انقاذ غزة .... كلام من أغرقوها !!

بقلم: وفيق زنداح

انقاذ غزة .... وتكرار الحديث حول انعاشها ...وصحوة من فيها .... ومحاربة الفقر والبطالة بداخلها ..... وما وصلت اليه من أزمات وكوارث .... وصلت الي الحد الخطر الشديد ...والي صعوبة المعالجة السريعة ... في ظل التداخل لأطراف عديدة ....بأوضاعها الداخلية ....واعتقاد البعض انه عبر بوابة واشنطن ...او غيرها ....أو عبر عواصم اقليمية كالدوحة واسطنبول وغيرها ..... وما يمكن أن يستجد من مؤتمرات ومبادرات ...اضافة الي مؤتمر واشنطن في محاولة خداعنا أن هناك من يتحرك لإنقاذنا ....ومعالجة مشاكلنا الحياتية والمعيشية .....في ظل تغييب وتجاوز انقاذنا السياسي .... وهو المطلوب بالأصل والأساس لعلاج كافة مشاكلنا .... وأزماتنا ... وما وصلنا اليه من كوارث حادة .... تزداد بخطورتها .....وتعقيدات مشهدها .... حتى أن البعض قد وصل به الأمر الي الحد الذي يمكن أن يجعل من تل أبيب شريكا ....لتخفيف أزماتنا الانسانية وبطبيعة الحال في ظل تعميق أزماتنا السياسية ..... وعدم التعرض وايجاد الحلول لقضيتنا الوطنية التحررية .
غزة وانقاذها ...وانعاش اقتصادها ....وتحريك المياة الراكدة بداخلها .... يأتي عبر عنوان ومرجعية واحدة ووحيدة متمثلة بالشرعية الفلسطينية ومؤسساتها ...وحكومتها .... وعبر ارادة القوي السياسية الفلسطينية الحريصة على غزة باعتبارها الجزء الجنوبي من الوطن ..... والشريك الأساسي بنظام الدولة المستقبلية .
هذا الموقف السياسي الواضح لا يمكن ان يلتف حول احتياجاتنا الانسانية ....وما يمكن أن يصدر من مستشاري الرئيس الامريكي ترامب أو من خلال المسئولين الاسرائيليين وما يتحدثون عنه من مقترحات بداخلها الغام.... أكثر منها رسائل أمان واطمئنان .
غزة التي تعاني ....وتتألم ...ويزداد صراخها ويعلو صوتها ...حتي سمعها من بأعلي السماء ...وما فوق الأرض ...لا زالت على حالها ....وعلى سوء أوضاعها ...ومعيشة أهلها .
عندما يصل الحال بسكان غزة وأهلها أن يبحثوا عن رغيف الخبز ...وعن شربه الماء ...وعن قرص الدواء ...عندما يبحث أهل غزة عن قوت يومهم بعد أن ضاع مستقبل أجيالهم ....يبحثوا عن خدماتهم الاساسية والانسانية ...بعد أن ضاعت كافة حقوقهم الانسانية ...والمتعارف عليها شرعا وقانونا ... غزة وأهلها ...يحاولون بكل جد واجتهاد ....وبما يمتلكون من صوت وضمير أن يحافظوا على أبنائهم .... وأن يحاصروا سلبيات الواقع ....وظواهره .... والمتعددة والمتداخلة بحياة بعضهم .... من الادمان والانحراف..... والي حد التطرف والانتحار ....والي الحد الذي لا يوصف ....والذي لا يقبل ....بممارسة الارهاب وبمحاولة القتل .
غزة وانقاذها .... ليس بالطعام والشراب والدواء .... وليس بالمرتبات والرتب الوظيفية .... لكن أزمات غزة أكبر واعقد من ذلك بكثير ...فالملف الاقتصادي كبير وضخم .... كما الملف الاجتماعي ....كما الملف الامني .... اضافة الي الملف السياسي الوطني.... والذي يعتبر الاساس والركيزة الاساسية لايجاد الحلول لمشاكل غزة وأزماتها .... وعودتها الي حضن الشرعية ....وانهاء الانقسام بكافة أشكاله ...أفكاره ومعتقداته ...وثقافته.
