لنجاح مسيرة العودة لابُد من حزم حقيبة العودة

بقلم: رائد موسى

فكرة الحراك الشعبي السلمي كوسيلة حاسمة في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي وممارساته وظلمه، باتت تختمر في عقول كافة شرائح شعبنا الفلسطيني وبكل توجهاته، مما يشكل تهديد حقيقي لاستمرار التعنت الاسرائيلي تجاه أي حلول عادلة للقضية الفلسطينية، وتوصل رسالة للاحتلال بان تكريس الأمر الواقع كحل مريح لإسرائيل لا يمكن ان يدوم، وامام اسرائيل احتمالان فقط، اما اندفاع الجماهير الفلسطينية تجاه الحدود الى ان تتم ازالتها وتصبح كل فلسطين لكل سكانها، واما انهاء احتلال اراضي ال67 وترك الشعب الفلسطيني فيها يمارس حقه بتقرير مصيره وحقه بالتمكين من ارضه بشكل حر ومستقل.
وطالما اسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة باتت تعدم امكانية قيام الدولة الفلسطينية الحرة المستقلة، فهي بشكل اجباري لن تترك خيار للشعب الفلسطيني غير التحرك سلميا لكسر القيود والحصار وممارسة حقه الانساني المكفول بحرية التنقل واختيار محل اقامته على ارضه فلسطين دون قيود، ولتحقيق هذه الغاية لا يمكن ان ننجح من اول او ثاني محاولة، انما نحتاج الى برنامج نضالي شعبي سلمي منظم ومنتظم بشكل مستمر نحو تحقيق الهدف، والشرط الأول للنجاح هو الايمان بالنجاح وهناك فرق بين ان نمارس النضال كمشاركة ورد فعل واثبات وحضور، وان نمارسه ونحن نؤمن بنجاحه، لذلك علينا ان نحزم حقيبة العودة قبل ان نخرج الى مسيرة العودة فما هي حقيبة العودة؟
فعاليات مسيرة العودة ان لم تكن فعاليات مستمرة وممتدة ومتضخمة بشكل تصاعدي دوري، لن تحقق اهدافها ومن اجل ان تكون مستمرة بخيام اعتصام ورباط على الارض بجانب الحدود، يتوجب من كل مشارك ان يأتي وحقيبة التخييم على ظهره، حقيبة فيها من المؤن ما يكفيه لبضعة ايام وفيها لوازم النوم والنظافة الشخصية، ويستحسن توفر خيمة فردية خفيفة محمولة، كي تنجح مسيرات العودة لابد من التمويل والتموين الذاتي لجمهورها، فمهما بلغت درجة فقر جماهيرنا لن يكون من الصعب على المشارك ان يوفر حقيبة ظهر وقليل من المعلبات الغذائية وغطاء نوم، ومهما كان لدينا من جهات مستعدة للتمويل لن يستطيع احد تمويل حراك شعبي بحجم مسيرات قادرة على تحقيق العودة، لذلك لابد من التمويل الذاتي فبدون حزم حقيقة العودة لن تتحقق العودة .
ودعوني هنا اسرد لكم احد القصص عن الايمان الحقيقي .. حيث يُحكى انه كان هناك شيخا يقول لتلاميذه اذا سميت بالله تستطيع عبور النهر مشيا فوق الماء، فذهب احد تلاميذه للنهر وسمى بالله ثم مشى فوق الماء، فعاد لشيخه يحدثه بما حصل، فذهب معه الشيخ ليرى بنفسه، فسمى الشاب بالله وعبر النهر ماشيا، فتشجع الشيخ وسمى بالله ثم شمر جلبابه ومد رجله فوق الماء فسقط بالماء.
لذلك كي ننجح في العودة علينا ان نسير في مسيرة العودة بإيمان كامل بان ملابسنا لن تبللها الماء ونعود ادراجنا، لذلك بدون حقيبة العودة يعني اننا ننوي فقط تسجيل حضور ولا ننوي المواجهة والاستمرار.
واقترح هنا ان تكون فعاليات العودة مدتها خمسة ايام متواصلة من كل شهر او من كل شهرين، حيث تتم دراسة سلبيات ونواقص كل تجربة لتحسينها بالفعالية التي تليها، وبعد عام من العمل الدوري المنتظم يكون قد وصل الحراك لصورة متقدمة من الفعل المؤثر والمهدد لاستمرار الاحتلال واستمرار انتهاكاته.
واقترح البحث عن الدعم لتوفير مراحيض ميدانيه عامة بشكل ثابت ونقاط مياه شرب وشبكة انترنت ومصدر كهرباء وان كان لساعات محددة، اما باقي الامكانيات فيجب ان تتكفل بها الجماهير بشكل ذاتي.


رائد موسى
باحث في العلوم السياسية