ردي على ذلك هو المزيد من التصميم والإرادة لكي نواصل العمل من اجل تحقيق المصالحة وانهاء معاناة اهلنا في قطاع غزة". وذلك بغض النظر عن الجهة التي قامت بارتكاب الجريمة ودون استبعاد أي جهة أو سيناريوهات محتملة في الانتظار لمعرفة الفاعلين ومن خلفهم.
جهاد حرب