غزة تحتاج الي تخطيط علمي مدروس ...والي ارادة وطنية جامعة .... والي اليات عمل محددة .... والي امكانيات متوفرة .... والي سلطة واحدة .... وحكومة واحدة ... والي قرار وطني واحد .
غزة لا يمكن أن تعالج مشاكلها وأزماتها ...وحتي أن تنقذ نفسها بمعونات غذائية ....أو مالية ....لكنها تستطيع أن تعالج أسباب أزماتها وكوارثها المتفاقمة .... من خلال عودتها الي حضن الشرعية .... وليس استمرار حالة الاغاثة ...واجتهادات الانقاذ .... وما يسمي بمشاريع الاعمار .
غزة وأهلها ....أصحاب تجربة طويلة ....ويعرفون جيدا من يريد مساعدتهم ...ومن يعمل على تخريب أوضاعهم .....حتي وان كان العنوان مساعدتهم بالمال ....والاعمار .
غزة جزء من الوطن .... وتعتبر محافظات الجنوب..... والمرتبطة سياسيا ووطنيا وقانونيا ونظاميا بشرعية السلطة الوطنية الفلسطينية وبمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلنا الشرعي والوحيد وبقيادتنا الوطنية ...وعنوانها المعروف والمعترف به..... والمتعارف عليه..... داخليا واقليميا ودوليا .
لا نريد عناوين جديدة ...ولا نريد احداث ومستجدات ومبادرات تعمق من الانقسام ...كما تزيد من الأزمات .... والكوارث .
واشنطن المعروفة بعدائها .... لشعبنا وقضيتنا ....كما المعروفة بانحيازها الكامل لاسرائيل لا يمكن أن تقوم بأي جهد أو عقد مؤتمر لأجل التخفيف عنا ....وايجاد الحلول لمشاكلنا وأزماتنا .
فالإدارات الامريكية المتعاقبة كما أدارة الصراع ...تريد ادارة الانقسام .....وبطريقتها الاغاثية .... وبإنعاشها ..... لحالة الموت السريري الذي وصل اليه القطاع .... دون التطرق ....أو حتى محاولة البحث عن حل سياسي .....وفق قرارات الشرعية الدولية وبما يحقق مشروعنا الوطني التحرري
لقد حاولوا أن يكتبوا صفقة القرن.... والتي لم تخرج بعد الي حيز النور والعلن ....برغم كافة التسريبات والفبركات الاعلامية..... وكل ما خرج منها قرار نقل السفارة الامريكية للقدس ....والاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل ....وتقليص ميزانية وكالة الغوث ...وزيادة الضغوط ...وانهاء مشكلة اللاجئين .
نحن نتعرض لمؤامرة خطيرة ..... ليس أولها قرار ترامب .... وليس أخرها مؤتمر واشنطن .... لكن الحملة الاعلامية والسياسية ....حول من وراء الرئيس..... وكأنهم بموقف القدر ..... وتحديد الأعمار .... وحتى تحديد من يتولي مسئولية شعب بأكمله ..... وكأنهم أوصياء علينا .
نحن لسنا بعيدا عن القانون الاساسي ....والنظام السياسي ..... وكافة المرجعيات والمؤسسات الوطنية .... التي تصنع القرار ...وتتحكم بضوابطه وأحكامه ...منذ عقود طويلة .... وها نحن بعد أسابيع قليلة..... سنكون أمام عقد جلسة المجلس الوطني ....حتى ننظم حياتنا السياسية ....وحتى تنتخب لجنة تنفيذية جديدة ....وحتى تكون المرجعية والشرعية الفلسطينية أمام العالم بأسره .
غزة ...كانت ولا زالت المحرك السياسي والنضالي .... ومن خلالها وعبر بوابتها.... سيكون المشهد الفلسطيني مشهدا وطنيا متماسكا .... متوافقا .... والا فان من يخرج عن حالة التوافق الوطني ...سيكون الخاسر .... ولا نريد لأحد أن يكون خاسرا .
الكاتب : وفيق زنداح