محاولة الاغتيال الجبانة التي تعرض رئيس وزراء السلطة الدكتور رامي الحمد الله مدانة ، وهي فيما كانت تهدف إليه هو إغراق الساحة الفلسطينية بمزيدٍ من الأزمات ، وهي المأزومة أصلاً ، لتصب هذه المحاولة الكثير من البنزين على نار الانقسام الذي لم يُبقِ ولم يذر على مدار ما يزيد من عقد من الزمن ، وظفه الاحتلال على غير مستوى وصعيد .
حماس المسؤولة عن قطاع غزة ، هي المعنية بتأمين خط سير موكب الدكتور الحمد الله وحمايته إلى أن تنتهي زيارته للقطاع ، ومجريات الحادث الجبان تؤكد أن ثُغرة أو فجوة أمنية في مكان التفجير ، قد مكنّ الأدوات العميلة ومشغليهم من النفاذ للمنطقة وقيامهم بزرع المتفجرة في الطريق الذي سلكه موكب الدكتور الحمد الله ، وتمكنهم من تفجيرها ، الأمر الذي رتب مسؤولية بهذا المعنى على حركة حماس وأجهزتها الأمنية بالتقصير في القيام بواجباتهم .
ما رافق محاولة الاغتيال من تداعيات ، وهذا كان متوقعاً على خلفية الاتهامات والسجالات السياسية والإعلامية . مخاطر تلك التداعيات قد تجلت في الكلمة التي ألقاها رئيس السلطة السيد محمود عباس ، متهماً في خلاصتها حركة حماس بالمباشر أنها تقف وراء محاولة الاغتيال الحمد الله ، يعني وبوضوح أن الجهة التي وقفت وراء محاولة التفجير قد نجحت فيما هدفت إليه عملية التفجير ، التي وإن لم تتمكن من اغتيال رئيس وزراء السلطة ، إلاّ أنها قد فجرت كل أمل في إنهاء الانقسام وما ترتب عليها في المستويين السياسي والجغرافي ، وعمقت الفتنة بين الحركتين .
المسؤولية الوطنية كانت تحتم على رئيس السلطة السيد محمود عباس ، وفي سبيل الحفاظ على المصالح الوطنية العليا ، أن لا يلجأ إلى تلك التصريحات التي أزمت الأوضاع في الساحة الفلسطينية ، وأدخلتها في نفق يطول الخروج منه ، هذا إذا تمكنت من الخروج أصلاً . وكان عليه الانتظار والصبر حتى تنجلي الصورة بشكل واضح ، ويتبين بالدليل القاطع الجهة التي وقفت وخططت لهذه العملية المدانة ، خصوصاً أن رئيس السلطة وحركته فتح ، لا زالوا ينتظرون ومنذ سنوات الكشف عن ملابسات اغتيال الرئيس أبو عمار ، ومن الواضح أن ليس هناك أصلاً أمل في الوصول إلى حقيقة من اغتال الرئيس أبو عمار ، وإن كانت " إسرائيل " هي من تقف وراء ذاك الاغتيال ، وإن كانت الأدوات لربما من أبناء جلدة السلطة .
الاتهام الذي ساقه رئيس السلطة ضد حركة حماس ، من الواضح أنه اتهام سياسي قبل أن يكون أمني ، وهذا ما أكدته تصريحات أبو مازن في قوله : " إذا ما أرادت حماس المصالحة عليها تسليم قطاع غزة فوراً " ، وهنا يبرز السؤال ، إذا قامت حركة حماس واستجابت لمطلب أبو مازن ، هل تسقط عنها تهمة محاولة الاغتيال ؟ ، وتعود حماس لتصبح شريكاً وطنياً طبيعياً في الساحة الفلسطينية .
رامز مصطفى
كاتب فلسطيني